23 ديسمبر، 2024 6:48 ص

عمق الدولة النفطية

عمق الدولة النفطية

حسنا فعل البرلمان العراقي، وحسن فعل رئيس الوزراء حيدر العبادي، حين اعتمد على عادل عبد المهدي واختاره وزيرا للنفط، وهو ما يؤشر لدينا ان الامر قد ذهب الى ان الدولة العراقية بدأت تبحث عن رجال للعمل، كما عليها ان تطوي مرحلة البحث عن عمل للرجال، وهو منهج بطبيعة الحال خاطئ ويقود لنتائج سلبية تؤثر على مسير الدولة.

قبل عدة ايام طالب بعض رجال السياسة، ان نعود لعهد السبعينات وبداية الثمانينات حينما كانت لدى العراق صناعة معتبرة، وتجارة جيدة وزراعة محترمة ونادرة، تصوروا انهم طالبوا بالرجوع الى القرن الماضي، بينما نحن نتجه لعصر السرعة وظهور اجيال التطور بانواعها.

مقارنة بسيطة بين وزارتي الكهرباء والنفط، سنكتشف هوائل ونستمع للعجائب، فالكهرباء التي بقيت كالقمر المنتظر كماله الذي لن يأتي، باتت عصية على الظهور بمظهر محترم بلحاظ اختفاء ساعات وطنيتها والاكتفاء بالسويعات التي يمن بها اصحاب القرار مالكي المولدات الاهلية، بينما لو وضع ميزان حسنات الكهرباء مع ميزان حسنات النفط، ستميل الكفة نحو الاخير، الامر الذي يدعونا للنقاش وطرح الاسباب وتحليل ما جرى.

عادل عبد المهدي رجل الاقتصاد المتتلمذ على ايدي امهر الاقتصاديين الفرنساويين، والخبير في الشؤون الفنية، لم نعرف عنه حزبيته، او تمسك بالفئوية الضيقة على حساب الوطن، فعبد المهدي اعلن قبل ايام ان العراق سيكتفى من الغاز وانه سيستثمر الغاز الطبيعي بعد ان اوقف اهدار الغاز، خلافا لما كان معمولا به سابقا، فاستحاثه لمنصب وكيل الوزارة لشؤون الغاز لم يأتي اعتباطا او شكليا او ليبحث عن عمل لرجال، بل حل اشكال تاريخي وهو تأخر العراق عن استغلال ثروته الغازية، سيما وان العراق سيزيد من انتاج زيادة الغاز المصاحب والحر الى حدود 4000 مقمق/يوم(اي ما يعادل 640 الف برميل/يوم)، خلال الاعوام القليلة القادمة فعمل على الاهتمام بزيادة انتاج الغاز الجاف، وايقاف حرق الغاز.

لا نقصد بمقارنة النتائج بين وزارتين، ولا نستهدف وزيرا معينا بقدر رغبتنا بان ندعو المعنين للبحث عن رجال للعمل والابتعاد عن بحث عمل للرجال، فهذه طامة والطامة الكبرى ان العمل يكون لقيادة وزارة مهمة، يعتمد على مخرجاتها العراق.

تجربة عبد المهدي رغم حداثتها، الا انها اثبتت ان الدولة بحاجة الى من ينهض بها هي لا ان ينهض هو واقرباءه من الراسخون بالحزبية.