22 ديسمبر، 2024 7:15 م

محو الامية تتوطن في البلاد

محو الامية تتوطن في البلاد

تتضارب الاحصاءات بشان اعداد الاميين في البلاد , رغم وجود جهاز مركزي للاحصاء تابع لوزارة التخطيط ووزارة تربية الا انهما لا يملكان احصاء دقيقة عن الظاهرة , وتقدرها جهات مختلفة بالملاين , فهي تختلف بين تصريح واخر , وحسب ما ذكر تتراوح بين (5-12 ) مليون مواطن , لا احد يوجعه قلبه من مسوؤل او جهة ذات علاقة ان تضع برنامجا لجرد هذه الطاقات المعطلة عن المساهمة السليمة في بناء البلاد وتنميتها . أي ظاهرة مهما كان نوعها اذا اردنا معالجتها والتخلص منها او الاشتغال عليها سلبا او ايجابا لابد من الاحاطة بها ومعرفة حجمها والا يصبح الحديث والعمل عليها من دون مردود جدي , ولا يحقق الاهداف المتوخاة منه , وهدر للطاقات باشكالها وانواعها .

وهذا واقع الحال اليوم لمكافحة الامية , وتؤكد الامم المتحدة ” ان العراق يتجه نحو الامية وليس الامية ” , اولى الاشكالات والمعوقات التي تقتضي الضرورة الالتفات اهي ليها رصد التمويل اللازم في الموازنة للتعليم بجميع مراحله , على الاقل اسوة بدول الجوار , لانقاذ التعليم من انحداره وتدهوره نحو الهاوية وايقاف تسرب الاطفال في سن الدراسة من المدرسة والالتحاق بسوق العمل قبل الاوان وبالتالي تجفيف هذا الرافد الخطير مهمة وطنية للحكومات واولوية في برامجها , وذلك بتطبيق قوانين التعليم الالزامي وتعديلها لجهة تشديد العقوبات الواردة فيها على المتخلفين عن الالتحاق بالدراسة , الى جانب حرمان الاميين من فرص العمل في دوائر الدولة ومؤسساتها ليكون ذلك وسيلة وترغيب للالتحاق بمدارس محو الامية ونبذ التسرب قبل مرحلة معينة من الدراسة .

ان وجود 12 مليون شخص من الاميين يشكلون بحد ذاتهم شعب , اكبر من بعض الشعوب في المنطقة , فان ايلائهم الاهتمام الكافي بمكافحة اميتهم له مردودات كثيرة اقتصادية واجتماعية ونفسية ..تفعل فعلها في تقدم البلد والنهوض به وتنميته ووضعه على سكة التقدم وانتشالهم من الفقر والعوز البغيض. وبين الرقم اعلاه والمستفيدين من مراكز محو الامية الذين يقدر عددهم ب 9 الاف مستفيد بون شاسع يوضح تأخر المعالجة وتردي العمل بهذا المجال ولا يتناسب مع الطموح المنشود .

ان بقاء الحال على ما هو عليه لن يسفر ابدا عن تقليص اعداد الاميين ناهيك عن القضاء على الامية والارتقاء بمستوى الوعي لدى هذه الشريحة من المواطنين ونيل حقهم في التعلم وايفاء الدولة بواجباتها ازاء هم .

كثير من الشعوب واجهت مختلف المحن والكوارث التي اصابتها على مر تاريخها بالاعتماد على حملات وطنية يشترك فيها ابنائها وحشدت الطاقات لها وابتداع طرق غير مطروقة لمواجهتها والتخلص منها , فما احوجنا اليوم الى حملة وطنية لمكافحة الامية يشترك فيها طلاب الجامعات والمعاهد والمعلمون في العطل الصيفة والموظفون في دوائرهم يفتتحون صفوف لتعليم الاميين , الى جانب تحفيز منظمات المجتمع المدني لاداء دورها بهذا الشان الوطني .