كنت أقلّب في مواقع النت، فوقعت عيني على قصة لأحد المجاهدين في الحشد الشعبي، قالوا عنها: أنها تشبه قصة علي الأكبر، وعندما قرأتها تأثرت بها شديداً، ثم بكيت، فعلا انها تذكرنا بمصرع الأكبر عليه السلام، وسأروي لكم القصتين.
قصة ذلك الشهيد: الحاج ((زامل عبد الحسن الدراجي )) من سكنة محافظة العمارة، التحق بعد اعلان حالة الجهاد بصفوف الحشد الشعبي، مع العلم انه كبير في السن اذ تجاوز عمره 63، قبل ان يذهب للقتال، اجتمع مع ابنه الوحيد “خضير” وقال له بالحرف الواحد:
“بوية الجهاد كفائي وانه رايح، ابقه هنا يم امك، بوية ما اوصيك عليهة “.
من بداية الجهاد والحاج زامل عبد الحسن يقاتل، بمنطقة الهياكل في الفلوجة، ولا يعلم ان ابنه “خضير” قد التحق بعده بأيام، و اوصى مسؤوله وجميع المتواجدين في المعسكر، ان لايعلموا ابيه بخبر التحاقه ، وكانت والدة خضير هي من ساعدته على فعل هذا الامر.
عندما كان الوالد يرجع لمنزله (ينزل للاستراحة)، يجد ولدهُ موجوداً فيروي لولدهِ قصص عن بطولات الشباب، ضمن هذا القاطع، وبالمقابل كان خضير ينصت جيدا،ً و كأنه لا يعلم شيئا عن ما يرويه والده.
بعد مرور فترة من الزمن، يقول الحاج زامل بعد التحاقه بيومين (من آخر استراحه له)، تعرضت منطقة الهياكل لهجوم بسيارة مدرعة، و مفخخة وكان ذاك اليوم عاصفاً برياح ترابية، مما اثر على عدم اصابت السيارة بصواريخ الار بي جي 7، واقتربت السياره من الساتر، ” بهاي اللحظه وحكــ علي شفت ولد يركض، ولاف روحة بعلم، وكف كبال المدرعه وجه بوجه وضربهه، بس خطية جرحتة الشضايا، گلت بويه لو هيج الزلم لو لا بويه، هذا بيه رس من علي الاكبر،و ركضوا اخوته الشباب عليه واني هم ركضت وياهم، بس ماخلوني اروح، ومن جابوه خطية الولد طلع نازف هواي” ويلفظ بأنفاسة الاخيرة “،وهم ماخلوني اشوفة كتلهم شني السالفه بويه، ليش ،اريد اشوفه اتبارك بيه، هذا البطل منين ” فأذا الشباب قد هموا بالبكاء والعويل!.
أقتربت من ذلك الشاب فأذا به ولدي! “، بويه هذا خضير جدر كلبي، ردت اصرخ وكضيت حلكي باوعت عليه، رديت باوعت على ربعه”، واذا به يقول:( ابي اعذرني بس وحكـ العباس اخو زينب ماكدرت،
بوية اريد اوكف كبال الحسين واني رافع راسي، وسامحني اذا ماسمعت كلامك، بس صوت الحسين بأذني يصيح هيهات منا الذله).
فاضت روحة بين يدي، وقلت لأصحابه: ” بويه شيلو تاج راسي” وعدت لوالدته ولم اعاتبها، لكن قلت لها :
(زينب خلفت الف زينب).
قصة علي الأكبر: لما لم يبقى مع الحسين عليه السلام، إلا أهل بيته، عزموا على ملاقاة الحتوف ببأس شديد، وأول من تقدم أبو الحسن علي الأكبر عليه السلام، وعمره سبع وعشرون سنة.
تعلقن بأطرافه مخدرات الأمامة وقلن: ارحم غربتنا لا طاقة لنا على فراقك فلم يعبأ بهن لأنه يرى حجة الوقت مكثوراً، قد أجتمع أعداؤه على إراقة دمه الطاهر، فأستأذن أباه، وبرز على فرس للحسين تسمى “لاحقاً”.
لم يتمالك الحسين عليه السلام دون أن ارخى عينيه بالدموع، وصاح بعمر بن سعد: ما لك؟ قطع الله رحمك كما قطعت رحمي، ولم تحفظ قرابتي من رسول الله( صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله)، وسلط عليك من يذبحك على فراشك، ثم رفع شيبته المقدسة نحو السماء وقال:(اللهم اشهد على هؤلاء، فقد برز إليهم أشبه الناس برسولك محمد خلقاً وخُلقاً ومنطقاً)، ولم يزل يحمل على الميمنة، ويعيدها على الميسرة، ويغوص في الأوساط فلم يقابله جحفل إلا رده، ولا برز إليه شجاع إلا قتله.
قال مرة بن منقذ العبدي: علي آثام العرب إن لم أثكل أباه به، فطعنه بالرمح في ظهره، وضربه بالسيف على رأسه، ففلق هامته، واعتنق فرسه، فاحتمله إلى معسكر الأعداء، وأحاطوا به حتى قطعوه بسيوفهم إرباً إرباً، ونادى رافعاً صوته: عليك مني السلام أبا عبد الله.
هذا جدي قد سقاني بكأسه، شربة لا أظمأ بعدها، وهو يقول إن لك كأساً مذخورة، فأتاه الحسين عليه السلام، وانكب عليه واضعاً خده على خده، وهو يقول: على الدنيا بعدك العفا، ما أجرأهم على الرحمن، وعلى انتهاك حرمة الرسول، يعز على جدك وأبيك، أن تدعوهم فلا يجيبونك وتستغيث بهم فلا يغيثونك.[مقتل الحسين/عبد الرزاق المقرم]
شبان مثل الورد يزهون حسافة على الغبرة ينامون.