في كل الشعوب المتقدمة والمتنورة التي قطعت أشواطا طويلة في ركب الديمقراطية وحرية التعبير والرأي تعطي مساحة كبيرة للتعليم العالي لما لهذه المؤسسة من دور حيوي في بناء هذه الشعوب كون هذه المؤسسة تحتوي النخب والقادة ورجال الفكر والعلم نتيجة الخبرة المتراكمة والقراءة والمتابعة المستمرة للتطور الحاصل في الحياة العلمية والإنسانية ولا يتخلف اثنان على هذا الدور المحوري لان مؤسسة التعليم العالي تمتلك كفاءات علمية عالية وطاقات يمكن أن تقود المجتمع إلى الرقي والتقدم الاقتصادي والاجتماعي والمعرفي .
من هنا كان هناك دور متميز للكادر المتقدم لوزارة التعليم في الإصلاح والتغيير لصالح بناء المؤسسة التعليمية ، بيد أن ما يحز في النفس أن هناك استهداف لكل إجراء تتخذه الوزارة سواء كان هذا الإجراء مقصود أو غير مقصود فمثلا تم تغيير أسماء القاعات في جامعة بغداد والمستنصرية وتم تسميتها بأسماء أساتذة من داخل الجامعة نظراً لجهودهم العلمية والتربوية فضلا عن سنوات الخدمة الجامعية لهؤلاء الأساتذة وهذا الإجراء إنما يعبر لمن لديه حب لهذا البلد عن حنكة ودراية وحكمة ، نعم قد تكون بعض الرموز تعبر عن صرح شامخ لدى الشيعة ولكن عملية التغيير لهذه الأسماء ألا يعبر عن وعي فكري ومجتمعي لمن وضع هذه التعليمات فهل هذه الرموز محتاجة أن يوضع اسمها على القاعات الدراسية ، ألا يفترض أن تكون الجامعات مكان للجميع السنة ، الشيعة ، المسيح ، العرب ، الاكراد ، التركمات ، ما الضير من وضع اسم لأستاذ قضى حياته في خدمة الجامعة .
من هنا لاشك أن الانتقاد ومتابعة تعليمات وإجراءات الوزارات يندرج في الحالة الصحية التي يمر بها العراق في ظل فسحة الحرية بيد ان ما يقوم به البعض وبالخصوص ما يتعلق بعمل وزارة التعليم لا يفسر الا في خانة الاستهداف الشخصي واستغلال مشاعر الشيعة للنير من شخصية السيد علي الاديب واتهامه بالنيل من الرموز الدينية التي هي مثار فخر واعتزاز للاديب وغير الاديب ولكن المعيب في الامر التجاوز على الرموز السياسية ومحاولة التسقيط السياسي والمهني ، فما قام به السيد الوزير عين الصواب ، فالجامعات هي ملك لكل مكونات وأطياف الشعب العراقي .
ولم يكتفي هؤلاء بما يتعلق بموضوعة تغيير أسماء القاعات في الجامعات ذهبوا ابعد من ذلك من خلال استهداف سمعة وتاريخ السيد الأديب متناسين التطور المتميز والانجازات الكبيرة لهذه الوزارة بالرغم من التقصير الإعلامي المتعمد ، فالانجازات في هذه الوزارة هي فخر للجميع ، فبعد أن كانت الجامعات لا يتجاوز عددها أصابع اليد ، اليوم لدينا 25 جامعة موزعة في الشمال والجنوب فقد وصلت هذه الجامعات إلى الاقضية بعد أن كانت مقتصرة على المدن الكبيرة ومن ضمنها قضائي تلعفر والحمدانية ، وحتى الكليات تم رفعها لمستوى جامعة وإنشاء كليات الصيدلة وتطوير صناعة الأدوية في سامراء ونواة جامعة الفلوجة في غربي العراق والهندسة التطبيقية في منطقة القائم الغنية بالموارد الطبيعية مثل الغاز والفوسفات ونواة جامعة القاسم بمحافظة الحلة ونواة كلية ابن حيان في النجف وجامعة متخصصه بالنفط والمعادن في القرنة والانفتاح على العالم الخارجي وتبادل الخبرات لتكون الشهادة العراقية أكاديمية معتمدة في كل أنحاء العالم .
هذه الانجازات والتواصل مع الجامعات العالمية وبث روح الطمأنينة والثقة للأستاذ الجامعي والطالب من خلال جعل الجامعة للجميع لا لطائفة أو مكون أو حزب أو تيار أو حركة ، لكن يبدو ان هذه الانجازات قد أغاضت البعض لذلك كان الاستهداف لوزارة التعليم العالي وشخص وزيرها بالذات ، فلم يتكلم هؤلاء عن انجازات الوزارة وعملها الدؤوب من اجل تطوير التعليم العالي من خلال التواصل الجامعات الرصينة في ظل مبدأ التوأمة وتبادل الخبرات ، ولم تكتفي بالدراسات الأولية والعليا الماجستير والدكتوراه بل اهتمت هذه الوزارة بالتعليم التقني الذي يعد الحلقة الوسطى في العملية الإنتاجية للبلد فضلا عن إدخال الجانب الاستثماري في مجال التعليم من خلال توافق مخرجات الوزارة مع القطاع الخاص وسوق العمل ، هذا إلى جانب معالجة الأديب للكثير من السلبيات الموجودة في الوزارة كالفساد الإداري وإهدار المال العام واسترداده من الوزير السابق . كل هذه الانجازات غابت عن العقول النيرة فقط اشتط غضبها عندما تغير اسم لقاعة دراسية معينة لان الاسم يعتبرونه خاص بتيارهم السياسي متناسين أن السيد محمد باقر الحكيم هو قائد لكل العراقيين ولو كان موجودا بيننا لبارك هذا الإجراء .
ولاشك أن هذه الإجراءات لا تخدم البعض لذلك ذهبت الأقلام والألسن للنيل من هذه الانجازات فضلا عن الاستهداف الشخصي للسيد علي الأديب من خلال اتهامه بضعف القدرة القيادية والإدارية وأخرى بإدخال مناهج طائفية وواحدة بمحاولة فصل الجنسين وتهميش الكفاءات وإقصائها ، واليوم تهمة استهداف الرموز الدينية ، والحق يقال ما قامت به وزارة التعليم العالي من تغيير لأسماء القاعات أو منع استخدام الجامعة لأي غرض ديني دعائي انتخابي ينم عن وعي فكري ومصلحة مجتمعية تحسب للأديب وهي سنة حسنة له أجرها واجر من عمل بها الى اليوم القيامة ويكفي متاجرة بالإسلام والمذهب والرموز الدينية المقدسة .