23 ديسمبر، 2024 8:01 ص

علَمني مُعلمي

علَمني مُعلمي

للعلمِ درجات وللدرجاتِ شهادات وللشهاداتِ سنوات وللسنواتِ شهورٌ وصبرٌ وسهر واهات وتغلب على النفسِ والملذاتِ وللملذاتِ لحظاتٌ فانيات زائلاتٌ كالفقاعات يتبعها ندمُ وحسرات وسعيدُ مَن فكر مليا فعاش هنيا ، وقورٌ من لم ينس هادمَ اللذاتِ ، متواضعُ من لم ينس رافع السمواتِ حكيمٌ وصبورٌ عند الملماتِ شجاع وبصيرٌ عند المدلهماتِ ، شامخُ كالنخلاتِ الباسقاتِ عطوف وقريبٌ من رافع السمواتِ ، انه من فُتِحت له ابواب العلم والمعرفة انه من خاف اللهَ انه من قال فيه رب العزة والملكوت (انما يخشى اللهَ من عباده العلماء) .

انه معلمي الذي علمني كيف امسكُ يراعا وكيف افتحُ قرطاسا ، انه معلمي الذي علمني كيف الفظُ حرفا وكيف اتهجى كلمةً وكيف اكتبُ سطراً علمني ان للحرفِ معنى وللكلمةِ معان كثيرة وفيرة ، علمني كيف احفظ شعرا وكيف القيه ، علمني فن الخطابة ومن هو الخطيب ومن هو الاديب علمني كيف اخط الحرف علمني كيف اقرا علمني اول اية (اقرأ باسم ربك الذي خلق) .     

  انه معلمي الذي علمني ان الخلق متساوون وهم ممثلون فمنهم البارعون ومنهم الفاشلون والجميع عن مسرح الحياة راحلون وفيهم الخالدون الزارعون للعلم والفضيلة المبتعدون عن الرذيلة انهم المؤمنون بالله وبجمال الروح التي لاتصيبها جروح انهم العازفون عن المادي الزائل فبينه وبين ارواحهم الف حائل .     

  انه معلمي الذي علمني الفضيلة وكرهني بالرذيلة انه معلمي الذي علمني ان السعادة ينبوع يتفجر من القلب لاغيث يهطل من السماء انه معلمي الذي علمني كيف اكسب رغيف خبزي بعرقي وكيف ابني غدي انه معلمي الذي علمني انه (ليس بالخبز وحده يحيى الإنسان) فبالحب يحيى وبالتضحية والإيثار يحيى وبنكران الذات يحيى . انه معلمي الذي علمني كيف اقرا النشيد ممجدا به ربي الحميد المجيد . انه معلمي الذي علمني كيف تبنى الاوطان فحفظني (واعدوا لهم ما استطعتم من قوة) فمن لاوطن له لااصل له فهل نمت شجرة بدون جذور وفي المحافظة على الجذور حفاظ على الاصول وبه انال الحبور .     

  انه معلمي الذي علمني ان الجنة (اعدت للمتقين) وانها عظيمة ورائعة (وجنة عرضها السموات والارض) فكبر خيالي وزاد ترحالي وكثرت احلامي في كسب جنة الخلد انه معلمي الذي ارهبني وعلمني ان هناك ناراً (يوم نقول لجهنم هل امتلات وتقول هل من مزيد) فالنار تتكلم (انها لظى نزاعة للشوى تدع من ادبر وتولى) انه معلمي الذي علمني ان النار للمنافقين وللفاسقين وللسراق (السارق والسارقة فاقطعوا ايديهما) وان النارَ لخونةَ الاوطانِ (ياايها الذين امنوا اذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الادبار) انه معلمي الذي علمني معنى التعاون وفائدته (تعاونوا على البر والتقوى ولاتعاونوا على الاثم والعدوان) علمني كيف اتعاون مع ابن بلدي مع اهلي لا مع من يريد بي دائرة السوء .(لن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) انه معلمي الذي علمني كيف اقرا النفس البشرية (سيماهم في وجوههم) انه معلمي الذي علمني الصالح من الطالح قائلا (البر ما سكنت له النفس واطمان له القلب) انه معلمي الذي هداني بعد الله ووالدي وجنبني الغيبة (ايحب احدكم ان ياكل لحم اخيه ميتا فكرهتموه) علمني ان لا اضيع الوقت واهدره وان اسعى لنيل المعالي (من تساوى يوما فهو مغبون) حثني على العلم وكيف اطلبه (طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة) علمني ان اقول الحق والحقيقة (لاتستوحشوا طريق الحق لقلة سالكيه) (قل الحق ولو كان على نفسك) علمني ان الشجاعة والايمان مبدان اساسيان للمسلم (المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف) علمني مبادئ ثورة الحسين الثائر والقائل (لم اخرج اشراً ولا بشرا وانما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي ولآمر بالمعروف وانهى عن المنكر) علمني ان اجتنب النمام (من نم لك نم عليك) .   

  انه معلمي الذي علمني الصلاة وعلمني اعظم عبارة انها (الله اكبر) التي ترهب من لايؤمن بها فقلتها في صلاتي وبكيت معها في نشيدي :(الله اكبر الله اكبر  

الله فوق المعتدي)علمني كيف اقف امام رمز عزتي وكرامتي كل خميس قارئا :(عش هكذا في علوٍ ايها العلم              

فاننا بك بعد الله نعتصم)علمني بر الوالدين (واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا) علمني معنى التواضع (ولاتمش في الارض مرحا ان الله لايحب كل مختال فخور) علمني معلمي من هو محمد (ص) ومن هم اهل بيته الاطهار ومن هم صحبه الاخيار علمني من هم الرسل وكلهم متساوون (لانفرق بين احد منهم) علمني عالم الروح وعالم الجسد علمني عالم الخلود وعالم الفناء علمني معنى الجار واهمية الجار (جارك ثم جارك ثم اخاك) علمني من هو الاخ ومن هي الاخت ومن هو الصديق علمني معنى الطريق والرفيق ومعنى الضيق :(وان ضاق رزق اليوم فاصبر الى غد               عسى نكبات الدهر عنك تزول)علمني وعلمني وعلمني ولو كتبت ما علمني لنفد حبري واقلامي وسبرتُ غور ذكرياتي وزادت آلامي .فهل ان معلم اليوم هو معلم الامس الذي سعى بنا الى الكمال (الكمال لله وحده) وهل معلم اليوم الذي يتعين برشوة او يزور شهادة قادر على التعليم لا ورب الكعبة انه غير قادر على تعليم نفسه والا ما دفع رشوة ولا زور (لعن الله الراشي والمرتشي في الحكم) فهل المعلم الذي يضع القلادة على صدره قادر على التعليم ؟ وهل المعلمة التي ترتدي ملابس لاتستر جسدها الفاني قادرة على التعليم ؟ وهل الباحث عن التدريس الخصوصي الذال لنفسه كمن كان يعطي دروسا اضافية ومجانية حتى ايام الجمع ؟ ان اعيدوا بناء المؤسسات التعليمية ولتكن لبناتها مخافة الله وحب الوطن والفضيلة وصحوة الضمير ورحم الله الجواهري القائل 🙁 من لم يخف حكم الضمير                    فمن سواه لن يخافا)واعلم اخي المعلم انه بالحكمة والصبر والفضيلة ومخافة الله وبالعلم والعدل والاحسان والاتزان تقف لك مدن وبلدان :(قم للمعلم وفه التبجيلا                    كاد المعلم ان يكون رسولا)اطال الله عمر الاحياء الذين علمونا وجنات الخلد لمن الى ربهم سبقونا .