بعد الاطاحة بالرئيس السابق صدام حسين إنفتحت الدولة العراقية على حركات واحزاب جاءت على ظهر الدبابة الامريكية وبعضها جاء من محور الشرق وبالتحديد ايران وسوريا.
لم تكن هذه الحركات معلومة ومعروفة الاهداف سوى انا كنا نعرف عنها انها معارضة لصدام وكنا نسمع بالاسم الاقوى وهو حزب الدعوة العميل, ثم اننا لم نكن نعرف من هي التي تنفذ الاجندات الامريكية بالضبط وظننا ان احمد الجلبي هو عراب التغيير وهو المتوقع ان يصبح بديلا للرئيس السابق صدام حسين.
انخرط الشيعة الذين كانوا يشكلون غالبية المعارضة بالحكم الجديد وبقوة وافرزت لديهم حركات وظهرت بقوة منها الخارجية كالمجلس الاعلى وداخلية كالتيار الصدري ولم يكن للدعوة ذاك الوجود الذي كنا نظنه.
كذلك الاكراد من جانبهم ورغم خصوصيتهم التي يختلفون فيها عن الشيعة كونهم كانوا يحظون بالحكم الذاتي انخرطوا ايضا في الحكم وعادوا لتحالفهم السابق مع الشيعة.
نحن كسنة العراق كان خيارانا اختيارا مغاير للاخرين فانتهجنا نهج المعارضة المسلحة ولم نقرأ المعادلة جيدا وللاسف اقول نظرا لغياب شخصيتنا صرنا مطية لاجندات الدول العربية وتركيا فصرنا اليد التي تنفذ تلك الاجندات وخسرنا لاجل ذلك اراضينا ومكاسبنا وصرنا الطرف الاضعف في الوضع الجديد.
في سبيل شق صف الشيعة والتغلغل في مناطقهم عمل السنة على اختراق وحدتهم وكان الطريق الاسهل هو مقتدى الصدر والذي لا يملك ادنى معرفه في السياسة ويحوطه نخبة من الجهلة والانتهازيين والبعثيين الذين يدينون بالولاء للدولة السابقة, وقد نجح الشيخ الفقيد حارث الضاري بالسيطرة على مقتدى حتى بات من يسب الشيخ الضاري او يتكلم بالضد من المقاومة في الجنوب يلقى مصيرا اسودا من قبل التيار الصدري.المالكي من جهته كان همه المنصب فاستطعنا ان نأخذ مكاسب كثيرة منه واهمها رفع الاجتثاث ورفع الحجز عن دور واملاك كبار البعث وصرنا مشاركين بقوة في الحكومة من خلال الاستاذ صالح المطلك والدكتور ظافر العاني وال النجيفي, وهؤلاء مع مقتدى صاروا كتابا مفتوحا امامنا استطعنا ان ننفذ ما نريده من خلالهم.
الجهة الوحيدة التي بقيت غامضة امامنا هي المجلس الاعلى الذي يعد مؤسسة رصينة متماسكة وتعمل بثقل وبهدوء ولم يكن المجلس نزقا او ارتجاليا في تصرفاته فعملنا على اسقاط هذا الكيان من خلال الاعلام يساعدنا طمع باقي الشيعة في الحكم فعملوا معنا –من حيث يعلمون او لا يعملون- على مساعدتنا في اسقاط هذا الكيان من خلال الدعوات التي اطلقت ضده بان المجلس تبعية ايرانية وانهم نجفيون حاقدون على ابناء الجنوب, كما اشير في هذه الحملة لاتهام عبد العزيز الحكيم بانه طالب بالديون الايرانية ورفض تسمية شهداء العراق في حربنا ضد ايران بالشهداء.
بعد وفاة عبد العزيز تسنم ابنه مكانه فكان هذا الفتى القادم من الخلف فتى غامضا غريبا في مواقفه فهو تحس انه يميل الى السنة الا ان عمار الحكيم يدلس من البعيد ببعض الامور التي تُركِع السنة وتجعلهم تبعية للشيعة وابرز تلك المصاديق هو مبادرته التي عرفت بانبارنا الصامدة التي طار بها السنة فرحا وكذلك خصوم الحكيم من الشيعة فرحوا بها لاستخدامه ورقة تسقيطية ضد الحكيم مع العلم ان الناظر لهذه المبادرة يجدها تقسيم للسنة وربطهم بالشيعة وتحت قيادتهم ففي بنودها تشكيل مجلسين احدهم اعيان والاخر شيوخ اي بمعنى قسم السنة نصفين وكذلك تشكيل جيش من المناطق السنية يرتبط مباشرة بالقائد العام –الشيعي- وقد غلف مبادرته باربعه مليارات سنوية وهي بالحقيقة نفسها موازنة تلك المحافظات.
استمر عمار الغامض بخطابه المتزن والمرن رغم اعتراض اتباعه ورغم تسقيطه في قواعده الجماهيرية وتحسب كانه لا يبالي بانتخابات ولا يطمح بالفوز وكانه يريد مصلحة السنة فدعى في دعوته الاخيرة الى التعايش السلمي والى رص الصفوف وان بابه وباب التحالف الوطني الذي يتزعمه مفتوح لاخوته السنة كما يدعي.
في الحقيقة ان هذه الدعوات الجميلة المظهر ماهي الا ترويض للسنة فعندما يسكت سنة العراق سيبدا الشيعة بالالتفات الى مدنهم وتطويرها خصوصا وانهم يملكون موارد بشرية واقتصادية هائلة اضافة الى جيش متمرس جديد وهو الحشد الشعبي الذي صار رقما صعبا لدى الشيعة.
ان دعوات الغامض عمار الحكيم ماهي الا عملية احتواء للسنة الذين سيبقون تبعا للشيعة وغير قادرين على مجاراتهم لان مع كل ما تقدم فان السنة بالاساس منقسمون على انفسهم وكلا يميل الى جهة خارجية يحاول ان يأخذ منها فائدته القسوى وان ماتبقى من سنة فانهم انضووا تحت عباءة الشيعة.