إن عملية حرق الأعلام و إقتحام المکاتب السياسية و مقار البعثات الدبلوماسية و إضرام النيران فیها بغية حرق محتویاتها من أساس و وثائق و رفع شعارات تجسد روحاً عنصرية أو شوفينية بقلوب ملیئة بالحقد والکراهية دلیل علی إبتعاد الفاعلين عن الأسلوب الإنساني والحضاري في التعبير السلمي عن إحتجاجات أو غضب.
هذه الظاهرة السلبية والخطيرة، التي تدفع الی المزيد من التطرف في التعامل مع القضایا السياسية والإجتماعية تثير الأحقاد والكراهية والنعرات والصراعات بين مکونات المجتمع.
في الدول المتحضرة تقوم الحکومات بتشریع قوانين تعاقب بالسجن لمدة تصل الی ثلاث سنوات أو بالغرامة المالية من يحرق الأعلام ويسيء للرموز الرسمية أو السيادة الوطنية المعترفة بها دستورياﹰ و دولياﹰ.
صحیح بأن النخبة العراقية المؤمنة بالديمقراطية و السلم الإجتماعي و عدد من القوی السياسية إعتبرت هذا الهجوم تهديداً “للعملية الديمقراطية في العراق” المبنية على التعددية الحزبية وحرية التعبير عن الرأي و دعت من أجل في ايقاف لهيب فتنة حرق علم كوردستان في العراق والحد من التصعيد ضد شعب كوردستان وإستنکرت الإعتداء الذي تعرض له الفرع الخامس للحزب الديمقراطي الكوردستاني في بغداد و تدنيس علم الإقليم الدستوري على يد مجموعة شبه عسكرية منضوية تحت غطاء ما يسمى بـ (الحشد الشعبي)، التي ارتكبت في أماکن أخری من العراق من الفظائع والجرائم ما يندى له جبين الإنسانية، إلا أننا نؤمن بأن النقاش العقلاني و التوعية والاعتدال والعمل علی ترسيخ مفاهيم العيش المشترك هو الطريق الأمثل للتأثير علی وجهة نظر المقابل، لا الإعتداء علی الأملاك الخاصة والعامة والتصعيد و حرق الأعلام في الشوارع و تفجير البنایات وقتل الأبرياء.
إن دق إسفين العداء بين حکومة الإقلیم و الحکومة الفدرالية بأجندات سياسية أو إنتخابية و توظيف العناصر المتسببة لزعزعة التعايش السلمي بهدف التفکك و الانحلال المجتمعي لايکتب له النجاح.
ولضمان الحفاظ على التعايش السلمي المجتمعي نری أنه من واجب حکومة السيد مصطفی الكاظمي اليوم فرض القانون وبسط سيطرتها وحماية المشاركين في العملية السياسية والترکيز علی نشر ثقافة التعددية والديمقراطية و تعضيد أواصر الشراكة والعمل السياسي المشترك وتعزيز مرتكزات بناء دولة المواطنة ومنع تغليب ثقافة القوة على الحوار، والتخاصم على التحاور وإيقاف أعمال الحرق والتخريب وسياسة تکميم الأفواه التي تمارس من قبل فصائل اللادولة العاملة لأجندات خارجية و الإستمرار علی برنامج إنهاء وجود البیئة الحاضنة للدولة الموازية والسلاح الموازي والميليشيات الخارجة عن القانون.
ختاماﹰ: إن كان النظام السياسي العراقي الحالي ليس قادراﹰ على التعامل مع هذه الهجمات والمشكلات التي تهز استقرار البلاد وإذا إستمر الوضع القائم على ما هو عليه ولم تحاسب الجناة وتقدم الی العدالة علی وجه السرعة، فلابد أن نقرأ “الفاتحة” علی روح المشروع المستقبلي لحکومة السيد الكاظمي والسلم الإجتماعي و بناء الإتحاد الفدرالي في العراق.