23 ديسمبر، 2024 5:55 ص

علي دواي حالة إستثنائية في زمن الفساد

علي دواي حالة إستثنائية في زمن الفساد

عندما يمتزج قول المسؤول بالعمل والعمل بالاخلاص تتشكل في مُخيلة وذاكرة وضمير المواطن ووجدانه لوحة جميلة لذلك المسؤول خصوصاً إذا حرص هذا المسؤول على إبعاد صورته الوظيفية عن رتوش السلطة وبهرجها ومفاتنها التي أغرت الكثير من الحكام والمسؤولين وصُناع القرار على مر السنين. اسوق هذه المقدمة لأتحدث عن شخصية شغلت الرأي العام الداخلي والخارجي واصبح حديث الجميع بكل اطيافهم وانتماءاتهم إلا إعلام السلطة الذي آثر عدم تسليط الضوء على هذه الشخصية الوطنية الجنوبية لغاية في نفس يعقوب !! إنه محافظ ميسان الاستاذ علي دواي الذي كتبت عنه صحف ومواقع ومنظمات عالمية مهتمة بالشأن العراقي، آخرها المجلس الدولي لحقوق الانسان والتحكيم والدراسات السياسية والاستراتيجية بالتعاون مع كلية ولدنبرج الدولية الذي اختاره من بين الشخصيات الاكثر تأثيراً في العالم لهذا العام ومنحه وسام التميز ليس على اساس إنه عربي او كردي شيعي او سني  او من باقي الطوائف والاديان، بل كان المعيار هو النتاج والاثر الذي تركه من خلال موقعه الذي يمثل أعلى سلطة تنفيذية لحكومة محلية، لقد استطاع هذا الرجل ان يكون إنموذج يُقتدى به في زمن الفساد المستشري في جسد الدولة العراقية، وفي زمن اصبح فيه المنصب فرصة للمغانم والمكاسب والامتيازات الشخصية والحزبية، ولكنه حول هذا المنصب إلى وسيلة خدمية هدفها تقديم الافضل وليس الكسب الاكبر، علي دواي كسر كل قوانين الاتكيت والبروتوكول الذي يتعامل به المسؤول سواء مع الموظفين العاملين بمعيته  او مع المواطنين في محافظته ليس لأنه لايفقه بتلك الثقافة ومفرداتها ومتطلباتها بل لأنه كان على قناعة إن الطريق الاقرب لقلوب الناس هو التواضع والعيش بين ظهرانيهم، والاحساس بمعاناتهم التي خبرها جيداً فهو إبن المحافظة التي ذاقت كل انواع القهر والظلم والاجحاف، وعاش مع اهلها محنة الحروب وويلاتها وآثار الحصار الذي أكل كل شيء حتى وصل إلى كبرياء الميسانيين وكرامتهم. كما عاش فترة البعث بكل تفاصيلها تلك الفترة التي يسميها الروائي العراقي نصيف فلك (العصر الزيتوني) فترة القمع والارهاب والاقصاء والتهميش للمحافظات الجنوبية من قبل البعث برداءه الزيتوني الذي يزكم الذاكرة بلونه الذي كان يمثل لنا لون الدم والقتل وانعدام القيم عند الحاكم وزمرته، لقد استفاد الاستاذ علي دواي من هذا الدرس القاسي وحاول ان يقلب المعادلة ففي الوقت الذي كان المواطن لايستطيع ان يتحدث مع ابسط مسؤول يرتدي الزيتوني، اصبح اليوم وجهاً لوجه مع اعلى سلطة تنفيذية في المحافظة بدون حواجز او افواج حمايات، يأكل معه ويحضر لمناسباته سواء داخل المدن او في القرى والارياف النائية والبعيدة عن مركز المحافظة، فكان يمثل حالة غريبة على ثقافة المجتمع الذي اعتاد على رؤية المسؤول اما من خلال الفضائيات او من خلف الجدران العازلة مادية كانت او معنويه ودائماً مايضع نفسه ببرج عاجي ويترفع على المجتمع بعد ان يصاب بداء الكرسي الذي يفتك بصاحبه ويبعده عن كل سمات المسؤول الشرعية والوطنية والانسانية ولا اقصد جميع المسؤولين بالطبع وإلا لما وجدنا إنموذج علي دواي الذي كشف عورات باقي المحافظين الذين ينتمون للحزب الحاكم ويتمتعون بالامكانيات الحكومية والسياسية والاعلامية الا انهم عجزوا عن تقديم الخدمة والنجاح بسبب جهلهم بالواقع العراقي لأن اغلبهم  لم يعيشوا المحنة والمعاناة ولازال بعضهم يحملون جنسيات دول اخرى وعوائلهم تسكن في عواصم آمنة. اللافت للنظر ان رئيس الوزراء لم يشر في اي مؤتمر او ندوة او لقاء الى انجازات علي دواي لأنه لا ينتمي لقائمته، ولا اعلم هل يليق برئيس وزراء ان يتعامل بحزبية مع محافظ كان عنوان للنزاهة والعمل والانجاز!! ترى ماذا لو كان علي داوي من دولة القانون؟ أما كانت الصحف والمجلات تتحدث عن شخصيته المتميزة والفضائيات الحكومية وشبه الحكومية تملأ الكون ضجيجاً ؟!!  ولكن ذنب علي دواي الوحيد إنهُ ينتمي لمدرسة آل الصدر وعمل بكل نزاهة وحرص فأصبح حالة نشاز بين كثرة المسؤولين الفاسدين.!! التيار الصدري قدم علي دواي نموذجاً من المدرسة الصدرية الاصيلة وعلى الآخرين ان يقدموا نموذجهم ويكون الشعب هو الحاكم بين النموذجين !!!