لا أحد يمكنه أن ينفي ما قدمته وتقدمه وسائل الإعلام الكردية في التعبئة الشعبوية ضد الحكومة الاتحادية وفق خطاب سياسي موحد رغم كل الاختلافات بين الأحزاب الكردية حول معالجة الأزمات داخل كردستان في مقدمتها رئاسة الإقليم وآلية تفعيل البرلمان واستفتاء الاستقلال، وقد ركز الإعلام الكردي بتوجيه حزبي في إثارة عواطف الشعب الكردي من خلال مجموعة من الأكاذيب وتشويه الحقائق وتحت عناوين مختلفة مثل( الرواتب ، المناطق المتنازع عليها ، فقدان الشراكة مع بغداد ، معاناة المواطن الكردي،حلم الدولة الكردية من خلال الاستفتاء) . بحيث أصبحت تصريحات مسعود البرزاني وقادة الأحزاب على خط واحد تجاه العلاقة مع بغداد. هذه الطريقة والخطاب الواحد تمكن من التأثير القوي على الشارع الكردي وحشده تجاه المشاركة الفاعلة في استفتاء يوم 25 أيلول 2017.
والمتابع لتصريحات المسؤولين وأحاديث المحللين السياسيين والكتاب الكرد عن معاناة الشعب الكردي، وان الحكومة الاتحادية هي المسؤولة عن ذلك ،وهم على معرفة تامة أن مسعود البرزاني وحكومته هي المسؤولة الأولى عن أزمة رواتب الموظفين وما حصل من أزمات في كردستان وليس لحكومة العبادي أي دور فيها بدليل أن كردستان تصدر 900 ألف برميل نفط يوميا تذهب وارداتها إلى حسابات العائلة البارزانية والآخرين في بنوك الخارج.
وفي حقيقة الأمر أن الإعلام لعب دورا كبيرا في خلق قناعة للرأي العام الكردي بان استقرار وازدهار كردستان يأتي من خلال إعلان الدولة الكردية وليس البقاء مع العراق كما قالها مسعود البرزاني “إن بقاءنا مع بغداد خطا كبير ويجب أن ننهي هذه العلاقة”.كل المسؤولين الأكراد بدون استثناء كانوا يمارسون التلاعب في الألفاظ والمفاهيم وتغيير الحقائق لإيصال المواطن الكردي البسيط ليوم الإدلاء بصوته لصالح الانفصال.في المقابل كان الإعلام العراقي العربي ضعيف وتصريحات متضاربة ولايوجد خطاب موحد تجاه توضيح وكشف زيف وأكاذيب المسؤولين الأكراد.
واستمر إعلام حزبي الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني في حملات الدعاية وتمجيد دعوات رئيس الإقليم مسعود البارزاني نحو الانفصال عن العراق وضرب خصومه وتشويه مواقفهم لدى الرأي العام خاصة حركة التغيير والجماعة الإسلامية. وتضييق الخناق على وسائل الإعلام الكردية المعارضة.حتى استطاع من تحقيق التأثير الديناميكي على المواطن الكردي باتجاه الانفصال عن العراق من خلال الاستفتاء.وخلق الرأي العام القومي تجاه تحقيق الدولة الكردية.
علينا الاعتراف أن الأكراد نجحوا إعلاميا وسياسيا في إيصال رسائلهم لدول العالم من خلال مناصبهم في الحكومة الاتحادية خاصة عندما كان هوشيار زيباري وزيرا للخارجية في عهد حكومتي المالكي الأولى والثانية . وزيارات مسعود البارزاني لدول الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة والعلاقة التاريخية بين القيادات الكردية وإسرائيل، والاهم من كل ذلك هو استغلالهم لرغبة نوري المالكي في الولاية الثانية عام 2010 وتنازله للأكراد على حساب العراق من خلال سحب الجيش العراقي من ما يسمى “المناطق المتنازع عليها” بموجب اتفاقية أربيل التي كتبت بخط المالكي مقابل تجديد الولاء لنوري المالكي لرئاسة الوزراء.
علينا الاستفادة من درس الاستفتاء وكيف نعمل على تعزيز قوة القانون والحفاظ على وحدة العراق وعدم التساهل والمجاملة مع أي مسؤول يتصرف خارج السياقات الدستورية والقانونية وعلى السلطات الثلاث أن تتحمل مسؤولية ذلك أمام الشعب. وأكيد الإعلام سيكون على متابعة في تنفيذ قرارات الحكومة الاتحادية والبرلمان بشأن الرد على الاستفتاء .وحمى الله العراق.