سأحاول في هذا المقال الاجابة عن تساؤل واضح يتعلق بحالة الشرذمة التي يمر بها المعسكر الداخلي وعلى النطاق القيادي بالتحديد.
لم تمر حالة من اللاقيادة واللاتخطيط على واقع اهل السنة كهذه الحال، الرؤوس كثيرة ولا اجماع على واحد منها، ويتفائل احيانا بعض العاطفيين حين يرمون صالح المطلك رضي الله عنه وجمال الكربولي قدس الله سره، في خانة القيادات السنية القائمة بالليل الصائمة بالنهار، وما دروا ان العلة كما كانت تقول جدتي رحمها الله: (المبلع صحيح، والعلة بالركبك).
كاريزما القيادة..
لعلي اكون متابعا جيداً، فبعد عدنان الدليمي لم تأت شخصية تملئ العين، الا واحداً، كانت بدايته مناطقية ثم سرعان ما تحول من مناطقيته الى عراقيته ولعلي وبعض القراء يشاركني الرأي انه أسامة النجيفي بما يملكه من حضور وأرث تأريخي، وسمعة طيبة، وعمل سياسي مشرف بعد 2003.
سياسة الحزم الغائبة..
حدث بعض من كان يعمل اداريا مع النجيفي، انه في حال أمر بأمر ووقع عليه يكون داخلا حيز التنفيذ، ولم يعرف التردد او التراجع في اي قرار اتخذه، وكانت (الحدية) الايجابية هي من يدير الجلسات في الفترة المنصرمة، تاركاً وراء ظهره سياسة مسك العصا من الوسط و(الطبطبة) على ظهر الخصوم والاصدقاء، بل كانت تلك الحالة الصحية التي عاشها البرلمان واصبح فيها معسكرا للضبط، يعرف كل واحد من النواب حقه ومستحقه، ولعل الظاهرة الان ليست كذاك، فسياسة رفع الجلسة هي الطاغية، وتمرير غير المتفق عليه هو الاصل، والاتفاق الجانبي (الشرعوي) لبقاء الرئيس هو الأساس الذي يحيا ويعيش به مجلس النواب اليوم ولعله لا يستمر طويلاً.
أسامة ونينوى..
كما نعلم أن نينوى ثاني اكبر محافظة سكانية بعد العاصمة بغداد وفيها 34 نائبا كان غالبيتهم في الدورتين الثانية والثالثة للنجيفي لحكمته في ادارة ملف نينوى والانتخابات، والتعاطف الشعبي العام معه، ولعلنا نتكلم عن ارقام شخصية عالية يحصل عليها بمفرده، أما الانتخابات البرلمانية الاولى فأتى بالمركز الثاني لان اهل نينوى لم يكونوا الا حديثي عهد بالتجربة الديمقراطية وقد وجدوا في الخطاب الديني المجرد وقتها منفذا لهم ومخلصا لمشاكلهم، وقد رجعوا الى جادة الصواب عندما وجدوا أنفسهم (يثردون بصف الماعون) او (يغردون خارج السرب).
اسامة يمتلك قاعدة شعبية واسعة وبامكانه ان يتصدر الموصل متى شاء وبالطريقة التي يريد لأنه يعمل بتخطيط وإتقان، مبتعدا عن العشوائية وردة الفعل التي كانت في فترة من الفترات ديدن الاحزاب السياسية الاسلامية التي كانت تحرك الجماهير بالعاطفة المجردة.
لن أكون متفائلا..
تجربة التكاملية في العمل السياسي السني مرفوضة لان القاعدة المعكوسة المنكوسة رأيي صواب لا يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ لا يحتمل الصواب هي النبراس الذي يسير عليه بعض من ينتمون للاحزاب الاسلامية، فطالما حاولوا اقصاء اسامة بحجج واهية لا تنطلي على السذج، ونسوا او تناسوا ان اسامة كان احد افراد الحركة الاسلامية، وما زال يتواصل مع بعض المنصفين من ابنائها، ممن يتكلمون الحق، وهم ينقمون على الحالة المأساوية التي تعيشها الحركة بشقيها السياسي والدعوي.
ولا زلت اذكر عملية تسقيط داخل مؤسسة اعلامية تتبع لاحدى الحركات الإسلامية، كانت تستهدف اسامة على وجه الخصوص، وعندما تكلم بعض المنصفين معهم، لم يجدوا الا حججا واهية تعيشها تلك المؤسسة بما عشعش من أفكار بالية في رأسها، طبقها التابع وفق رؤية المتبوع وعلى قاعدة (نفذ ثم لا تناقش) وكن (كالميت بين يدي مغسله).
مؤتمر روسيا والانتقادات..
صلب موضوع ما تم توجيهه من اتهامات الى نائب رئيس الجمهورية يتعلق بانسحابه من مؤتمر حضره رئيس الكيان الصهيوني، ولعل مربط الفرس الادق في الحالة حضور شخصيات كبيرة ومنها اسلامية قبل فترة مؤتمرا في البحر الميت بحضور رئيس الكيان الصهيوني ولم ينسحب احد من الوفد العراقي الا ما قيل عن نائب رئيس الوزراء بهاء الاعرجي، وكأن اصحاب الانتقاد منزعجون لان بعضا من الاسلاميين لم ينسحبوا من البحر الميت.
وهنا موقف نسجله للنجيفي، فعداوة العدو الصهيوني متأصلة في نفوس العراقيين، كيف لا، والمسجد الأقصى المبارك اسير عندهم، ربما لو كانت الاوضاع الامنية مستقرة لحد ما، لكان في استقبال النجيفي مئات الآلاف ممن يؤيدوا موقفه الرافض لحضور شخصية قتلت الاطفال ويديها ملطخة بالدماء.
المأجرون قصة قصيرة جداً
اجانب الصواب حقاً ان قلت ان هذه الحملة التي تشن على النجيفي باسماء كثيرة هي غير منظمة، بل هي مرسوم لها من كتابة المقال الى التعليق الى المداخلات الى الاعجاب والمشاركة وهكذا، ولعل اختيارات معينة تجعلك تدرك حقيقة بمعلومات لا تقبل الشك ان هذه الاقلام قريبة من احد التيارات التي تتبوأ منصبا مهما في اركان الدولة العراقية، لان التسريب المعلومات الدقيقة اصبح سمة واضحة والحوادث كثيرة.
يبقى السؤال الذي يطرح نفسه من جديد حول المضي قي حالة الشرذمة ولن نجد اجابة لها..