لا تكاد تلمح مكتبة في بيت او مؤسسة او اي مكان اخر الا وترى كتب الوردي فيها كاملة او مجزئة ,ولا يمكن لأي قارئ او مطلع او باحث او مثقف وتحدثه الا ويمر الوردي او احدى اراءه في محور الحديث .
الرجل ليس بشاعر ولا فنانا ولا قائدا سياسيا ولكنه شغل الناس باوسع مما فعله اي شاعر او قائد سياسي فاصبحت كتبه مراجع لكل الباحثين في طبيعة المجتمع العراقي وترجمت لعديد اللغات وقيل حتى في فينزويلا للشبه الكبير بين المجتمعين.
تعدت شهرته بلده ودعي الى القاء المحاضرات والمناقشات في الجامعات الاوربية وشمال افريقيا.وحصل على استاذ زميل لجامعة وارشو في بولندا ولكن للاسف منعه البعث من السفر.
الوردي هو عالم الاجتماع العراقي ( 1913 _1995) الحاصل على شهادة الدكتوراه من جامعة تكساس له اكثر من خمسة عشر مؤلف ..قدم فيها افكار ونظريات رائعه عن طبيعة المجتمع العراق وشخصية الفرد العراقي.
احيل على التقاعد بناءً على طلبه ومنحته جامعة بغداد لقب استاذ متمرس عام 1970,وسحب صدام هذا اللقب بعد ان اجرت معه احدى الوكالات العالمية لقاء وقالت له بان لديكم عالم عراقي يصف الشخصية العراقية بالازدواجية.
يتميز اسلوبه بالبساطة وعدم التكلف النحوي او الفلسفي وهو احدى القوى الناعمة التي تجذب القارئ من حيث لايشعر ..فهو يكتب للجميع وليس للباحثين او الطلبة ,ويعطي اراء متضادة ومختلفه عند طرحه لمسألة ما ثم يعطي رايه الذي قد يكون مزيج بين الرأيين او مختلف وهو بهذا يعطي القارئ فسحة من الحرية والاطلاع وعدم التركيز على اتجاه واحد.
الوردي يتحدث دوما عن ان الارداة الاصرار في تحقيق الهدف هي ليس كل شي وليست المقياس دوما لمن يريد ان ينجح او نجح , فالحظ يلعب دورا مهما احيانا وهو يتحدث عن نفسه فقد كان عطاراً ويعمل في محل بالكاظمية وشاء الحظ ان تفتح الكثير من المدارس في عهد فيصل الاول ودخل المدرسه وحقق الاول على العراق ليُبتعث الى الجامعة الامريكية في بيروت ومن ثم الى تكساس, وهو بذا يفند نظرية (من جد وجد ومن جاد وصل)التي نعتبرها المسطرة لكل انسان متناسين الفروق الفردية بين الاخ و اخيه في درجة الذكاء والظروف البيئية
فالانسان هو وليد عاملين العامل الوراثي والعامل البيئي فلا تلوم الام ابنها اذا لم يحقق ما حققه الطالب الاول على دفعته لانه وريث هذه العوامل وليس للانسان دخل بها ولا يشبه كل من درس معه.
الوردي يتحدث ان لكل انسان له اطار فكري تربى وتأدلج عليه فلا تلوم احد اذا اعتنق اي دين لانك لو كنت مكانه لكنت انت هو.. وهذا راي صريح لمن يدعو انه الاصح او الافضل لانه الانسان ابن بيئته..ويقول ان المبادئ والقيم احيانا هي مقدمات الى مصلحة الانسان وان لكل انسان مصلحة او نفعيه تحركه ولكنه يقدم القيم للحصول عليها.
وكذلك دعا لتنزيه الدين من الوعاظ والمتملقين من رجال الدين الذين يعيشون على فضلات طعام الملوك والحكام ويصدرون الفتاوى والاحكام التي تتناسب مع الحاكم وحكمه لا مع مصلحة الامة ومطاليبها .
وله آراء عديدة لابمكن ان تحصى في مقال ولكن يبقى الوردي صاحب تأثير كبير ومهم على من يقرا له خصوصاً وعاظ السلاطين ومهزلة العقل البشري و خوارق اللاشعور و دراسة في طبيعة المجتمع العراقي,حيث يبقى على الوردي ضرورة لكل قارئ او مثقف يجب ان يمر عليه لينطلق في بحر المعرفة وعالم الافكار.