18 ديسمبر، 2024 7:57 م

عملية جنين الإجرامية: اوهام اسرائيلية بالقضاء على المقاومة الفلسطينية

عملية جنين الإجرامية: اوهام اسرائيلية بالقضاء على المقاومة الفلسطينية

في فجر الثالث من يوليو الجاري اقتحمت قوات النخبة الإسرائيلية مدينة جنين ومخيمها بهدف القضاء على خلايا المقاومة الفلسطينية، لكن هذه القوات؛ لم تتمكن من دخول المخيم بسهولة، بل واجهت مقاومة شرسة وقوية، حالت بينها وبين اقتحامه في الساعات الأولى، ما أجبرها لاحقا؛ على محاصرته، من ثم اقتحامه؛ إلا أن مجنزراتهم ودباباتهم وعرباتهم القتالية، وأفراد نخبهم القتالية المنتخبة فوجئت بتفجر العبوات الناسفة، وهي صناعة محلية، يصنعها المقاومون بأنفسهم من دون عون ومساعدة من أحد.الاقتحامات والقتل بحجة القضاء على خلايا المقاومة الفلسطينية الموجودة في كل مكان من أرض فلسطين وتمارس نضالها المستمر، يكشفان بجلاء ووضوح تام أهداف الاحتلال الإسرائيلي في تهويد القدس، وفي ضم أراضي الضفة الغربية؛ تمهيدا لتصفية إقامة دولة فلسطين. حكومة الاحتلال الإسرائيلي لم تقم بعمليات قتل وتدمير لكل البنى التحتية للمدن والقرى التي توجد فيها المقاومة الفلسطينية، كما تقوم بها في الوقت الحاضر، ما أقصده هنا هو ليس أنها لم تقتل الفلسطينيين شبابا وشيوخا ونساء وأطفالا، بل كانت تقوم بكل هذا، لكن ليس بهذه السعة وبهذا الخراب والدمار؛ باستخدام قوات النخبة والمروحيات والطائرات والمسيرات والجرافات، وغير ذلك من أدوات الذبح والدمار والتخريب. كل هذا الإجرام يجري أمام أنظار العالم وصمته، وأمام أنظار العرب والمسلمين وصمتهم؛ فلا صوت إلا صوت الشجب والاستنكار من غير فعل أو مواجهة. وبسبب عنف هذه العملية وقوتها ولا أخلاقيتها؛ نزح سكان المخيم طلبا لسلامة أطفالهم ونسائهم وكبار السن منهم؛ عندما طلبت منهم قوات النخبة للإجرام الاسرائيلي إخلاء منازلهم. نزوح عكسته الصور التي بثت من على شاشات القنوات الفضائية، نزوح أكثر من ثلاثة آلاف من ديارهم. صور النزوح هذه أعادت إلى الذاكرة النزوح الفلسطيني الكبير قبل ثلاثة أرباع القرن، الذي أخلى الأرض للعصابات الصهيونية؛ لتصنع الإمبريالية العالمية منهم في وقتها؛ كيانا ودولة.. فهل هذه العمليات الإسرائيلية الوحشية وما سبقها وما ستقوم به؛ مقدمات لا بد منها لإخلاء الأرض للمستوطنين، بحجة أن من حق إسرائيل الدفاع عن أمنها وعن مواطنيها، وهل هناك وراء الجدار ما وراءه من خطط خفية لا يعلم بها إلا الله.. الخارجية الأمريكية قالت في تعليقها على العملية الإسرائيلية في جنين؛ إن هذا العنف يكشف أهمية التعاون الأمني بين الاستخبارات الإسرائيلية والفلسطينية. البيت الأبيض هو الآخر قال في تعليقه على عملية إسرائيل في مخيم جنين المنهجية والمرسومة خططها وأهدافها سلفا في تصفية خلايا المقاومة، وهذا هو ما كشفت عنه إسرائيل التي قالت عنها إنها وضعت خططها منذ أكثر من سنة؛ إن من حق إسرائيل الدفاع عن أمنها. السلطة الفلسطينية في ردها على هذا الاجتياح والقتل الممنهج والهادف للفلسطينيين؛ قالت إنها أوقفت التعاون والتنسيق الأمني بينها وبين سلطات الأمن الإسرائيلية، هذا التعليق أو إيقاف التعاون والتنسيق الأمني بينها وبين الأمن الإسرائيلي، لم يكن الأول ولن يكون الأخير. إذ بعد كل عملية يقوم بها الاحتلال بالقتل وتهديم المنازل تلجأ السلطة الفلسطينية إلى هذا الإجراء وهو إجراء وقتي غير فعال أبدا، والاحتلال الإسرائيلي ومعه أمريكا يدركان ما يعنيه الإيقاف الوقتي للتنسيق الأمني. في 11 يوليو أدان مسؤول حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، ما تقوم به السلطة الفلسطينية من اعتقالات لقادة المقاومة من الجهاد، أو من بقية الفصائل الفلسطينية المقاومة للاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية.. حكومة الاحتلال الإسرائيلي، قالت إنها كانت قد أبلغت الأردن وأمريكا ومصر والسلطة الفلسطينية، أنها سوف تقوم بهذه العملية في مخيم جنين ومدينة جنين. الردود الدولية والعربية والإقليمية لم تتجاوز الرد الإنشائي، الذي تركز ما بين الشجب والإدانة والدعوة إلى ضبط النفس بين طرفي الصراع، كأن الأمر او كأن الصراع بين طرفين متكافئين وليس بين الضحية وجلادها في عملية تعمية على الحق والضمير والإنسانية.. هذه الردود الضعيفة والباهتة، وفي جميع الأحوال تشكل إدانة للضمير الدولي، الضمير الذي يتم دفعه الى الوراء عند مواجهة الظلم الإسرائيلي للفلسطينيين. كل القوى الدولية الكبرى وحتى القوى الإقليمية والأنظمة العربية، التي جميعها، تدعي؛ دعمها ومساندتها لحق الشعب الفلسطيني في الحياة الحرة، في دولة ذات سيادة، إنما الحقيقة هي خلاف هذا بالكامل. الأهم هنا؛ هو موقف النظام الرسمي العربي، الذي لم يتعدَ الرفض الخجول الباهت الذي لم يتجاوز الشجب، كما هي عادته في كل مرة يتعرض فيها شعب فلسطين للقتل والدمار، من دون إجراء فعلي وفعال يوقف الآلة الإسرائيلية من مواصلة قتل هذا الشعب وتهديم منازلهم على رؤوسهم. النظام الرسمي العربي في إمكانه إيقاف التمادي الإسرائيلي، أو على الأقل الحد منه، إذا أراد وهو لن يفعل ولا يريد ولا في نيته ان يفعل؛ بتفعيل الاقتصاد والتجارة والسياسة وما له علاقة بهذا؛ ضد القوى الدولية الداعمة لدولة الاحتلال الاسرائيلي (امريكا والغرب..) وحتى الدول الكبرى الأخرى التي تهادن إسرائيل المحتلة لأراضي فلسطين، بطريقة أو بأخرى، ولها معها علاقات اقتصادية تجارية ومالية وسياسية، وحتى علاقات تبادل للخبرات في التقنيات العسكرية بينها وبين إسرائيل (الصين وروسيا). الصين وروسيا لهما علاقات في مختلف المجالات مع أغلب الدول العربية وهي علاقات ذات منفعة كبيرة لكلا الدولتين. النظام الرسمي العربي لو اراد؛ بإمكانه؛ أن يطلب من الدولتين موقفا داعما لفلسطين وواضحا وأيضا منتجا. هذا الموقف من دولتين كبيرتين تتمتعان بالعضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي، وما لهما من علاقات مع دولة إسرائيل المحتلة؛ سوف يشكل ضغطا قويا على إسرائيل؛ يحجمها ويقلل من استهتارها بالقانون الدولي وحق الأمن والحياة للشعب الفلسطيني. في المقابل فإن وسوف تواصل طريقها في مقاومة الاحتلال فيه، بلا أدنى توقف قوى المقاومة الفلسطينية الحية؛ يجب ان تستمر في النضال والكفاح والمقاومة بالاعتماد على قدراتها الذاتية على قلتها؛ إذ، في هذا الوضع الدولي والعربي والاقليمي ليس أمامها من طريق إلا هذا الطريق وهي بالفعل مستمرة فيه، حتى وهي تحت حراب الإجرام الاسرائيلي الذي يضيق الخناق عليها، بقدراتها الذاتية حاليا.. سرايا القدس أعلنت في بيان لها بعد انسحاب قوة الإجرام الإسرائيلية؛ عن تمكنها من قتل جندي إسرائيلي. كتائب القسام في الضفة هي الأخرى في بيان متزامن لها مع بيان سرايا القدس، بينت أنها تمكنت من قتل جنديين إسرائيليين، وأنها كانت قد خاضت معارك عنيفة مع قوة الإجرام الإسرائيلي بالسلاح المباشر وبالعبوات الناسفة. هذه المعارك خاضها الفصيلان بقدراتهما الذاتية. شاب فلسطيني مقاوم، في العشرينيات من العمر، لا يملك من السلاح إلا سلاح الثأر لضحايا الإجرام الإسرائيلي في مخيم جنين ومدينة جنين، من الأطفال والنساء والشيوخ العزل من السلاح، وبمدية ليس إلا، وحراب قوات النخبة الإسرائيلية الإجرامية تواصل عملية القتل والدمار في مخيم جنين ومدينة جنين؛ قام منفردا من دون عون ومساعدة في مهاجمة الإسرائيليين في تل أبيب وتمكن من إصابة عشرة منهم، اثنان منهم بحالة خطرة، ليقتل في حينها بإطلاق النار من رجل أمن ومستوطن. هل سأل الضمير العالمي والعربي والإقليمي؛ ما الذي يدفع بهذا الشاب وهو في العشرين من العمر، ويعرف تماما أنه سوف يتم قتله، بشكل آو باخر وبصورة أو بأخرى؛ على القيام بما قام به؛ أليس هو الظلم، أليس هو التضحية من أجل الحياة، حياة إنسانية مستقرة ومشرقة بالآمال والحياة الأفضل في دولة فلسطينية ذات سيادة، لها وجود واستقلال؛ يحظى بالاحترام العربي والاقليمي والدولي.