منذ ان اعلنت غالبية القوى والاحزاب الكوردستانية في اجتماع لها برئاسة السيد مسعود بارزاني رئيس اقليم كوردستان في بداية حزيران الماضي يوم 25 من ايلول المقبل موعدا لاجراء الاستفتاء في اقليم كوردستان ، اعقبتها ردود افعال كثيرة محلية واقليمية ودولية فضلا على الكثير من تصريحات لسياسيين والمعنيين بالشأن العراقي والكوردستاني ، من بين الشخصيات السياسية العراقية التي كان لها رد فعل سلبي ويمكن ان نسمه بالاستفزازي هو السيد عمار الحكيم رئيس التحالف الوطني الشيعي الذي اعلن عبر حوار تلفزيوني مع قناة ( اون لايف المصرية ) معارضته للاستفتاء وقال : أنه لا يعرف دولة غير إسرائيل يمكن أن تعترف بالدولة الكوردية في حال قيامها، مضيفا إن “الظرف الراهن لا يساعد على قيام الاقليم لا من حيث التركيبة الداخلية لكوردستان وحجم الاشكالات الأقتصادية والأمنية والسياسية التي يواجهها الأقليم ولا من حيث المعادلة العراقية والظروف الهشة ولا من حيث الظروف الاقليمية والدولية “.
لا يخفى على احد ان غالبية الاحزاب والقوى السياسية العراقية وقادتها يعملون على وفق ضمان مصالحهم عبر تنفيذ اجندات اقليمية تدعمهم لبسط نفوذهم على الساحة العراقية وعندما تصل الامور الى تضرر المصلحة الحزبية ، يعملون المستحيل من اجل الحفاظ على بقائهم و وجودهم السياسي ، ومن حيث المبدأ يعد هذا حقاً مشروعاَ في العرف والعمل السياسي.
لاشك في ان ايران هي من بنت اللبنة الأولى للمجلس الأعلى الاسلامي العراقي و ورث السيد عمار الحكيم قيادة المجلس عن والده وعمه الراحلين وبقي على رأس الهرم حتى قبل ايام عندما تسربت انباء عن وجود خلافات حادة بين قيادات المجلس بسبب التنافس بين القيادة الشابة و كبار السن ان صح التعبير على تولي المراكز المهمة وتقسيم الادوار بينهم.
السيد عمار الحكيم عندما رأى ان البقاء على رأس هرم المجلس ليس في صالحه ولا يمكنه الاستمرار في قيادته وان يكون سيدا على القرار بسبب الخلافات الشديدة وتقاطع المصالح بين المتنافسين ، ارتأى ان يعلن انفصاله عن المجلس الأعلى الاسلامي العراقي والتسريع ببناء او تأسيس تشكل سياسي جديد بقيادته تحت مسمى تيار الحكمة الوطني ، ليبدأ مشواراً سياسياً جديداً يتطابق مع المرحلة الجديدة لتحقيق مصالحه وضمان مستقبله السياسي ، اذن هو اعطى هذا الحق لنفسه كشخص على هرم تنظيم سياسي ليحقق ما يصبو اليه والوصول الى الاهداف والغايات التي يتبناها مستقبلا ، في حين يستكثر على الشعب الكوردي ، عندما يريد اجراء استفتاء بشأن تقرير مصيره في ايلول المقبل ، هذا الشعب الذي تعرض الى عمليات الابادة الجماعية علي يد الانظمة المتعاقبة على حكم العراق واليوم يتعرض الى شتى الممارسات والتهديدات والضغوطات ولاتزال حقوقه مغموطة ويتعرض الى الابتزاز حتى على قوته اليومي عبر قطع حصته من الموازنة العامة وتجويعه وسحب المناصب منه لارغامه على الخضوع والخنوع.
هنا سؤال جوهري يطرح نفسه وهو كيف يعطي السيد عمار الحكيم الحق لنفسه كشخص للحفاظ على مصالحه ومستقبله السياسي ان ينفصل عن تنظيم سياسي عمره اكثر من اربعة عقود واتخاذ قرار الانفصال عن رفاقه من دون حتى استفتاء من قاعدته الجماهيرية ، في حين يستكثر على اكثر من خمسة ملايين مواطن كوردي ان يقرروا مصيرهم ويرسموا مستقبلهم بعد ان يئسوا من نيل حقوقهم في ظل العراق الجديد الذي قدم له الكورد على مدى قرن كامل تضحياتاً جساماً ونهراً من الدماء؟