23 ديسمبر، 2024 4:02 ص

عملاق المادِّة الرأسمالي يقود الحروب ويستعمر الشعوب ويستعبِدَها

عملاق المادِّة الرأسمالي يقود الحروب ويستعمر الشعوب ويستعبِدَها

نتحدث هنا عن أفظع وأقسى المآسي والويلات التي أنتجها النظام الديمقراطي الرأسمالي المتمثلة بتسويغ وتبرير هذا النظام لنفسه غزو واحتلال البلدان واستعباد الشعوب للسيطرة على ثرواتها ومواردها الطبيعية، فقد عرفنا أنَّ الحرية الاقتصادية التي أقرَّها هذا النظام قد تمخَّضت عن بروز فئة الأثرياء (الأقلية) وسيطرتها على المال و الحكم والسلطة، فانَّ الأثرياء وبحكم عقليتهم المادية البحتة وبدافع من نزعتهم النفعية وتحيقيق مصالحهم الشخصية سيطمعون بالحصول على مناطق نفوذٍ جديدةٍ فيبادرون الى غزو واحتلال البلدان واستعباد شعوبها من أجل السيطرة على المواد الاولية المتوفرة في تلك البلدان والتي تعتبر عاملًا رئيسًا لزيادة الطاقة الانتاجية لفئة الأثرياء فكلما زادت تلك المواد ارتفعت الطاقة الانتاجية، وكذلك لكي تكون تلك البلدان سوقًا لتصريف السلع والمنتجات بمختلف أنواعها، وبذلك أعطت هذه العقلية المادية الرأسمالية الديمقراطية لنفسها المبررات والمسوغات لغزو واحتلال البلدان للسيطرة على مواردها الطبيعية و جعلها سوقًا لتصريف وترويج سلعها ومنتجاتها، وهذا ما شخَّصه الأستاذ الصرخي في كتابه (“فلسفتنا” بإسلوب وبيان واضح)، (الحلقة الأولى)، (الإسلام ما بين الديمقراطيّة الرأسماليّة والإشتراكيّة والشيوعيّة) فكان مما جاء في هذا السياق قوله:

« الحلقة 5 : عملاق المادِّة الرأسمالي يقود الحروب ويستعمر الشعوب ويستعبِدَها.

المطلب الثاني: تسويغ الرأسماليّة لنفسها الغزو وصبّ الويلات ونصل هنا إلى أفظع حلقات المأساة التي يمثِّلها هذا النظام؛ فإنِّ هؤلاء السادة الذين وضع النظامُ الديمقراطي الرأسمالي في أيديهم كلَّ نفوذ، وزوَّدهم بكلِّ قوِّة وطاقة، سوف يمدِّون أنظارهم- بوحي مِن عقلية هذا النظام- إلى الآفاق، ويشعرون بوحي مِن مصالحهم وأغراضهم أنِّهم في حاجة إلى مناطق نفوذ جديدة، وذلك لسبيين:

الأوّل: أنَّ وفرة الإنتاج تتوقِّف على مدى توفِّر المواد الأوِّلية وكثرتها، فكلِّ مَن يكون حظِّه مِن تلك المواد أعظم تكون طاقاته الإنتاجيِّة أقوى وأكثر، وهذه المواد منتشرة في بلاد الله العريضة وإذا كان مِن الواجب الحصول عليها، فاللازم السيطرة على البلاد التي تملك المواد، لامتصاصها واستغلالها.

الثاني: أنَّ شِدَّة حركة الإنتاج وقوِّتها بدافع مِن الحرص على كثرة

الربح مِن ناحية، ومِن ناحية أُخرى انخفاض المستوى المعيشي لكثير مِن المواطنين بدافع مِن الشره المادِّيِّ للفئة الرأسماليِّة، ومغالبتها للعامِّة على حقوقها بأساليبها النفعيِّة، التي تجعل المواطنين عاجزين عن شراء المنتجات واستهلاكها، كلِّ ذلك يجعل كبار المنتجين في حاجة ماسِّة إلى أسواق جديدة لبيع المنتجات الفائضة فيها، وإيجاد تلك الأسواق يعني التفكير في بلاد جديدة.

وهكذا تُدرَس المسألة بذهنيِّة مادِّيِّة خالصة ومِن الطبيعي لمثل هذه الذهنيِّة، (التي لم يرتكز نظامها على القِيَم الروحيِّة والخُلُقيِّة، ولم يعترف مذهبها الاجتماعي بغاية إلِّا إسعاد هذه الحياة المحدودة بمختلف المتع والشهوات)، أن ترى في هذين السببين مبرِّرًا ومسوِّغًا منطقيًّا للاعتداء على البلاد الآمنة، وانتهاك كرامتِها، والسيطرة على مقدِّراتها ومواردها الطبيعية الكبرى، واستغلال ثرواتها لترويج البضائع الفائضة، فكلِّ ذلك أمر معقول وجائز في عرف المصالح الفرديِّة التي يقوم على أساسها النظام الرأسمالي والاقتصاد الحرِّ»،انتهى المقتبس.

مظاهر الغزو والاحتلال واستعباد الشعوب حافل بها التاريخ البشري وواقعه المعاش وغير خافية، هذه هي الديمقراطية الرأسمالية وهذه بعض مآسيها وويلاتها التي صبَّتها على الشعوب والبلدان تلبيةً لوحي عقليتها المادية البحتة والمجردة من اي اهتمامٍ أو مراعاةٍ للقيم الخُلُقية والروحية ولم ترتكز عليها، وارضاءً لرغباتها ونزعاتها ومصالحها الجامحة الشخصية الفردية.