المتتبع لتاريخ الشعب العراقي ومنذ مئات السنين يجد انه مليء بالمآسي والآهات نتيجة تسلط الجبابرة عليه وتحكمهم بمقدراته ومع كل ذلك فقد استطاع المجتمع العراقي ان ينتج الكثير من الشخصيات الفذة وفي مختلف الاختصاصات الدينية والسياسية والثقافية وغيرها فكان هناك الشهيدين الصدرين والجواهري والرصافي وعبد الكريم قاسم وغيرهم الكثير الا ان الملفت للنظر انه في كل زمان يمر بالعراقيين تظهر عندهم شخصية دينية او سياسية او ثقافية تبرز في مجال اختصاصها تعيد للأذهان شخصية سابقة حققت انجازات في التاريخ العراقي في نفس المجال وسأتناول في هذا المقال احدى هذه الظواهر وهو شخصية الزعيم الوطني عبد الكريم قاسم تلك الشخصية الوطنية التي لعبت دورا كبيرا في تحسين صورة المسؤول وتفانيه في خدمة بلده وشعبه وفي فترة زمنية حرجة جدا كانت تمر بها المنطقة بصورة عامة وفي مدة قصيرة نسبيا لم تتجاوز الاربع سنوات لا غير حيث بقى ذكر الزعيم الراحل يتردد بين العراقيين بانه الشخصية المخلصة التي تفانت في خدمتهم واصبح تكرارها ضربا من الخيال الى ان جاءت شخصية مشابهة له ولكن بمنصب اقل وهو منصب المحافظ فكان هناك الاستاذ علي دواي محافظ ميسان حيث استطاع هذا الرجل المخلص ان يكون نموذجا يحتذى به في زمن شح فيه المخلصون وتناولت وسائل الاعلامية المحلية والدولية هذه الشخصية على انها تمثل الادارة الرشيدة المتواضعة المتفانية في خدمة ابناء مدينتها ومن ضمن ماكنت تطالب بها وسائل الاعلام هو افساح المجال للسيد دواي ان ينقل تجربته الى ادارة الدولة بان يكون رئيسا للحكومة بعدما اثبت نجاحه الباهر في منصبه كمحافظ وهذه المطالبات وان كان يعتقد انها ردود فعل لما قدمه الرجل من نشاطات الا انها بدأت تقترب من مجال التطبيق بعدما تناقلت وسائل الاعلام خبير ترشيح علي دواي رئيسا لحكومة العراق عن كتلة الاحرار وحينها استبشر العراقيون وعلى مختلف توجهاتهم بهذا الخبر خيرا خصوصا انهم عانوا ويعانون من تصرفات غريبة يقوم بها رئيس الوزراء المنتهية ولايته تعكس مدى التخبط الذي يعيشه والسؤال هنا هل يستطيع علي دواي ان يكون النموذج الاسمى لرجل الدولة وهل يستطيع ان يعيد للعراقيين سيناريو وذكريات عبد الكريم قاسم وقيادته الرشيدة للدولة وحرصها على خدمة ابناء الشعب العراقي المظلوم آنذاك خصوصا ان هناك تشاب الى حد ما بين الرجلين من حيث الاخلاص والوطنية والنزاهة وغيرها من الصفات الحميدة وهناك تشابه اخر وهو ان كلا الرجل قد استلما الحكومة من رئيس وزراء اسمه (نوري) طبعا مع العلم ان الفارق بين نوري
السعيد ونوري المالكي كالفرق بين الثرى والثريا كذلك فان هناك تشابها اخر وهو الظروف التي كان يمر بها العراق آنئذ متشابه تقريبا فهناك الفساد والدكتاتورية والتسلط ووصول شخصيات لا تملك من المقومات اي شيء وتفشي الفقر والامراض النفسية والجسمانية بين ابناء الشعب العراقي وغيرها فهل يستطيع علي دواي ان يثبت نظرية ان الزمان يعيد نفسه وان الكثير الاحداث والشخصيات يمكن ان تتكرر ولو بعد حين يبقى هذا السؤال ينتظر اجابته الى ما تسفر اليه الانتخابات القادمة.