منطقة البتاويين عصية على الاندحار
لا أميل الى تضخيم الامور وتعظيم الاحداث , والمبالغة في الكلام ؛ فالدنيا هي الدنيا كما قيل قديما : دار بالبلاء محفوفة، وبالغدر معروفة، لا تدوم أحوالها، ولا يسلم نزالها … ؛ فلا تخلو دولة من جرائم و سلبيات ؛ نعم يقع الاختلاف في النسب والظروف والمعالجات ؛ اذ يعتبر حي (براونزفيل ) – و هو حي يهودي , يقع شمالي منطقة بروكلين في ولاية نيويورك الامريكية – ؛ أخطر مكان في الولاية على مستوى العنف والمخدرات والسرقات والجريمة المنظمة، وتجارة الجنس في الأندية الليلية ... ؛ رغم امتلاك الولايات المتحدة الامريكية، اكبر واشرس جهاز امني في العالم، الا ان هذا الجهاز لم يستطع انهاء الجرائم التي تجري في المنطقة او السيطرة على ما يجري فيها، وأغلب دول العالم موبوءة بأمثال تلك المناطق التي تكثر فيها الجريمة وينشط فيها المجرمون .
كان المجرمون وعصابات ومافيات البتاويين ؛ ينشطون في النهار ايضا , وتتنوع انشطتهم الشيطانية لاسيما في حديقة الامة وساحة التحرير ؛ لإغراء الشباب السذج واغواء الجهلة من ابناء المحافظات ومناطق بغداد النائية ؛ و يملك تجار المخدرات والجنس وكلاء لهم ؛ يتخذون من “حديقة الامة”، وساحة التحرير وغيرهما في الباب الشرقي مقرا لهم، يقوموا من خلالها بجلب الزبائن الراغبين بتعاطي المخدرات او ممارسة الجنس مع فتيات وصبية بمختلف الاعمار حتى دون سن البلوغ … ؛ وقال بعض الشهود العيان لـ (بغداد اليوم) في وقت سابق : ان “عدد من تجار المخدرات والجنس، يتواجدون على الاغلب في النهار في ساحة الامة، لعرض بضاعتهم اما بصورة سرية او بصورة علنية على معارفهم ومرتاديهم بشكل منظم... ؛ وأضاف : ان “تجارة الجنس والمخدرات في المنطقة من اكثر الجرائم ممارسة في البتاوين، وهي جدا رائجة فيها، مشيرا الى، ان “بعض الجرائم تحدث عن طريق استدراج بعض المراهقين بحجة تجارة الجنس في المنطقة، وعند دخولهم يتعرضون للأذى واخذ ما في جيبوهم”... ؛ ووصف الحاج (م . ث)، صاحب احد المحلات القريبة من المنطقة، منطقة البتاوين بـ (شارع الرعب)، مشيرا الى ان عمليات تعاطي المخدرات والممارسات غير الاخلاقية تنشط مساء… ؛ وقال لـ /المعلومة/، ان : “الدخول ليلا في ازقة البتاوين مجازفة كبيرة، فلا يستبعد ان تخرج مجموعة من العصابات لايذاء الشخص الغريب، موضحا، ان “هناك بعض الشوارع في المنطقة التي يمكن ان تحدث بها هذه الممارسات”... ؛ واضاف، ان “القوات الامنية متواجدة بشكل دائم في المنطقة ومفارزها منتشرة، لكن هذا الامر لم يحد من عملية المتاجرة وتعاطي المخدرات ، على اعتبار ان هذا الملف هو احد مشاكل البلد”... ؛ وتابع، ان “المخدرات هي مصدر كل الانحرافات والجرائم الطارئة على المجتمع العراقي، مطالبا وزارة الداخلية بـ “القضاء على هذه الافة التي تركت نتائج سلبية على الشباب”… .
وقد أدلى احد ضباط الشرطة بشهادته في وقت سابق , قائلا : (( قد تحولت منطقة البتاويين إلى وكر لعصابات القتل ، ومافيات الخطف والاتجار بالمخدرات والجنس ، مبينا : أن السلطات الأمنية العليا تعلم بذلك جيدا… ؛ وتابع : “لا يمر يوم واحد دون أن نسمع عن حدوث جريمة جديدة في بتّاوين”، مؤكدا أن أغلب هذه الجرائم تقع خلال الليل... ؛ وأشار إلى أن قوات الشرطة غالبا ما تتواجد هناك خلال النهار، إلا أنها تتوزع لأداء مهام أخرى أثناء الليل، وهو أمر تستغله العصابات لتنفيذ جرائمها، مشددا على ضرورة إيجاد حل سريع لهذه الأزمة…. ؛ وأضاف أن “القوات العراقية التي تمكنت من دحر تنظيم داعش الإرهابي ، ستكون قادرة بالتأكيد على السيطرة على عصابات تعمل في حيّ محدد ومعروف من قبل الجميع”، مبيناً أن الحل الأنسب هو تنفيذ عمليات مداهمة لأوكار العصابات، فضلاّ عن وضع قوة خاصة تبقى مرابطة في بتّاوين ليلاً ونهاراً، لا سيما قرب الفنادق، والأماكن المهمة القريبة من المنطقة... الخ .
علما ان وزارة الداخلية قد نفذت عملية امنية كبيرة قبل بضع سنوات في منطقة البتاويين ؛ وأوضحت الوزارة في بيان سابق أن “هذه العملية جاءت على وفق معلومات استخبارية دقيقة، ونفذتها قوة مشتركة من وكالة الاستخبارات، وفرقة الرد السريع”... ؛ وأضاف البيان : أن “العملية تهدف إلى فرض هيبة الدولة وإنفاذ القانون وتفتيش هذه المنطقة ومداهمة أوكار المتاجرين ومتعاطي المخدرات والبحث عن المطلوبين المتورطين بحالات الخطف و التسليب ، فضلا عن إغلاق صالات القمار ومحال الخمور والفنادق غير المرخصة، وأماكن الدعارة والمتاجرة بالبشر، وضبط الأسلحة غير المرخصة”... ؛ وتابع، أن “العملية أسفرت عن إلقاء القبض على عدد من المتهمين بمواد قانونية مختلفة”... ؛ الى ذلك اكد مصدر امني : ان ، البتاوين هي اخطر منطقة في بغداد، لانها تحتضن جميع الجرائم والممنوعات، مثل التجارة بالخدرات والاتجار بالبشر، وممارسة الجريمة المنظمة... ؛ وقال لـ (بغداد اليوم) في وقت سابق : ان “وزارة الداخلية تقوم بين فترة وأخرى، بعمليات امنية كبيرة في المنطقة، مشيرا الى ان استخبارات الوزارة غير بعيدة عما يجري في المنطقة، فهي تمتلك عناصر تراقب الوضع في المنطقة عن كثب”... ؛ وأضاف، ان “دوريات الوزارة في النهار تقوم بحماية المنطقة قدر الإمكان، اما في الليل فهي تعتمد على الجهد الاستخباراتي الذي يرصد كل الخروقات التي تمارسها عصابات الجريمة بمختلف مستوياتها”... ؛ وتابع، ان “هناك مسألة أخرى تخص عدد من الأجانب المتواجدين في المنطقة بدون تصاريح رسمية، حيث تقوم الوزارة بين فترة وأخرى بالقبض عليهم وفق الأطر القانونية المتبعة لمديرية الإقامة”... ؛ و قد أشرف وزير الداخلية عثمان الغانمي السابق و في وقت سابق ، على حملة أمنية كبرى في منطقة البتاوين وسط بغداد... الخ .
وفي تاريخ 16-04-2022, أعلنت وكالة الاستخبارات العراقية : إلقاء القبض على تاجر مخدرات إفريقي الجنسية وبحوزته 5 كغ من الكرستال في بغداد… ؛ و في شهر نيسان 2023عام ، ألقي القبض على ما يقرب 200 شخص من العراقيين والأجانب خلال مداهمة كازينوهات غير قانونية في بغداد ومنها منطقة البتاويين ؛ حيث استهدفت الشرطة أربعة نواد ليلية خلال شهر رمضان يمارس فيها الزبائن في غرف مخصصة لعبة البلاك جاك والروليت، وهي أنشطة محظورة في العراق... ؛ وبتاريخ 5- 1 -2024 , أعلنت قيادة قوات الشرطة الاتحادية، اعتقال مطلوب بتهمة الإرهاب في منطقة البتاوين وسط بغداد… الخ .
وقد أكد شهود عيان ومن أهالي المنطقة في وقت سابق ؛ ان مافيات وحزب يتحكمان بالموقف الأمنيفي المنطقة ؛ من جهته قال مصدر أمني خاص لوكالة شفق نيوز طلب عدم الإشارة لأسمه لحساسية المعلومات إن : “بعض القطعات الماسكة للأرض في منطقة البتاويين تتعاون مع شبكات الدعارة وتجار المخدرات”، مبينا أنه : “حتى في حال قررت القيادات الأمنية العليا إجراء عمليات تفتيش في هذه المنطقة فإنه يتم إبلاغ عصابات الجريمة بمختلف صنوفها عبر العديد من المصادر المتعاونة معهم ولهذا فإن عمليات التفتيش تنتهي من دون الخروج بنتائج إيجابية”... ؛ وأضاف المصدر أن : “الآونة الاخيرة شهدت قلة في عمليات الجريمة المنظمة لكن بقيت عمليات الدعارة وتجارة المخدرات مستمرة”، مبينا أن “الجشع وصل ببعض المحسوبين على القوات الأمنية ان تسمح لمحال المشروبات الكحولية بفتح محالهم خلال أشهر محرم وشهر رمضان التي يحظر فيها هذه التجارة، وذلك عبر حماية امنية مقابل مبالغ مادية يتلقاها ضباط كبار في المنطقة”... ؛ وتابع أن “من الصعوبة السيطرة على العصابات في هذه المنطقة وتحديدا في الشوارع الثلاثة المذكورة منذ عام 2003 وحتى الآن”، لافتاً إلى أن “العمليات الأمنية التي تحصل بين مدة وأخرى تكون في أغلبها نتيجة وشايات واختلافات مادية بين المافيات الموجودة في المنطقة ويكون التبليغ الذي يصل للقوات الأمنية عبر أناس مجهولين والقضايا تتعلق بوجود كميات من المواد المخدرة وعمليات اتجار بالبشر”... ؛ وبيّن المصدر الأمني أن “منطقة البتاويين حالياً هي مأوى للمشردين والمتسولين وهؤلاء يعملون بحماية إحدى الأحزاب المتنفذة في البلاد”، من دون ذكر اسم الحزب... الخ .
وعندما كنت اجادل بعض ضباط الامن الوطني وكذلك ضباط الداخلية حول هذا الموضوع الشائك , وأسألهم عن سبب عدم معالجة هذا الملف الامني الخطير والحساس ؛ كانت الاجابة كالتالي : نحن نحتاج الى وجود (جيب امني ) في العاصمة يلتقي فيه كل الاشخاص ومن مختلف المدن والمحافظات والبلدان ؛ كي نرصد تحركات الاعداء والمجرمين , وقواتنا الامنية مسيطرة على الموقف … الخ ؛ علما ان هذه النظرية الامنية قديمة جدا وقد أكل الدهر عليها وشرب ؛ لاسيما بعد التطور الكبير الحاصل في اجهزة الاتصالات و وجود كاميرات المراقبة في كل مكان ؛ فضلا عن بصمة العين وغيرها من التقنيات الامنية والاستخبارية المتطورة ؛ ولو سلمنا جدلا بصحة هذا الرأي ؛ فأين نتائجه الامنية ؛ فالمنطقة مكتظة بالمجرمين ومليئة بالجرائم والمخالفات القانونية , حتى اضحت بؤرة خطيرة تهدد أمن الوطن والمواطن …؟!