23 ديسمبر، 2024 3:17 ص

علي الأديب والتعليم العالي

علي الأديب والتعليم العالي

من المؤكد أن الكاتب والمتابع للشأن العراقي يستقوفه بعض المقالات التي ينتقد فيها بعض الشخصيات في العملية السياسية لاسيما أنها تحتل مكانه وتتبوأ موقع مهم وحيوي في الحكومة مثل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، وفيما أطالع الصحف والمجلات والمواقع أوقفي عنوان مقالة هنيئاً لعلي الأديب  كراهيتهم ، للكاتب المغترب فالح حسون الدراجي ، اذ يقول هذا الكاتب سألني أحد الأصدقاء يوماً عن المصادر التي تمدَّني بالمعلومات المهمة في كتابة مقالاتي.. وتساعدني في تحديد الاتجاهات.. وتشخيص العناصر النزيهة، والعناصر الفاسدة في العملية السياسية. خاصة وإني أقيم بعيداً عن العراق. فدهش صاحبي عندما قلت له : إن مصادري كثيرة، ولكن أبرزها هم الأعداء . فضحك صديقي وقال :- كيف؟
قلت له والكلام للدراجي : عندما أجد هجوماً عنيفاً في الصحف والمحطات والمواقع البعثية، والوهابية على شخصية سياسية، او غير سياسية عراقية، فهذا يعني أن هذه الشخصية تعمل بشكل صحيح،  فأغاظهم عملها.. وكلما أزداد نباح الحاقدين، وأرتفع صراخهم ضدها، كلما إزددتُ قناعة بأن هذه الشخصية ماضية في عملها الوطني والمهني بشكل فاعل ومؤثر، وإلاَّ  لم هذا النباح؟! ضحك صديقي بعد أن سمع كلامي هذا، وقال: هذه نظرية جديدة يجب أن تدرس في كليات  الأعلام الوطني الحديث؟
لذلك كل الإمكانات التي خصصت للنيل من عمل وزارة التعليم ذهبت هباءً فلم ينفع تحريض الطلبة على الوزارة بأنها هي من تعرقل منحة الطلبة لان البعض من أعضاء البرلمان هم من يعرقلون هذه المنحة كما فشلت حملة النيل من الوزارة من خلال بث الأكاذيب حول عزم  الوزارة تدريس كتاب (شذرات في فكر الإمام الخميني) كمادة أساسية في منهاج الكليات العراقية باستثناء كليات الطب وطب الأسنان والصيدلة .
هذه الهجمة تدلل ان الوزارة ماضية في الطريق الصحيح لان عملها قد أغاض أعداء العملية السياسية وأعداء التغيير ، فالوزارة وبناءا على توجيهات وزير التعليم العالي، قد اعتمدت إستراتيجية وطنية لتطوير التعليم، لتشكل البداية للارتقاء بالتعليم العالي ليواكب سائر الدول المتقدمة في الحياة العلمية والتعليمية. وهذه الإستراتيجية تطرح ثقافة تعليمية جديدة ترتكز بالأساس على تحويل العملية التعليمية بمدخلاتها ومخرجاتها نحو خدمة المجتمع وتلبية متطلباته المختلفة، في الثوابت الإسلامية والثقافية للمجتمع العراقي .
 هذه الفكرة هي ما أكد عليها وزير التعليم العالي علي الأديب حين أشار أن عراق اليوم لم يعد بحاجة إلى مجرد شهادات جامعية لا تصلح إلا للبحث عن وظيفة ما، بقدر ما هو بحاجة إلى تنمية طاقات إبداعية وعلمية مؤهلة تسهم بإعادة أعمار البلاد وتلبية متطلبات الدولة المدنية الحديثة القائمة على تكامل الإنسان مع مجتمعه. من اجل تحقيق نوع من التكامل بين سياسة التعليم الجامعي وخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وذلك عبر تطوير المناهج الجامعية والتي ستؤدي إلى تخريج كوادر مبدعة وليست متعلمة وحسب بحيث تكون قادرة على تلبية احتياجات المجتمع ومشاريعه التنموية.
كما تعمل الإستراتيجية على  إيجاد قنوات اتصال واعتماد آليات وبرامج متعددة لتحقيق التعاون المتواصل بين مؤسسات الدولة والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني في سبيل تذليل العقبات التي تواجه عملية إعادة أعمار العراق وتنميته. من خلال الانفتاح على الجامعات المتقدمة في العالم، من حيث المناهج والمشاركة وإبتعاث الطلبة والزمالات البحثية، فمنذ عام (2011) بدأت الوزارة تعتمد برامج واليات مختلفة عن المراحل السابقة، تمثلت بالانفتاح والتعاون بشكل اكبر مع الجامعات العالمية، لاسيما أن نظرتها لتلك التجارب في مجال التعليم كانت أكثر ايجابية، وأدركت أهمية مواكبتها وموائمتها بشكل يتوافق مع الخصوصية الثقافية للعراق والذي من شانه أن  يخدم عملية بناء العراق الجديد،  القائم على  تعزيز روح المواطنة ومراعاة حقوق الإنسان وإشاعة مفهوم التعايش والتسامح، وذلك عبر إيجاد قاعدة تعليمية وتثقيفية للطالب الجامعي، لان مهمة الجامعة انطلاقا من الرؤية الفلسفية للوزارة لا تقتصر على التعليم في الجانب العلمي، وإنما تشمل التعليم والتنشئة القيمية والثقافية للطالب، والتي من شانها أن تؤدي إلى خلق إنسان واعي ومتعلم وقادر على الإبداع لامتلاكه أسس المعرفة العلمية والثقافية، التي تمكنه من الانفتاح على الآخر والتعامل مع مستجدات العصر بشكل أكثر ايجابية ويحترم التمايز والتنوع بشكل اكبر.
من هنا الاهتمام بتحقيق انجازات حقيقية في التعليم العالي والبدء بقطف ثمار هذه الرؤية الفلسفية والإستراتيجية نحو بناء مجتمع المعرفة والتطور يرتكز على المضامين القيمية والإنسانية ويؤمن بالتسامح وحوار الثقافات والديمقراطية سيكون خطراً على أصحاب الأفكار الطائفية والشوفينية لذلك لا نستغرب الهجمة الشرسة على وزارة التعليم العالي بشخص وزيرها من قبل أصحاب الشهادات منهم من حصل على درجة الماجستير تحت عنوان ( القيم السائدة  في فكر القائد الضرورة ومن حصل على الدكتوراه في ( الإدارة والاقتصاد في فكر بطل التحرير القومي .