23 ديسمبر، 2024 11:01 ص

عمار الحكيم متهم أيضاً

عمار الحكيم متهم أيضاً

حينما ولي الخلافة عمر بن عبدالعزيز، وفدت الوفود من كل بلد لبيان حاجاتها وللتهنئة، فوفد عليه الحجازيون، فتقدم غلام هاشمي للكلام، حديث السن، فقال عمر: لينطلق من هو أسن منك.
فقال الغلام: أصلح الله الأمير، إنما المرء بأصغريه قلبه ولسانه، فإذا منح الله عبداً لساناً لافظاً، وقلباً حافظاً، فقد استحق الكلام وعرف فضله من سمع خطابه، ولو أن الأمر يا أمير بالسن لكان في الأمة من هو أحق بمجلسك هذا منك.
فقال عمر: صدقت، قل ما بدا لك.
فقال الغلام: أصلح الله الأمير، نحن وفد تهنئة لا وفد مرزئة، وقد أتيناك لمنَّ الله الذي منَّ علينا بك، ولم يقدمنا إليك رغبة أو رهبة، أما الرغبة فقد أتيناك من بلادنا، وأما الرغبة فقد أمنا جورك بعدلك.
فقال عمر: عظني يا غلام، فقالحديث موعظة،ثم سكت.
فقال عمر: كم عمر الغلام، فقيل له: ابن إحدى عشرة سنة، وسأل عنه فإذا هو من ولد سيدنا الحسين بن علي (ع) ( في بعض الروايات)، فأثنى عليه خيراً، ودعا له، وتمثَّل قائلاً:
تعلم فليس المرء يولد عالماً
وليس أخو علم كمن هو جاهلُ
فإن كبير القوم لا علم عنده
صغير إذ التفت عليه المحافلُ

تُحيلنا القصة أعلاه الى عدة قضايا، وعموميات في المشهد السياسي العراقي، ومنها من يحتمل الحقيقة وأخرى في نسق الصراعات الحزبية، وبعض العراقيين يرفضون السياسيين بجملتهم، وتختفي المصداقية بين التعميم والتعويم، ومع موجة الأصوات النافرة والمحرضة والمجندة والجيوش الإلكترونية.

الإتهامات وجهت بشكل مباشر لجميع القيادات السياسية، والحكومية والتشريعية، ورؤوساء القوائم والأحزاب، بإعتقاد أن مَنْ يدخلون الأحزاب ضمن مساومات ولا يتسنموا المناصب إلاً بشروط، بل دخول القائمة الإنتخاببية مقابل مبلغ من المال، وجزء من هذا الكلام حقيقة.

الشكوك الشعبية لم تأت من فراغ، بل سوقها ساسة، ومارسها نواب وتنفيذيون ورؤوساء أحزاب، وسبق أن نشرت أحدى الصفحات الإلكترونية، لشخص يتهم المالكي والحكيم لشحة المياه، وعند إجابته أن كان الأول رئيس مجلس وزراء فلماذا الحكيم؟ فأجاب: هو رئيس حزب وله يد بما حدث.

تكلست الأفكار والتعميم، وسيطرت شخصيات على المشهد السياسي، لتخير الشعب بين صدارتها أو الإرهاب والفساد والبعث، وهمشت معظم الطاقات العراقية سيما الشباب، في تصدي العمل السياسي، بمنهج يمكن أن يحدث قفزة نوعية أو يشرك الغالبية، التي يملثها الشباب في دور الريادة، ورؤية تتماشى مع طبيعة التطور المتنامي، ضد المحاصصة والحزبية الضيقة والفشل، الذي قدمته بعض القوى على حساب، الكفاءة والنزاهة والمصلحة الوطنية.

يبدو أن الحكيم أكثرهم إختلافاً في أطروحاته، ما سبب له إستهدافاً وتشويهاً من الجيوش الإلكترونية، وبالذات خطوات تفعيل دور الشباب، وترشيح محافظاً شاباً، قد يكون الأصغر سناً بين المحافظين، ولن يكون الأقل شأناً وهو حامل بشهادته، وتدرجه في العمل السياسي، في خطوة لتمكين الشباب.

الحكيم متهم أيضاً، كبقية قادة القوى التي أستأثرت بالسلطة، ولا تقبل أن تتزحزح عن الكرسي، بل تزج بشخصيات مشبوهة لتصدي المشهد السياسي، ضاربة بذلك عرض الحائط، المصلحة الوطنية، وأن كان الثمن فساد كبير ومحسوبيات، أو إنهيار العملية السياسية وصراعات سياسية ليس لها نهاية، وهؤلاء أعطوا إنطباع سيء عن العمل السياسي، وحرقوا الأخضر بسعر اليابس، وأفقدوا العراق طاقات وبالذات الشابة منها، لكن كما يبدو أن الحكيم خالف هذه النظرية، ودفع الشباب الى صدارة المشهد السياسي والإداري، وخرج من دائرة الإتهام، ولن تخرج بقية القوى السياسية، أن لم تغيير منهجها، وتفسح المجال، وحسب ما تدعي أن الحزبية الضيقة والمحاصصة هي سبب كوارث العراق.