22 نوفمبر، 2024 10:40 م
Search
Close this search box.

عندما احترقت جذور الفكر الديمقراطي في العراق

عندما احترقت جذور الفكر الديمقراطي في العراق

عندما احترقت جذور الفكر الديمقراطي في العراق
في وضع بلدنا الحالي وبعد الاحتلال وبالنسبة للأكثرية الذين شاركوا في ما سميت بالعملية السياسية ولا زالوا مستمرين فيها ، والحديث الجاري لكل منهم هو ( بناء الديمقراطية وتناوب السلطة على أساسها ….الخ) ، ولكن العراقيين طعموا كل المر ولم يروا أي أسس لبناء الديمقراطية عملياً ، لماذا ؟ لأن المشكلة الأساسية تكمن في أن هؤلاء الساسة ارتدوا قناع الديمقراطية واستعملوه طريقاً للوصول إلى الحكم ، وهم لم يمارسوا يوماً أي نشاط سياسي يدل على معنى الديمقراطية ، حتى أن بعضهم اعتقد أنه خدع المحتل الأمريكي (وهم يعتبرونها محرراً) حيث رفعت لتبرير الإحتلال شعار : بناء عراق ديمقراطى ! دون أن يشعروا هؤلاء السادة أن أمريكا احتلت بلدهم العراق ، وكان ضمن برنامجها الثابت أن تكون هكذا كما هو العراق الآن ولأطول فترة ممكنة ، وأن كل ما يحصل في هذه المنطقة هو من إفرازات ذلك الاحتلال …

إن الذين وصلوا إلى الحكم في العراق (بعد التحرير…!) وهم (وللتأريخ عدا السياسيين الكرد الذين يعود تواجدهم في ساحة العمل السياسي إلى ما قبل 1958) من الجيل الذي مارس السياسة بعد الأحداث والتغيرات التي حصلت في العراق بعد تموز 1958 ضمن الفوضى والانقلابات التي بدأت ولم تنته إلا ليبدأ مرةً أخرى إلى 9 نيسان 2003 ! لذلك نراهم أنهم ليس فقط لم ينفتحوا على الشعب ومتطلباته فحسب ، بل (ورغم) أن فوزهم مشكوك في نزاهته إذا نظرنا إلى نتائج وكيفية وصولهم إلى الحكم حتى في ضوء الدستور الأعرج الذي يعترف كل الأطراف بأنه وثيقة مليئة بالألغام أكثر من أن يكون دستوراً شرعياً ، نقول ليس فقط لم ينفتحوا على العمل حتى في مجال الخدمات الاعتيادية ، بل عملوا لإجهاض بعض المكاسب حققت لأطراف مهمة من الشعب العراقي كتجربة إقليم كردستان أن من يتحكم الآن بمصير العراق ليسوا ديمقراطيين

فكراً وتأريخاً والأرضية التي انطلقوا منها للعمل السياسي ، وبديهي أنه لا يمكن أن يتحقق حكم الديمقراطية إلا من قبل مؤمنين بها ليس كشعار بل كمبدأ وفكر ، وأن الأكثرية المتنفذين في ساحة العمل السياسي في العراق بعد ( التحرير..! ) بعيدين كل البعد عن المعنى الحقيقي للديمقراطية ومفاهيمها على طريق تبادل الحكم حسب نتائج الانتخابات لأنهم إما طائفيين أو مناطقيين أو فئويين أو مرتبطين ( بعضهم علناً ) بإرادات خارج الإرادة الوطنية ، بل رأينا كيف أنهم عملوا المستحيل لإجهاض نتائج الانتخابات عام 2010 عندما تبين أنها تتجه نحو بناء إرادة وطنية و وكذلك بينهم سياسيين رغم أنه يدعي العلمانية والديمقراطية ولكن في كل مشكلة تواجه عمله في السلطة يقوي نفسه بالانتماءات العشائرية على طريقة ما قبل عشرينات القرن الماضي ! لذا عند وصولهم للسلطة لا يرون في الديمقراطية حقاً للجميع ، بل هي من ممتلكاتهم الفئوية .

كيف حصل هذا في العراق ؟ حصل لأن ما حدث في تموز 1958 فتح الباب إلى المجهول بعد أن أحرق جذور بناء الديمقراطية التي كانت تنمو بهدوء قبل مغامرة التغيير التي بدأت بالمغامرة العسكرية وانتهت بمجزرة دموية في 1963 واستمرت في فتح جروح كل السلبيات التي لا تؤدي إلا إلى التفرقة وتخرّج من هذه الفوضى أكثر السياسيين الذين هم الآن ماسكين بخيوط العملية السياسية !

أحدث المقالات