23 ديسمبر، 2024 4:35 م

علي إبن أبي طالب في الجنة.. فلماذا نبكي عليه…؟!

علي إبن أبي طالب في الجنة.. فلماذا نبكي عليه…؟!

منذ العام الأربعين للهجرة، والى اليوم، أي ما يقارب (13988) سنة، ونحن نبكي لحظة مصرع “علي إبن أبي طالب”..! لماذا نبكي عليه..؟ ونحن نعلم بأنه لم يمت بسند قرأني يقول الله فيه: بأن الشهداء لا يموتون بل أحياء عنده يرزقون، وإن وجود”علي” في العالم الأخر هو عملية إنتقالية كما ينتقل أحدنا بين أركان داره لا اكثر ولا أقل، كونه مخلوق مميز بعصمة، وعليه واجبات وله حقوق، و إنتقاله لذلك العالم، من ضمن واجباته وحقوقه..،
قبل أن أعطي وجهة نظري بأسباب البكاء على “علي إبن أبي طالب” أود أن أشير الى أن البكاء عليه مختلف بأنواع ولأسباب، وينطلق من عدة مباني، ويمكننا من خلال ذكرها سنتعرف على تلكم الأسباب ، ولكن وللتركيز سأحصر تلك الإختلافات والمباني على ثلاث زوايا فقط وهي :-
الأولى: وهي مشروعة بالأثر الإيجابي، ولكنها نادرة الحصول في أنفس محبيه ومريديه وعاشقيه، وهنا لا يتعدون عدد الأنفار في عالم الدنيا..! وهم ممن يرى بنفسه يمثل وجود “علي إبن أبي طالب” في محيطه، ويستشعر حياته ومصيبته في المجتمع، فيبكيه على أثر ما يلاقيه ذلك الباكي من صعوبات واجهة “علي” من قبله، والتي انتهت به يرفس برجليه..! من وقع السيف في محراب صلاته فجراً..! ويكاد ينعدم مثل هولاء الباكون في وقتنا الحاضر..! إلا من ثلة قليلة جداً، تغلغل حب علي وعشقه بعروقها، لدرجة الشعور بوجوده حيا بينهم.
الثانية: وهي مشروعة بغير أثر، وتشاع لها الأماكن والمجالس والمحافل في عالم الدنيا، وتختص بمن يوالونه لفظا ونطقا فقط، من دون المساس به، بإعتبار أنه لا يمكن المساس بقدسيته، وتنطلق من مباني العاطفة التي تتهيج في نفوس المتلقين لخبر فاجعة “علي” من على منابر الذاكرين والقراء، وسرعان ما ينتهي أثرها بزوال أدوات التأثير (الشعور والحس والعاطفة)، وينظر لعلي هنا، بأنه حالة فريدة من نوعها، وما كان لها أن تنتهي بهذه النهاية المحزنة، وأدق ما استطيع أن اصف بها هذه الزاوية، بأنها دراما صورية أفتراضية، مستوحاة من الواقع الذي عاشه الامام “علي”..
الثالثة: وهي مشروعة بأثر سلبي..! ومن الملفت للنظر، إن هذا المبنى يشاع ويكثر بصورة كبيرة كلما تقدمت الأعوام..! حتى صار هو الصفة التي تقاس بالأغلبية في عصرنا هذا، و مباني البكاء هنا ليس بدافع إستشعار حياته أو مصيبته، بل لفقدان وجوده ونفسه وصفاته في المجتمع، وكون المجتمع أبعد نقطة عن “علي أبن ابي طالب” فهو لا يبكيه لشخصه، بل يبكي لأنه فقد إنسانيته من جهة..! وإنه ليس على إستعداد أن يكون بصفاته من جهة أخرى في وقت هو قادر على ذلك..! وهذا ما يدخل أطر النفاق داخل نفس الباكي، فمثلا هو يبكي لأنه يسمع بأن “علي” يتكفل الأيتام وتركهم يتامى من بعده، في وقت إن من حول الباكي عشرات الايتام..ّ تحتاج الى من يحب عمل علي ويبكي عليه.
بهذا القدر وختاماً أقول؛ علي لا يحتاج الى من يبكيه بعين، ويبتعد عن أخلاقياته بعقل ولب وقلب وفعل، “علي” لم يمت بشهادة ونص القرأن وإجماع الإنسانية، علي ليس دارما او مسلسل صوري لأستجداء دموع المجتمع، بدافع كسب بعض المنافع، علي رسالة للإنسانية، يقول فيها أحد المستبصرين ” عشت سبعة وخمسون سنة ملحدا..! وما عرفت الله حتى عرفت علي، فالذي خلق علي جديرا بالعبادة، هكذا لابد أن نعرف “علي” وليس كما يعرف لنا اليوم، بأنه دمعة ينتهي تحت ركابها الولاء له ولأهل بيته….