23 ديسمبر، 2024 10:13 ص

علي وغاندي ثقافة الحب والتسامح الى اين ؟

علي وغاندي ثقافة الحب والتسامح الى اين ؟

ان قانون العين بالعين لينتهي بالعالم اجمع الى العمى.
لا أعرف خطيئة أعظم من اضطهاد برئ باسم الله
المهاتما غاندي
في محلتنا التي اسكن فيها يتنوع الدين والمعتقد والقومية ، فلازلت أتذكر في نفس الشارع ،هنالك كان جارنا من الطائفة المسيحية وهو يزورنا دائما لأنه اخ لنا في الإنسانية ،والأخر الصابئي الذي يكن لنا كل الاحترام ويجد فينا أهله وعشيرته ، وكذلك الكردي والسني وأنا الشيعي ،فلم نتجراء في يوم من الأيام ان نسمي الآخر بمكونه ونستصغره ،بل كنا نسميه ياعمنا العزيز وياخالنا الفاضل ،ولازلت اذكر جيداً الجميع ممن ذكرتهم يتوافدون الى بيتنا في ليلة استشهاد ابا الأحرار الحسين عليه السلام لأحياء هذه الذكرى وكل منهم معه رسم معين لان الحسين يمثل نقطة الالتقاء فهو رمزاً ضد الظلم وان اختلف كل عناوينه وعنوان للمحبة والتسامح ،وهم معنا وأمي وخالاتي ونسائهم منهمكين في طبخ (التمن والقيمة)،وعندما ينضج الأكل الجميع يأكل منه ،فلا يوجد من يقول هذا حرام لأنه احل لغير وجه الله .
ان ثقافة الحب والتسامح والتواضع هي طريق أولئك الذين يترفعون بسمو خلقهم الرفيع ،فوق المسميات والأفق الضيقة التي لا تنم عن فهم وإدراك،في حين يبدو ان المجتمع لا يزال ينظر برؤية قاصرة لأولئك الذين يؤمنون بنظرية الحوار وبثقافة الاشتراك والتحاور على اساس المشتركات الانسانية والاختلاف في الرأي لا يفسد في الود قضية ،فليس ضعفاً او خضوعاً أوجبن كما يسميه البعض عندما نصفح ونعفو عن الآخرين ،لأننا لانريد ان نقابل الإساءة بالإساءة بل بالإحسان ،فقد جاء احد الخوارج واسمه الخزيت بن راشد السامي الى الامام (علي ) بعد الانتهاء من معركة صفين فقال للأمام علي: لا والله لا أطيع أمرك ولا أصلي خلفك لا جمعة ولا جماعة واني غدا لمفارقك.قال الأمام علي تضر نفسك؟
قبل اربعة عشر قرنا من الزمان كانت هذه الحادثة هي اكثر ديمقراطية من اي ديمقراطية في العالم ،عبرت عن مضامين عديدة فهي تحترم الرأي المقابل و تؤمن بتعدد الآراء والأفكار، وكنت ياعلي انساني النزعة.
رفضت البيعة الخاصة كنت تدرك انها بيعة مصالح ،فدعوة الى بيعة عامة في المسجد حضرها الجميع من كل حدباً وصوب،لا شك بايعك الفقراء والعبيد لأنك صوت المستضعفين والمظلومين ،وأنت من قلت (والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلته) .
وبعد هذا الفارق الزمني الكبير بيننا وبينك ياعلي ،تولدت هنالك أفكار تقصي الآخر لأنه يختلف في وجهة نظر يقولها،عفواً سيدي لا اقصد بالإقصاء الفكري ،أنما الفتوى الصادرة بالإقصاء الجسدي وإباحة أمواله وعرضه من الذين أقحموا أنفسهم بعالم الدين وهم لا يعرفون اي شيء، كما ان هنالك ثقافة لا اعلم ان كانت جديدة او قديمة في المجتمع تسخر وتهزأ من البسطاء والفقراء والضعفاء وحتى المثقف أصابته عدوى هذه الثقافة ،وشدة تمضي وتأتي شدة اخرى وجراحنا نعض عيلها ،حفاظاً على أرواح من حولنا ،والأخر يفسرانه عدم القدرة في المواجهة وجها لوجه،لقد قلت مراراً وتكراراً ان ليس هنالك قوة بالعالم تستطيع ان تلغي وجودي وكياني ومعتقدي لان الفكر لدينا هو منهج ثابت وليس حذاء يستبدل بين حين وأخر هم يقولون كلام ما انزل الله به من سلطان من زيف وافتراء على رموز قدمت نفسها قرابين لله،وتساءل ماذا لو قدرة لغاندي ان يعيش في امتنا هل كان له نفس التقدير والاحترام الذي حظي به في الأمة الهندية ؟
وفي حادثة فريدة من نوعها يحكى أن غاندي كان يجري بسرعة للحاق بقطار
وقد بدأ القطار بالسير
وعند صعوده للقطار سقطت من قدمه إحدى فردتي حذائه
فما كان منه إلا خلع الفردة الثانية
وبسرعة رماها بجوارالفردة الأولى على سكة القطار
فتعجب أصدقاؤه
وسألوه
ماحملك على مافعلت؟
لماذا رميت فردة الحذاء الأخرى؟
فقال غاندي الحكيم
أحببت للفقير الذي يجد الحذاء أن يجد فردتين فيستطيع الإنتفاع بهما
فلو وجد فردة واحدة فلن تفيده ! ولن أستفيد أنا منها أيضا
وأما بردة الأمام علي(اما والله فقد رقعت مدرعتي حتى استحييت من راقعها ، حتى قال لي قائل ألا تنبذها عنك ، قلت له اغرب عني فعند الصباح ينكشف القوم السُرى) ،لقد آثرت ياسيدي ان تطعم قاتلك وتسقيه من شرابك توصي بعدم التعرض له ، فبردتك تحمل بين ثناياها قيم الانسانية النيلة والتي أحسنت جدير الصنع حتى لمن عادوك وأرادوا الإساءة لك،ولكن لا اعرف بردة وعباءة رجال الدين الجدد ماذا تخبئ وراؤها من خبايا ومصائب ؟ وكأنهم نسوا ان حرمة المؤمن هي أفضل من حرمة الكعبة .