يطلق بعض المسؤولين تصريحات وردية لتجاوز الازمة التي تخنق البلاد، هي من الاحلام وليست من الواقع ومن بينهم رئيس الوزراء الذي مايزال يشدد على الاصلاح من دون ان يتخذ خطوات جادة تغير الواقع المتردي.
آخر احلام رئيس الوزراء يعبر عنها مقرب منه بان الاول يسعى الى كتلة نيابية عابرة للطائفية والقومية والاثنية غايتها خلق بيئة لتمرير الاصلاحات الجديدة، وهذا كلام طيب ومسعول، ولكنه مستعار من ذات ترسانة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي الذي لم يحقق منه شيئا، بل انه زاد الامور سوءاً وخرب الدنيا ورحل من كرسي الحكم، واليوم يعود اليه من بوابة حزب الدعوة وائتلاف دولة القانون حين يبحث مع العبادي الخطوات الواجب اتخاذها لتشكيل الحكومة وترشيقها، مما لا يضفي أي جدية على المشروع ولا يعول عليه في انقاذ البلاد التي حطمت قواها وبناها في السنوات السابقة.
والامر لا يحتاج الى كثير من التفكير لاكتشاف عدم المصداقية في الدعوة للاصلاح او انها لا تزال تراوح في مكانها، ولا يمكن لها ان تسير بالعملية السياسية الى الامام، لانها تنطلق من الاساس الخاطىء الذي بني عليه مشروع الدولة، وهو مبدأ المحاصصة المذهبية والاثنية واستبعاد الكفاءة والمهنية في اسناد المسؤولية، كما صاحب هذا البناء المشوه للدولة الفساد الذي استشرى في كل المفاصل واصبح داء عضالاً لا يشفى باي اجراء ترقيعي، ما لم يكن الحل جذرياً وشاملاً، على اساس اعادة بناء العملية السياسية وفقاً للمواطنة والقانون ونبذ المحاصصة، وقبل ذلك كله محاربة الفساد بلا هوادة ، مهما كان الذين اقترفوه ومهما علت مناصبهم ومسؤولياتهم.
من يريد حقاً الاصلاح عليه ان يبدأ بكتلته ويحاسب مفسديها والذين اثروا فيها خلال هذه السنوات القصيرة ويزيح ضعيفي الاداء والكفاءة من النافذين فيها ممن تولوا المسؤولية من دون وجه حق قانوني او شرعي او اخلاقي.
وهؤلاء كثر في الحزب الحاكم (دولة القانون) واضاف لهم عدداً آخر العبادي عندما تولى رئاسة مجلس الوزراء.
ليس هناك ما يمنع مجلس الوزراء اذا كانت التصريحات جدية وليست للتخدير وكسب الوقت والتسويف من التقدم بحزمة من القوانين التي تخفف على الاقل من الاثار الضارة للمحاصصة وتحد من الفساد المصاحب والملازم لها، وتعين الكفاءات والطاقات الوطنية في مختلف مرافق الدولة وما اكثرهم وما اعلى استعدادهم لخدمة البلاد.
الجري وراء كتلة عابرة للطائفية لا يمكن ان يتم ورئيس الوزراء هو من كتلة طائفية ومحاصصية، ويعين كبار المسؤولين على هذا الاساس، اليس بامكان رئيس مجلس الوزراء على سبيل المثال ان يتجاوز المحاصصة في تعيين اعضاء المحكمة الاتحادية ومجلس الخدمة الاتحادي او التقدم بمشروع قانون انتخابي جديد وتشكيل مفوضية انتخابات مستقلة بحق وحقيق ويضع مجلس النواب امام الامر الواقع ويحمله المسؤولية اذا ما رفضها.
ان الكلام عن كتلة عابرة للطائفية من قبل مقربين لرئيس مجلس الوزراء محاولة لنفي ما لا يمكن نفيه عنهم، محاولة لعبور الواقع بكلام لا يقدم ولا يؤخر في الممارسة العملية.. اصلا الكتل النيابية لاتثق بدولة القانون التي تضبط كل من يخرج عن طوعها باساليب معروفة للقاصي والداني.
الاسهل من ذلك ابداء مرونة في معارضة مشاريع القوانين الرئيسة لبناء الدولة والتوافق مع القوى الاخرى في تكوين الهيئات المعطلة، والاستجابة لاقتراحاتها واثبات حسن نيتها مثلاً في الافراج عن تقرير الموصل وتقديم كبار المسؤولين عن سبايكر الى المحاسبة.