في ظل فسحة الحرية والتحول الديمقراطي في العراق وتمكين الإنسان فيه مادياً وثقافياً فضلا عن حقه في التعبير والتفكير كان لابد من حق الرد على مقالة الكاتبة رحاب السوداني الموسومة التخلف العلمي .. علي الأديب أنموذجا ، التي ابتدأت فيها بالهجوم على شخص علي الأديب باتهامه بعدم إدراك حقيقية التخلف العلمي والثقافي في العراق من خلال ذكر بعض الإحصاءات لبعض الدول النامية التي تتشابه ظروفها الاقتصادية مع العراق مثل كوريا الجنوبية التي خصصت قبل عشرين عاما كل إنفاقها لمدة سبع سنوات للتعليم فقط فكانت النتيجة ظهور جيل من العلماء قدموا انجازات علمية حقيقية وسجلوا 1638 براءة اختراع في المجال الصناعي والتكنولوجي فقط بينما العراق والحديث مازال للأخت الكاتبة لم يحقق في عهده أي تقصد عهد علي الأديب شيئاً ، وهذا كلام جميل وأضيف عليه أن دول مثل اليابان وماليزيا قد وضعت رؤية إستراتيجية للنهوض بالواقع التعليمي لاسيما التعليم المهني والدراسات الأولية والعليا على أساس أن التخصيصات المالية لقطاع التعليم العالي هي تخصيصات منتجة تساهم في رفع مساهمة هذه القطاع في الناتج المحلي الإجمالي ، وهكذا بدأت عملية النهوض بواقع التعليم في اليابان منذ العام 1950 ، وكذلك في ماليزيا منذ العام 1970 ، وهذا يعني أن نتاج العملية التعليمية بحاجة إلى مدة زمنية حتى تظهر ثمار ونتائج هذه العملية على المجتمع .
أما اتهام الكاتبة للسيد الأديب بعدم إدراكه لهذا الواقع فهو عاري عن الصحة ويبتعد عن الحقيقة التي يراد منها تشويه صورة الانجازات العلمية لهذه الوزارة بشخص وزيرها الذي أعاد للتعليم العالي هيبته وأعاد للجامعات العراقية بريقها والساعي بكل ما يملك من اجل أن يعيد للتعليم العالي مكانته ومساهمته في النهوض بالواقع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للبلد ، بعد حقبة تاريخية استمرت لأكثر من ثلاثة عقود ابتعدت فيها هذه الوزارة عن المهنية وسيطرت الأفكار المتطرفة على هذه الوزارة من خلال تدريس الأفكار المتطرفة ، لذلك يتناسى البعض من الكتاب أن أزمة التعليم العالي والجامعات العراقية لا تعود إلى ما بعد عام 2003 بل أنها ترجع إلى ما يزيد عن 30 عام حينما كان التعليم العالي الجامعي رهينة بيد النظام السابق ، وهكذا بفضل سياسات هذا النظام والعزلة الدولية وتفشي الفساد أصبح التعليم العالي مجرد تعليم سطحي لمنح شهادات عليا ماجستير ودكتوراه في عناوين منها القيم السائدة في أحاديث الرئيس القائد صدام حسين و التنمية الاقتصادية في فكر صدام حسين ومؤشرات التقييم في فكر القائد صدام حسين والدولة وهيكلها في فكر القائد صدام حسين والتكنولوجية والتقدم العلمي في فكر القائد صدام حسين .
هذا الواقع يدركه علي الأديب وعليه بدأ بخطوات بنيوية للنهوض بالواقع التعليمي في العراق لان الوزارة التي يديرها ليست كبقية الوزارات في طبيعتها وفي مسؤوليتها الحساسة ، فهي قبل كل شيء تمثل العصب العلمي والفكري والحضاري للبلد وعليها تقع مسؤولية إعداد الكادر العلمي والإداري والاقتصادي الذي تحتاجه الأمة في بناء اقتصادها ومؤسساتها المختلفة ، لذلك كانت أولى خطواته تطبيق القانون بحق المنتسبين في الوزارة من يحمل صفة العضوية في حزب البعث ( عضو فرقة أو عضو شعبة ) وهذا لا يعطى مناصب قيادية ، والأمر نفسه ينطبق على الأجهزة القمعية من امن وامن خاص وهكذا بالنسبة للمناهج التي تدرس مفردات تكفيرية متطرفة التي تصنع الصراعات بين مختلف الطلاب ولكي لا تساهم المعاهد والكليات والجامعات في عملية الضخ الفكري لهذه الأفكار كان لابد من تغيير هذه المناهج في ظل التحول الديمقراطي السائد في البلد ، هذا إلى جانب المبادرة التعليمية التي بدأت بإرسال 600 طالب ضمن هذه المبادرة وعلى نفقة الدولة والتي وضعت على ضوء دراسات ومؤتمرات ولقاءات مع مختلف المنظمات الدولية والأمم المتحدة ، ناهيك عن المشاريع الكبيرة في قطاع التعليم العالي مثل إنشاء الجامعات والكليات وإضافة الأقسام العلمية للكثير من الكليات وتطوير القطاع الخاص التعليمي فضلا عن الاهتمام بالأقسام الداخلية وتوفيها لكل طلبة المحافظات وتجهيزها بكل سبل الراحة هذا في ظل التخصيصات المالية التي لا ترتقي إلى مستوى الطموح لاسيما وان البعض من الدول النامية التي تحدثت عنها الكاتبة رحاب السوداني في مقالها قد خصصت 26% من موازنتها الاتحادية لقطاع التعليم في حين أن نسبة التخصيصات المالية لهذا القطاع في العراق لا تتجاوز 2% ولكنها استغلت بشكل ايجابي من قبل الكادر المتقدم لوزارة التعليم العالي وعلى رأسهم علي الأديب الذي تعرض لهجوم عنيف من قبل الصحف والمحطات والفضائيات الصفراء لأنه شخصية عراقية وطنية عملت بجد وتفاني هذا الاجتهاد في العمل قد أغاض بعض الإطراف مما جعلها تقود حملة وهجمة ضد وزير التعليم العالي وقد جاءت نتيجة الحقد والكراهية على هذه الشخصية التي حققت انجازات حقيقية لتغيير واقع التعليم العالي في العراق ولا مجال لذكر هذه الانجازات بالأرقام والإعداد والإحصاءات الرسمية وهي لعمري انجازات كافية لاستفزاز هذه الإطراف لاسيما وان الفترة التي تولى فيها الأديب قليلة في ظل تجارب طويلة لدول نامية استمرت لعقود حتى جنت ثمار هذه التجارب .