10 أبريل، 2024 8:29 م
Search
Close this search box.

علي الدباغ مرشح لوزارة الداخلية !!

Facebook
Twitter
LinkedIn

تُعتبر بريطانيا، وهي الأعرق في الديمقراطية، من أهم الدول التي تمتاز بكثرة الجاليات المُستوطِنة. فخلال مناطق لندن ترى أحياءً وأسواقاً للجاليات المختلفة كالهندية والتركية والعربية والصينية والإيرانية .. الخ، بل إن حزب العمال (حكم من 97 إلى 2010) كرّس سياسة اجتماعية رائدة حضارياً لتحويل المجتمع البريطاني إلى مجتمع متعدد الثقافات multicultural society.
ورغم مساواة المواطنين أمام القوانين التي تضمن حقوقهم المدنية والسياسية، ورغم وجود مؤسسات دولة عريقة يَصعب اختراقها، إلا إن الأعرف المتّبعة لا تسمح لأبناء الجاليات، من حملة الجنسية البريطانية، بتبوء مراكز متقدمة في إدارة الدولة خصوصاً في المواقع السيادية والأمنية.
ففي 97 تفقد توني بلير وزارة الداخلية، وهناك فاجأه ضابط بريطاني، من أصول هندية، بشكوى إن الضباط من أصول هندية، تتوقف ترقياتهم عند حد معين خلافاً لزملائهم الإنجليز .. الخ، فتظاهر بلير بالاستغراب واعداً إياه أن يدرس الموضوع لاحقاً، لكنه تناسى الأمر طبعاً لإن سؤال الضابط بدا غريباً لأن أية دولة تسمح قوانينها بإستقبال المهاجرين، لا يعني إنها ستسلمهم أمن البلد ومصيره لمجرد حصولهم على الجنسية. ولذلك أوجدوا أعرافاً إلى جانب القوانين لكي تكون الأمور منسجمة مع المنطق.
لكن في (العراق الجديد) اصبحت امتيازات بعض أبناء الجالية الإيرانية مثيرة للقلق حقاً، خصوصاً عند مقارنتها بأوضاع العراقيين الذين أقاموا أكثر من 30 سنة في إيران، إذ لا جنسية ولا دخول للجامعات أو توظيف ولم يُسمح لهم بالزواج من إيرانيات، بل لم تكن لديهم حتى إقامات رسمية، أي على عكس المهاجرين الإيرانيين الذين أقاموا بالعراق، إذ توفرت لهم الظروف ليصبحوا رجال أعمال وأساتذة وخريجين جامعات وتجار .. الخ. وإذا كانت الجالية قد تعرضت لظلم كبير خلال حكم البعث إسوةً ببقية العراقيين، فقد عاد أكثريتهم وحصلوا على الجنسية وانخرطوا في الحياة العامة.
ونحن لا نقصد هنا الأكراد الفيلية الذين غادروا إيران بدايات القرن الماضي بسبب القهر والحرمان وأتخذوا العراق وطناً نهائياً لهم ودفعوا ثمن وطنيتهم مراراً. الجالية الإيرانية موضع ترحيب طبعاً، لكنَّ بعضهم انتهز الفرصة بعد 2003 وبحكم انتمائه للأحزاب الدينية و(مرونته) السياسية مع إيران ودول غربية، تصدروا الواجهة فاحتلوا أعلى المواقع السيادية كوزراء ونواب وفي إدارة المحافظات، فمنهم وزير التعليم العالي ووزير النفط سابقاً الذي جعله المالكي وكيله لشؤون الطاقة !! أي المشرف على وزارات النفط والكهرباء والموارد المائية، أي يتحكم بمصير الاقتصاد العراقي رغم تخلف إدائه واتهامه بالفساد مرارا من قبل البرلمان، وكان آخرها فضيحة توقيعه عقود بقيمة مليار وسبعمائة مليون دولار مع شركة كندية وهمية وشركة ألمانية مفلسة!
ولنلاحظ إنه طوال تاريخ الأزمة بين العراق وإيران لم ترد عبارة (آبار نفط مشتركة) بين العراق وإيران إلا بعد 2003 أي بعد أن استتب الوضع لأتباع إيران داخل الأحزاب الدينية وخارجها. وعلى نفس الخلفية تم استبعاد عشرات علماء وخبراء النفط العراقيين الذين يشرفون ويديرون مؤسسات نفط عالمية في الولايات المتحدة وأوربا والخليج العربي، ناهيك عن الموجودين في الداخل، لقد تم استبعاد الجميع ليستلم شهرستاني وزارة النفط ثم ليشرف على عموم شؤون الطاقة في العراق !!
ورغم إن تغلغُلَ هؤلاء يهدد مستقبلاً بتحويل العراق إلى ولاية إيرانية، فإن حكومة الأحزاب الدينية توغل في استفزاز العراقيين بطريقة لم تعد تُحتمل، إذ أعلنت كتلة التحالف الوطني (حزب الدعوة والمجلس الأعلى وتيار الصدر..الخ) عن ترشيح علي الدباغ لمنصب وزير الداخلية !!
فمن هو علي الدباغ هذا ؟ وما هي مؤهلاته ؟!
قبيل سقوط النظام بشهور، بدأ إسم (الدكتور علي الدباغ) يظهر على الفضائيات مكتوب تحت اسمه (متخصص بشؤون المرجعية). وغداة انتخابات 2005 ارتبط (بقائمة الكفاءات) مع حسين الشهرستاني وآخرين، وبدعم من المرجعية انخرطت المجموعة (بقائمة الإئتلاف) ليختاره المالكي الذي أصبح رئيساً للوزراء 2006 ناطقاً باسم حكومته وإن وظيفة الناطق باسم الحكومة هي درجة خاصة تتطلب شهادة بكلوريوس كحد أدنى، في حين أوضح النائب صباح الساعدي لفضائية (الشرقية) غداة انتخابات 2010 (إن الشهادة التي قدمها الدباغ للجنة الإنتخابات كمرشح للبرلمان، هي شهادة الثانوية)! .
وغداة انتخابات 2010 اوفده المالكي لمقابلة رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء التركي ثم إلى دمشق لترتيب صفقات لتكريس المالكي في رئاسة الوزارة ثانيةً، ورغم دعم نظام دمشق المشهود للإرهابيين لكنه تحول بحكم التأثير الإيراني وطموحات المالكي لنظام حليف! أما أرواح العراقيين ومآسيهم فلها الله مادام المالكي والدباغ على كرسي السلطة الذي تنز منه دماء الضحايا!  
تدخل الدباغ في شؤون الرياضة العراقية غارقاً بتفاصيلها ولولا الحملات الإعلامية المضادة لوجدناه الآن على كرسي عدي صدام في اللجنة الأولمبية.
بعد أن أصبح الدباغ ناطقاً باسم الحكومة ثانيةً، جاء إلى لندن بمعية المالكي في 2009 وعقد الدباغ ندوة حضرها جمهور من الجالية العراقية، فسأله أحد الحاضرين: ما هو برنامج حكومتكم لتطوير الصناعة والزراعة في العراق؟!
فقال الدباغ: (العراق ليس بحاجة للصناعة والزراعة، بإمكان العراقيين أن يعيشوا على عائدات النفط وعلى السياحة ) !!
ومن يتأمل هذه الإجابة ومغزاها، يستطيع معرفة هذا النمط من السياسيين الجدد وطبيعة الأدوار الموكلة إليهم. إن ما قاله الدباغ هو عنوان البرنامج الاقتصادي الهادف لتكريس التبعية الاقتصادية للغرب عموماً ولإيران وتركيا ضمناً، وهو البرنامج الذي طبقته حكومة المالكي واستثمرته قيادات الأحزاب الكردية والدينية لمصالحها التجارية الخاصة، حيث امتلكت مفاتيح التجارة الخارجية عبر الوكالات والسماسرة مُكرّسةً التخلف الصناعي والزراعي لأن أرباحها التجارية تعود عليهم بمليارات الدولارات سنوياً، ومقابل ذلك يتم تنفيذ رغبات أولياء النعمة الإقليميين والدوليين ..
الدباغ إذن يعي ما يقول وإجابته تلك ليست مجرد اجتهاد شخصي، بل هي (نظرية) مجلوبة مع دبابات الاحتلال سبق وإن رددها كثيرون وأعترف بها همام حمودي في مقابل مع عدنان الطائي عبر فضائية (العراقية) وهو يتحدث عن برنامج (الإئتلاف الوطني) عشية انتخابات 2010 حيث قال حمودي (يُراد للعراق أن يكون بلداً استهلاكياً) زاعماً إن قائمته تريد تطوير الصناعة والزراعة ولكن لم نر شيئاً من هذا الزعم لحد الآن !! .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب