ارتفعت رايات الألم، ايذانآ ببدء رحلة الدم والدموع، في مراسيم مهيبة لجموع المؤمنين، تتوقت مع حلول شهر محرم الحرام، حيث تستبدل رايات العتبتان الحسينية والعباسية المقدستين، من لون الدم الى لون الحزن، مع صوت الجماهير وهي تردد”بالروح بالدم نفديك يا عراق” انه صوت الامة الهادر الذي لا يموت، كما تعالت الاصوات مرددة” لبيك ياحسين”.
في مثل هذا اليوم، انآخت خيل قافلة الحسين، وحطت الرحال على ارض كربلاء، انني اسمع بكاء اطفال رضع، من خلف الخيام، لكن مهﻵ مازال هناك ماء في اﻵنيه يروي عطشهم حتى عاشوراء، لقد سكتوا، نعم سكتوا وناموا مطمئنين، مازالت ارى الوجوه ندية، رغم تراب سفرها الطويل، لم يشحب بعد وجه الحسين واصحابه، مازال هناك ماء في القربه، ومازالت كفوف العباس في مكانها سالمة!
لم تعرف البشرية قضيه كقضية الحسين، لها هذا العمر الطويل ولم تنسى، او تندثر وتتلاشى، فتمركز منبر الحسين في زوايا التأريخ، واخذ بالعلو والتألق عام بعد عام، وكما ان القلب هو سر حياة الجسد، ونبضه هو سر ديمومة عطائه، كذلك الحسين فهو نبض اﻷمة، وبه تتجدد وتولد من جديد، فكل عام يقوم الحسين بما يعرف اليوم بتوجيه جديد للبوصلة، بما يخدم المرحلة اﻷنية.
انها مسألة نمو نحو الاعلى وترميم مستمر نحو الاسفل للكيان الاسلامي، وصيرورة لذات المبادئ.
اليوم أحاطت خيم الانصار، بخيم الحسين وآله، مشكلة خط صد أول ﻷي هجوم مباغت على عيالات الحسين، انهم حشد مقدس منذ السنه 16 هجرية، فالقوم اجداد القوم، اذ تركوا المال والعيال وألتحقوا بركب الحسين، كما ترك ابناء الحشد اليوم، اهليهم وكل علائقهم الدنيوية.
العراق اليوم كما الحسين باﻷمس، فهو باق وخالد ومنتصر، على قله ناصريه، وأحاطه الاعداء به، فالكل راهن على هزيمته، وتمزيق اراضيه، وكل مره يخسر من راهن على انكساره، انه نصر امتدت اليه ايدي السماء، فكيف ﻻيدي البشر على طمسه؟ انها ارض ارتوت بنحر سبط الرسول، فهي باقية مابقى الدهر، وللحديث بقية حتى عرس القاسم!