23 ديسمبر، 2024 6:09 ص

علي مدرسة العدالة والنزاهة

علي مدرسة العدالة والنزاهة

عندما تشد رحالك من كل ركن في العالم الانساني وعلى وجه الخصوص العالم الاسلامي لمدينة العلم والعلماء تاريخ يمثل الق امة وعنفوان يتجدد على مرالزمن والدهر(النجف الاشرف ) بوابة الأمن والأمان لعراق أرادوا طحنه الطغاة وكسره وتحويل شعبه لكراديس تردد له نعم للخضوع والخنوع،وعند مشارفها يلوح لك في الأفق البعيد قبة شاهقة شامخة تعانق السماء يحتضن ترابها (اباتراب )علي ابن ابي طالب (ع)شخصية الانسانية الخالدة العطاء والمعطاء بلا حدود،لقد قدم الامام من المدينة بعد ان اختاره المسلمون حاكماًعليهم ومؤتمناً على مقدراتهم واستقرفي مدينة الكوفة لتصبح عاصمة الخلافة الاسلامية في عهده،حمل معه فكر الرسول (ص) الذي دعا الى التجسيد الفعلي لتعاليم القران السمحاء التي تكرم جنس البشر ليؤسس ثورة نادرة من نوعها لاتنطفىء نارها سميت (ثورة العدالة الاجتماعية ) وتأسيس مبدا المساواة بين الناس طبقاً لقول الرسول (الناس سواسية كأسنان المشط) لم يفرق بين شريف ومشروف وسيد ومولى الجميع متساوون بالعطاء ،لم تكن لديه اي مشكلة مع الاديان الاخرى لأنه ينظر اليهم نظرة الاخ في الانسانية ,لقد حارب الفقر والجوع والفساد وبأساليب ومناهج متعددة للقضاء علية حتى قال عنه (لوكان الفقررجلاً لقتلته) لانه يدرك تماماً انه آفة تنخر بالمجتمع وبكل شرائحه وتمزق نسيجه الاجتماعي ويولد اثارسلبية وأساس هزيل لبناء الدولة التي سرعان ماتنهارلاتساع الهوة والفجوة بين الحاكم ورعيته،حتى كان يوصي ولاته على الامصار قائلاً الناس صنفان( اما اخ لك في الدين اونظيرلك في الخلق)،انه منهج فكري في كون وفكر كوني اسس لحياة مدنية ينعم بها الجميع وفق معايير تكفل حرية الرأي والتعبير والنقد والاعتقاد بشرط ان لاتتجاوز على حقوق الاخرين .

ان النظام الاقتصادي الذي وضعه الامام كان يهدف لازالة الفوارق الطبقية الاقتصادية الكبيرة بين طبقات المجتمع وصولاً لتحقيق العدالة وتوفير معاملة عادلة وتوزيع الدخل بشكلاًمتساوي وفتح الطريق امام تكافؤ الفرص فالنزاهة والعدالة ليست مذهباً اوطريقاً اوسلوكاً مكتسب او نهجاً تلقاه من مدرسة بل هي معه منذ الولادة فهي في بناءه الروحي والاخلاقي ولانه قال

(لورفع عني الغطاء لما زددت يقينا)فهو نفس رسول الله فقال عنه (انا مدينة العلم وعلي بابها )،ومن يشاهد بيت الامام كيف ظل صامدا لاكثرمن (1400)سنة وكانها حكمة الله في بقاؤه عبر مدى التاريخ لان الله جعل له في قلب كل انسان حر بيتاً ومسكناً وأن عصفت الشورى والتعين بخلافته,ونقيضه بالقرب منه قصر الامارة الذي تحول لركام واطلال وتلاشى مع الزمن الغابرماصنعه الطغاة به ومافعلوه من قتل وترويع وتسوية الاموربالسيف ظنوا ان التاريخ سيخلدهم .

لقد فضل الامام التواجد بين رعيته والنزول للشارع وذلك ليبقى قريباً منهم يحس بهم يحسون به فلا حاجب بوابة ولا حرس وعساكر مدججة بالسلاح تمنع من لديه مظلمة وحيث وقعة عليه ولا واشون يوصلون بخلاف ماهوغير موجود على ارض الواقع،الحقيقة لديه معاينته للحدث والسماع لكل الاطراف هي الفيصل في حسم الامور،لم يستخدم سلطة التعسف والارهاب الفكري والمادي مع الامة الاسلامية ,بل وضع اسس لبناء انسان توكل اليه صناعة الحياة والحضارة ,لقد استثمر خراج الخلافة بالشكل الصحيح ليكون اقتصاد امن ومستقرانعكس على ازدهار الزراعة والتجارة وبدأت المهن تنتشر بين الناس للحصول على لقمة عيش شريفة وباتت صفة المحسوبية والمنسوبية بالتلاشي لتاتي صفات الكفاءة والمهنية والتجربة الواسعة في ادارة الأمور للذين تسلم لهم زمام الحل والعقد ,لقد رحل الامام جسداً ظاهراً وبقي فكراً وهاجاً يتجدد لكل زمان ومكان ولكل الطالبين والمؤمنين بنهجه وسيره ,اغنى الانسانية بتراثه ولمساته التي اوجدت الحل لكل معضلة .