18 ديسمبر، 2024 9:39 م

عندما تراثنا يثير الجدل

عندما تراثنا يثير الجدل

الفرق بين القول والقائل امر مهم بالرغم من ان القول يظهر شخصية القائل ولكن بالنسبة للتاريخ ومراحل تدوينه فانه مر بفترات عصيبة من حيث الاندثار والتزوير ، واخطرها عندما يكتب التاريخ السلاطين او من يعمل في دواوينهم ، ومن هذه التوجهات ظهرت المذاهب والافكار وكل يدعي احقيته في التاريخ .

قبل ان نناقش الاخرين تعالوا نناقش تاريخنا بعيدا عن التعصب والتجريح ، ويكفينا اعتدال فقهائنا في نظرتهم الموضوعية لكتب الحديث ورجالها الامامية ، فها هو السيد الخوئي قدس سره يقول كل الكتب قابلة للنقاش فقط القران هو الصحيح من الغلاف الى الغلاف ، وهذا لا يعني طعنا بالكليني او المجلسي او الاردبيلي فلكل عالم توجهه في نقل الاخبار واغلبهم نقل كل ما وصل لهم دون البحث والتحقيق على ان تكون مرحلة ثانية لمن يتصدى لعلوم الحديث ورجاله . في اخر ايامه السيد الخوئي عدل عن رايه القائل ان كل من ينقل عنهم ابن قولويه هم ثقاة فتراجع وقال بل محل بحث اما ابن قولويه فهو ثقة

اخص بالذكر كتاب بحار الانوار هذه الموسوعة التي لا تخلو منها مكتبات الشيعة بل اصبحت ملجا وملاذ من يريد ان يطعن بالشيعة وعلماؤنا اكدوا على عدم صحة كل ما جاء في البحار ، ولكن بالرغم من ذلك لازلنا نرواح في مكاننا في مواجهة السيل العارم ممن يبغضون اهل البيت عليهم السلام واتباعهم .

هنالك روايات يكفي ان الغاية منها لاتستحق نقلها لا اقول عدم صحتها بل عدم فائدتها وفي نفس الوقت سمحت للعلمانيين والملحدين من الطعن برموزنا ، منها على سبيل المثال رواية ان البشر يحشرون عراة يوم القيامة وحديث فاطمة مع ابيها بهذا الخصوص ، نقله البحار وعنه كشف الغمة ، من يؤكد صحة الرواية ؟ هل لان النبي محمد او الامام علي عليهما السلام في سندها ، انا اسال ما الفائدة من ان ينقلا هكذا رواية بل ويسال علي عليه السلام زوجته وهل هو سيكون مع العراة ؟ انا لا اعتقد بهذه الرواية فهل اهل البيت بحاجة لنقل هكذا رواية ليستدلوا على  علو منزلة النبي واهل بيته فلديهم من الشجاعة والعلوم والحكمة والمواقف بما يغنيهم عن هكذا رواية التي استخدمها بسام الجمل في كتابه جدل التاريخ والمتخيل سيرة فاطمة ، للتشنيع والتاويل وما الى ذلك ويسال هل الغرائز ستبقى فاعلة يوم القيامة ؟

سالت مرة فقيه سيد متخصص بالرجال ما تقول في رواية سندها خمسة رجال اوسطهم غير ثقة ؟ راح يتحدث عن مطابقة الحديث القران والسنة وما الى ذلك فقلت له انا اسال اذا كان الاوسط غير ثقة الا يعتبر من نقل عنه ايضا غير ثقة لعدم تحققه ممن ينقل ؟ والا يمكن ان تكون الرواية اصلا غير صحيحة بالرغم من ان اول شخصين ثقة ؟ وسالت اخر الف كتاب بالف صفحة مستدلا على رواية قائلها غير ثقة باعتراف السيد الخوئي والجدوى من الرواية لا تنفع فقال ليس بالضرورة كل ما ينقله غير الثقة بعدم صحته .

واما الحديث عن المعاجز فانها تحدث للحظة معينة لغاية معينة وليست لاثر ابدي وبالرغم من ذلك فان هذه المعاجز في حينها او من شاهدها هنالك من ينكرها فكيف بالاحاديث التي تتحدث عن معاجز الاخرة ؟ اقول ما الغاية منها ؟ هل لاظهار منزلة صاحب المعجزة ؟ فلماذا خص صاحب المعجزة بها ؟ سيكون الجواب بما يحمل من علم وحكمة وثقافة وبعضها لدني وهنا البيت القصيد فالمفروض التاكيد على مكانة النبي او الامام بما يحمل من علوم وليس معاجز في الدنيا او الاخرة ، واكرر لست بناكر للمعاجز وان كان دس فيها الكثير اقول الغاية منها في يومنا هذا لا تتحقق وان تحققت فهي عرجاء لا تثمر ولا تنهض بثقافة مجتمع .

ان كان النبي محمد صلى الله عليه واله ابهر الناس بكلام الله وعلومه واخلاقه وقيل عنه ساحر فكيف اذا سلطنا الضوء على المعاجز فقط ؟

حقيقة ان بحار الانوار بما فيه من روايات اتاح مساحة واسعة للهجوم علينا وهناك من يخلط بين منزلة المجلسي قدس سره وبين الموسوعة والتي يقال عنها انها من جمع طلابه وهو قام بجعلها موسوعة اي انه كلف طلابه بجمع الاحاديث التي تصلهم واينما يجدونها وقام المجلسي بترتيبها .

الخاتمة لابد لنا من اظهار العلوم التي تتفق وثقافة العصر لا ان نغير ثوابتها .