عندما أرادوا ترشيح الرئيس لجائزة نوبل في الاقتصاد

عندما أرادوا ترشيح الرئيس لجائزة نوبل في الاقتصاد

في التسعينيات وبعد تحويل وزارة التخطيط الى هيئة التخطيط، دعانا رئيس الهيئة حينها الى اجتماع.  

وكان موضوع الاجتماع هو اطلاعنا على خبر عظيم ، انه النية بترشيح رئيس الجمهورية لنيل جائزة نوبل في الاقتصاد !!

نعم هكذا وبكل بساطة..

السبب هو انجازه العظيم عندما اقترح ان يدفع كل مواطن يراجع اي دائرة مبلغ مئة دينار قبل السماح له بالدخول لانجاز معاملته..

قال السيد رئيس الهيئة ان ذلك الاجراء غيّر وضع موازنة الدولة من العجز الى الفائض وهو انجاز غير مسبوق يستحق جائزة نوبل في الاقتصاد…

مع ان الراتب في تلك الفترة كانت ثلاثة آلاف دينار او أقل..

حيث كان راتبي ثلاثة آلاف دينار مع خدمتي وشهادتي ووظيفتي..

اي ان أجري اليومي كان مئة دينار فقط…

ان الانسان ليصاب بالحيرة من الجهل والسذاجة التي تحكم عقول بعض الناس.  

كيف يدفع الشخص مئة دينار مع ان أجره مئة دينار؟؟؟

ثم ان منح نوبل او الترشيح لها لايتم بهذه الطريقة ، اي ان تُرسل دولة ما رسالة الى لجنة نوبل لترشيح رئيسها…

لجنة نوبل غير حكومية وهي تدرس التاريخ العلمي للمرشحين

والذين قد ترشحهم جامعات كبرى او مراكز ابحاث مهمة.

بعضهم بدأ نشاطه العلمي في عمر الثلاثينيات وحصل على نوبل في عمر السبعينيات …

يبدو ان الجهل مركب اضافة الى تملق الرئيس والنفاق السياسي..

الجهل العلمي الذي لم يستطع ادراك ان مقترح الضريبة آنف الذكر هو أمر مخزي ويدعو الى الشعور بالخجل لانه ضريبة على شعب معوز وجائع ومحاصر وانه نوع من الأتاوات القسرية التي تنم عن انفصال الحاكم عن الواقع..

اضافة الى الوجه الآخر للجهل وهو جهل قواعد الترشيح لجائزة نوبل…

ثم ان هذه الضريبة تعرضت الى سوء تطبيق اضاف لها بعداً سيئاً آخر، حيث أخذوا يطالبون حتى الشخص الذي يحضر اجتماعاً في احدى الدوائر بان يدفعها مع انه ليس مراجعاً.

(وقد حصل الأمر معي عندما ذهبت الى وزارة الصناعة لحضور اجتماع لجنة في مكتب الوكيل ولكن احد موظفي الاستعلامات وكان يرتدي اللون الزيتوني ،طالبني بدفع الضريبة وعندما اخبرته بأني عضو لجنة لدراسة مشروع يخص وزارتكم ، كرر مطالبته بالدفع واتهمني بمعارضة قرارات الرئاسة..

عندها قررت عدم حضور الاجتماع وعدم الدفع.. اتصل بي احد المدراء العامين معتذراً من سلوك ذلك الرجل ذو الزي الزيتوني سيء الصيت وقال انه رجل ريفي من حواشي بغداد ويريد أن يثبت انه مخلص للدولة اكثر من اهل تكريت.).

في البلدان العاقلة لايتم فرض اي ضريبة او رسوم الا بعد دراسة اثارها على الافراد والمجتمع والاقتصاد والنمو وكذلك

أثرها على  الاستقرار السياسي والأمني..

لذلك كله نرى ان معظم الدول الكبرى تواجه عجزاً في الموازنة ولكنها تلجأ الى الاقتراض بدل فرض الضرائب لانها تعلم عواقب ذلك على الاوضاع الاقتصادية..

فرض ضريبة بائسة على الناس ليس عملاً اعجازياً او علمياً عظيماً..