ينظر الكثيرون إلى أن داعش ما هي إلا عصابة من الأوغاد المجرمين القتلة وربما بعضهم مأجور وغيرهم مدفوع أو مخدوع. ولكن ببساطة ما هو فكر داعش ومن أين جاءوا به.
ليس الدين وحده هو الغاية تجاه ما يفعله الدواعش بل فرض الهيمنة العسكرية والسيادة القانونية على المناطق التي تقع تحت سيطرتهم. والسبب في قتالهم وقتلهم وحرقهم الأخضر واليابس بلا رحمة ولا شفقة هو مبدأ يستندون عليه وهو أن المحتل كل المحتل لم يأتي بخير لأرض العرب أو أرض المسلمين، إنما كلما جاء قتل ودمر وخرب وأشاع الفوضى حتى يتمكن من التغلغل والسيطرة وإحكام قبضته على المكان الذي يقاتل فيه ومن ثم انتزاع وامتصاص ثرواته وخيراته وجعلها نهبا للصوص والسراق ولكل طارق، حتى إذا ما شعر بالخطر عاد وقتل ونكل وشرد وعذب المخالفين ثم استمر في حكمه.
من جهة أخرى، بعد طول السنين التي عاشتها دولنا تحت رعاية أو وصاية أو احتلال فعلي لدولنا، كان دائما الدين محارب بطريقة مباشرة أو غير مباشرة وبشتى الوسائل وحديثا الإعلام – كتلفزيون او انترنت او بقية الوسائل – يقوم بهذا الواجب على أفضل صورة سواء ما قاد الى التفرقة الطائفية أو الإلحاد. لذا فان الناس بدأت بالابتعاد عن دينها بل ربما التنكر له وإرجاءه خلف ظهورها لتتعامل معه كموروث تاريخي لا معنى له في واقعنا الحديث.
من اجل كل ذلك، فان الدواعش ومن قبلهم القاعدة، واخص بهم المغرر بهم -لا القيادات التي تعرف ما تفعل – يقاتلون بنية استعادة السلطة على الأرض وفرض السيادة عليها وإطلاق الشعائر الدينية بحريتها ليمارسها الجميع على أرض كانت يوما أرض المسلمين.
لا ينفصل عن كل ذلك الاختيار المشئوم لإحدى الفرقتين الوهابية أو الصفوية دون المذاهب الأربعة والجعفرية وغيرها من المذاهب الموغلة في العمق التاريخي والوضوح والتسالم مع بعضها حتى في الاختلاف، هاتان الفرقتان لا زالتا تتصارعان ندا لند منذ عشرات السنين وأكثر. فالتدعيش لم يختص بمذهب لوحده بل هو فكر عسكري سلطوي ذو منشأ ديني.
تعاليم كلا من الوهابية والصفوية حادة جادة تكفي لان تحول الإنسان الفكه المرح إنسانا تعيسا يرى الدنيا سوداء قاتمة، صارمة بقدر يكفي لان يحارب الابن أباه أو يقاتل أخاه، وقح لدرجة إمكانية الغدر حتى بجاره لو استلزم الأمر، وكله تحت ستار مبرر الفعل والنتيجة وكله مستند على إحداثيات وروايات دينية حتى لو كانت خاطئة أو ضعيفة أو مقتطعة، لا يهم، فالغاية تبرر الوسيلة والميكافيلية حاضرة لتبرير الهدف الأسمى.
نختصر الهدف الأسمى لديهم وفق فهمي لهم بالتالي: لنعمل بكل الوسائل والطرق الممكنة وحتى غير المعقولة، ولنعمل القتل والتخريب لكل من كان معينا للمحتل وللمخالف للدين (الفرقة الدينية حصرا)، وليعم الخراب والدمار الذي يمكن أن يأتي به أي محتل دون حول ولا قوة ولا حيلة لدفعه من قبل الواقعين تحت تأثير ذلك الاستعمار، ثم من بعد ذلك تخلو لنا الساحة وننتصر ونعود فنبني ما حاق به الدمار ولكن بأيدينا وبأموالنا ووسائلنا، ثم نعود لنتعاون مع الدول المستعمرة نفسها ولكن من منطلق القوة والسيادة على الأرض وبشروطنا ومعتقدنا، ونريح الناس من عبئ عشرات السنين من ارث الاستعمار، ولنعلي فوق تلك الأرض راية الإسلام (احدى الفرقتين)، ولياتي ليعيش بيننا من يريد سواء من أقليات أو من أجانب ولكن وفق تعاليم الدين الذي هو خاتم الأديان.
هذا موجز مختصر لما يفعله الدواعش وصفوية إيران في العراق والعصائب والقاعدة وكل الجهات المسلمة المحاربة بالإضافة إلى معتقد المهدي والظهور المضاف هنا والمختلف على صيغته هناك.
كلها فئات مسلمة عنوانا ومحاربة وليست مجاهدة ولا تعرف عن الجهاد شئ سوى القتل الميكافيلي….. تختلف معهم تتفق معهم.. هكذا ضحكوا ويضحكون على شباب المسلمين! وهكذا يتم تخريب بلادنا من أجل أن تأتي دول الإستعمار نفسها لتنقذنا من داعش وماعش وتعيد فرض سيطرتها علينا بنداء نحن نطلقه لأجل فك أسر أوطاننا ممن يفترض أنهم أبنائها !!