لا يوجد مجتمع يخلو من المنتفعين والمطبلين للسلاطين لكن في بلدي العراق مايفعله هؤلاء تجاوز جميع المستويات، وتعدى حدود الاعراف وحفظ هيبة الاولياء والصالحين الذين جعلوهم وسيلة للتغطية على فساد المسؤولين، وحجة لإسكات الأصوات التي تطالب بمحاسبة الفاسدين والاقتصاص منهم، وكانهم ينفذون مقولة “اذ لم تستح فاصنع ماشت” فهم لا يترددون بجعل سادتهم بمنزلة ال بيت النبي (عليهم الصلاة والسلام) او إيصال صورة للآخرين توكد ان افعالهم يؤيدها الامام الذي رفض إعطاء أخيه الفقير من بيت مال المسلمين وجعل بيده جمرة ليحذره من العقاب الذي ينتظر السراق والمتجاوزين على حقوق المواطنين وهو الامام علي بن ابي طالب وقصته المعروفة مع أخيه عقيل الذي جاء لاستعطافه كونه خليفة المسلمين، ولعل اقرب جريمة ارتكبت بحق علي بن ابي طالب حينما هتف يوم امس، أنصار وزيرة الصحة عديلة حمود لها بـ(علي وياج علي) بعد ان تمكنت من الافلات من العقاب وإقناع مجلس النواب ببراءتها من الفساد الذي تغلغل في وزارتها، وكان عليا يؤيد التعاقد مع شركات فاسدة لقتل المواطنين ويمنع الدواء عنهم او يقبل باستيراد “نعال” بـ27 دولارا وهو الذي قضى عّمره يصلحه خوفا ان يقال عنه مترفا.
لست هنا في معرض الإسهاب عن فضائل الامام علي (ع) الذي يعرفه حتى غير المؤمنين برسالة الاسلام، لكن حماية الفاسدين والدفاع عنهم بهذه الطريقة واستمرار السكوت عنهم ستجعلهم يزدادون بسرقة أموال العراقيين خاصة وان تسترهم بالدِّين والمذهب سيجعل المعارضين لهم امام اتهامات كبيرة لا تحمد عقباها، وهناك الكثير من الحوادث التي ينقلها التاريخ عن الامام علي فذات مرة، قال له خادمه قنبر: يا امير المؤمنين، لقد خبات لك خبيئا، فساله الامام: وما هو ويحك؟ فقال له: قم معي، فتوجها الى داره فوضع بين يديه جرة مملوءة بالذهب والفضة، وهو يقول: رايتك لا تترك شيئا الا قسمته، فادخرت لك هذا من بيت المال، فغضب الامام وصاح بغلامه: ويحك يا قنبر، اردت ان تدخل بيتي نارا عظيمة؟ ثم دعا بالناس فقال: اقسموه بالحصص، وذهب بعدها الى بيت المال فاخذ يقسم بينهم كل ما وجد فيه حتى وقع على ابر ومسال، جاءته من بعض عماله، فدفعها للناس قائلا: ولتقسموا هذه ايضا، فقالوا له: ولا حاجة لنا فيها، فابى ان يدعوها، وقال لهم ضاحكا: ليؤخذن خيره من شره، نعم هذا هو علي الذي تحاولون التشبه به ياساسة الصدفة وحيتان الفساد، فهو لم يفضّل نفسه على الناس بحجة انه امامهم المنتخب والواجب الطاعة، فكان يقول لهم دائما (يا اهل الكوفة، اذا انا خرجت من عندكم بغير راحلتي ورحلي وغلامي، فانا خائن).
لكن المشكلة الأخطر تتمثل بوجود شريحة من المجتمع تمجد الفاسدين وتبرر افعالهم وتسعى لتجميل كل صفة سيئة يتحلون بها، والأكثر خطورة من ذلك الصمت عليهم وفسح المجال لهم للاستمرار بخداع المواطن المغلوب على أمره من خلال مخاطبة الجانب الطائفي والمذهبي بداخلهم لاستمالة عواطفهم وإقناعهم بنزاهة الفاسدين، فبالامس هتف هؤلاء للمالكي والجعفري (علي وياك علي) واليوم لعديلة حمود وسليم الحبوري ولاندرى مع من سيكون عليا في المستقبل،،، اتركوا ابو اليتامى يرتاح في قبره ولاترهقوه بفساد سادتكم.
نقلا عن العالم الجديد