23 ديسمبر، 2024 8:06 ص

عندما تدار البلد من السوشل ميديا

عندما تدار البلد من السوشل ميديا

يحكى ان رجل أحب فتاة من خلال أحد وسائل التواصل الاجتماعي، فتقدم لخطبتها وتزوجها، وبعد فترة تشاجر معها، فترك لها البيت وسافر، وطلقها من خلال صفحته الشخصية بالفيس، وبعد فترة أحد أصدقائه قام بأنشاء كروب، وجمع الأصدقاء بما فيهم الزوج والزوجة، وتم ارجاع الرجل الى زوجته، ومنذ ذلك الحين يتخاصمون فينفصلون ويتصالحون عن طريق السوشل ميديا.
الكلام أعلاه كله افتراضي، لكنه ممكن ان يكون وقع، او ربما يقع مستقبلا، فهذا وارد جدا، ولا يستغربه أحد عندما يسمع بأنه قد حدث.
لكن ان تدار البلد من خلال وسائل التواصل، ويطرح جميع ما يدار من مسائل مهمة واتفاقات عبر تلك القنوات، أعتقد ان هذا يتطلب وقفة وسؤال، لماذا يصرح المسؤول عبر تلك الوسائل؟ وما الغاية ان يخاطب العالم والشعب بأمور لا تعنيه؟ وهل ينطبق كلامه في تلك القنوات مع التصرفات الحقيقية لكتلته او تياره؟ هل يحاول المسؤول تصدير الازمات الى الشعب، والتنصل من مسؤولياته من خلال تلك الوسائل؟
قبل الإجابة على تلك التساؤلات، يجب ان نعلم ان هذا لا يحدث في جميع بلدان العالم، الا في بلدنا العزيز العراق، اما باقي دول العالم، البلدان التي تدار بدكتاتورية، قطعا لا يوجد من يعترض ويخالف الرئيس، أما في البلدان الديمقراطية، فنجد صفحات المسؤولين، بين الحين والأخر تطلق رسائل مقصودة الى دول معينة، وبكلمات محددة، يتم اختيارها بعناية ودقة، يعني بعبارة أخرى صفحة المسؤول في تلك البلدان تكون بمثابة الكتاب الرسمي الموجه، لهدف خارجي معين ودولة معينة.
أما في العراق فكل الأمور تطرح على تلك الوسائل، وكأننا في مزاد أو سباق صحفي، رئيس الوزراء يكتب، ورئيس الجمهورية يكتب، ورئيس الحزب والكيان يكتب، وكأنما الجميع يحاول ان يبرء نفسه من الفشل الذي حصل، او الذي قد يحصل مستقبلا.
فأن لامه الشعب على سوء تصرفه، او حماقته التي ارتكبها، بدلا من الإشارة الى اعتراض بشكل رسمي من خلال كتاب معين، يقوم المسؤول بالإشارة الى تغريدة او منشورة بالفيس او أي وسيلة للتواصل أخرى.
علما ان ما يكتب في صفحاتهم لا يعكس في الغالب حقيقة تصرفاتهم على ارض الواقع، انما دائما ما تكون مغايرة للحقيقة
مما يثبت ان ما يكتب في صفحاتهم، هو تسويق للشعب لا أكثر، الهدف منه إخفاء قبح تصرفاتهم، ولكونهم يدركون بأننا أصبحنا شعب نستقي معلوماتنا ونعتمدها من خلال السوشل ميديا، حتى وان كانت مخالفة لواقع نعيشه.
الغريب ان بعض السياسيين ذهب ابعد من ذلك، وراح يضع له اسم مستعار، ويخبر محبيه، بأن هذه الصفحة هي تعتبر بمثابة الجهة الرسمية للتبليغات والتعليمات التي يصدرها إليهم، وكأنه يقول لهم، سوف ازج بكم الى الموت او الهلاك من خلال اسم وهمي، وبالتالي انا ليس مسؤول عنكم
والسؤال المفتوح
كيف يمكن لدولة ان تنجح، وهي تدار من قبل عاشقي التويتر والفيس بوك؟