قراءة جديدة في البحث عن مكانة العراق ؟ وعقدة التدخلات الإيرانية ؟
أكد بيان خليجي أميركي على أهمية الشراكة الإستراتيجية بين الدول الخليجية والولايات المتحدة ، وذلك في ختام قمة جدة للأمن والتنمية بالسعودية التي شارك فيها الرئيس الأميركي جو بايدن بحضور قادة دول الخليج والأردن ومصر والعراق ، في حين نفى وزير الخارجية السعودي أي نقاش بشأن تحالف دفاعي مع إسرائيل وأشار قادة مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة ، في بيان مشترك على هامش قمة جدة للتنمية والأمن ، التزامهم بحفظ أمن المنطقة واستقرارها ! ومن البديهي التذكير بأن جميع دول العالم لابد لها من التسليم بأمر واحد من أمرين في علاقاتها مع الدول المجاورة .. معاهدات وإتفاقات قد تقود إلى تكوين وإقامة تحالفات أو إتحادات أو الرضوخ والإستسلام المطلق لمشاكل تبدأ ولا تنتهي ، هذا هو منطق العلاقات الدولية وإعتماده على المصالح الستراتيجية لكل بلد .. والعراق واحد من هذه البلدان التي عانت من التدخلات الخارجية لدول الجوار ودول أخرى لها تأثير كبير على هذه الدول بعيدة جغرافيا لكنها قريبة جدا عما يدور من أحداث ، فمن الأمور الثابتة للسياسة الأمريكية في المنطقة مثلاً ، تواجد وتجوال أساطيلها العسكرية الكبرى في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر والخليج العربي وبحر العرب وقواعد عسكرية لا تحصى في أغلب دول المناطق المجاورة للعراق ! السعودية ، الكويت ، الأردن ، تركيا ، وعلى مقربة جداً في قطر والبحرين ، بمعنى آخر أن أمريكا تلاحق الإيرانيين أينما تحركوا .. برا وبحرا وجوا وهو ما يغذي شرعية التدخل الإيراني المعلن وغير المعلن في العراق ، الإيرانيون يكذبون حين وضعوا حجج تدخلهم في العراق بالحفاظ على المقدسات الدينية في النجف وكربلاء وسامراء ومناطق أخرى ثم أضافوا لهذا التدخل سببا آخر وهو الحفاظ على العاصمة بغداد من السقوط ! وكأن العراقيين ليست لديهم قوات عسكرية وشرطة وعناصر أمنية ورجال قادرون للدفاع عن أرضهم كي يدفع الإيرانيون بسرايا مضحكة من ضباط المخابرات وبعض ما يسمى بالمستشارين وهم في حقيقتهم أصابع مخفية لذراع طويل من التدخل الإيراني في العراق تم تدريبه وتلقينه أوامر صريحة بالدفاع عن أتباع ومصالح وسفارة وقنصليات إيران في العراق في هذا الظرف على الأقل ، لأن المستقبل القريب يحمل في طياته مفاجآت أعدها الإيرانيون مسبقا لنزع صورة التطرف والإنعزال عنهم في العراق وتحديدا داخل المنظومة السياسية لأن كل شيء قابل للتغيير والإستبدال فقرارات النقض الإيرانية هي من يحكم ويحسم الأمور بدءا بالرئاسات الثلاث والكتل والأحزاب السياسية في مجلس النواب وأولها السنية لأن السياسيين السنة أقلية أمام الأغلبية الشيعية في الحكم والبرلمان وأغلب مناصب الدولة ، وعليه فإن علاقتهم مع الإيرانيين محسومة لصالحهم لأن طهران بدأت برفع بطاقات الإنذار للسياسيين الشيعة في العراق بعد حدوث ثغرات كبيرة في الإئتلاف الشيعي وتعدد المطالبين والمفاوضين مع طهران عكس الإئتلاف السني الذي يروج بالعداء الكاذب لإيران لكن حقيقة الأمر تسوية وتمهيد طريقهم لرضى إيران بوحدة كلمتهم ! إيران لا تتدخل في العراق وحسب بل تحكم العراق من قم وطهران ولا يمكنها التنازل عما تعده حقا لها .. فالعراق في نظر الإيرانيين إقليم إنتزعه العرب المسلمون من الفرس وهو فكر وعقيدة تعشعش داخل عواطف وعقول الإيرانيين ، والعراق هو ونفطه وفراته ودجلته جزء لا يتجزء من الثروة القومية الإيرانية لابد لها من العودة يوما الى خزائن فارس! هل يتمكن سياسي عراقي واحد أن يتصدى لإيران ويعرقل تدخلها حتى في مناهج الدراسة ؟ هل يتمكن سياسي عراقي أن يخاطب إيران كما يخاطب الأتراك والسعوديين أم أن هناك رعب من تصفيته بعد ساعات إن لم يكن بعد دقائق .. نحن محكومون بقرار إيراني يتوسع أكثر وتدق أسافينه في ضلوع العراقيين وهم يخوضون حربا مريرة لتنظيف العراق من الإحتلال الداعشي ، أما إيران فهي تتفرج على نزيفنا وخراب إقتصادنا كي تقدم لمن يصدقها بضع مقاطع إعلامية كاذبة عنوانها الدفاع عن العراق ومقدساته وهي الرابح الأكبر قبل أمريكا من موتنا ودمار مدننا وغموض مستقبل أجيالنا .. ولله – الآمر