23 ديسمبر، 2024 10:36 ص

على من نلقي بلومنا

على من نلقي بلومنا

على من تعتب ولمن تشتكي ومن ذاك الذي يسمع .. تنادت الاصوات الخيرة مناشدة من بيدهم قوة القرار السياسي واصحاب الحل والربط ومن يتربعون على كراسي الحكم، منبهة ومحذرة من مغبة الاستمرار والايغال في الخطاب التصعيدي وهوس الحرب ودق طبولها مذكرة بما آلت اليه مآلات الحروب الخارجية والداخلية من مآس وويلات على الشعب العراقي والتي ما لازالت عالقة في ذاكرة الكبير والصغير على حد سواء .. لازال الطفل المشرد والام المرملة والعائلة المهجرة الكل يئن تحت وطئة ذلك الكابوس المرعب .. لا ندري كيف يمكن للانسان ان ينسى او يتناسى الكم الهائل من الارواح البريئة التي زهقت في الحرب العراقية –الايرانية وكم هي الجثث التي ملأت شط العرب وطفت فوق مياهه حتى وصلت الخليج العربي ،و كم هي اعداد الشهداء من العرب والكرد الذين سالت دمائهم على جبال كردستان وكم من الارواح البريئة التى زجت في دوامة الصراعات و الحروب الظالمة من قبل الانظمة الدموية التي حكمت العراق والتي لا يعنيها ذلك الدم بقدر ما يعنيها تشبثها بكرسي الحكم ..وكم سقطت من الارواح نتيجة حروب الاخوة ،ناهيكم عن الاف الشهداء الذين راحوا ضحايا النظام البائد وفوق هذا وذاك ما خلفه ارهاب القاعدة ولازال والحرب الطائفية وويلاتها ..فهل يمكن لمن يمتلك الوجدان والضمير الحي ان ينسى ما جرى بالامس القريب والجراح لم تندمل بعد؟.
وها هي اليوم تتعالى الاصوات لتدق طبول الحرب فما اشبه اليوم بالبارحة ،بالامس القينا باللائمة على نظام البعث وصدام حسين وهذه حقيقة ثابتة ولكن من يتحمل مسؤولية ما يجري الان من التهيئة والاعداد للصدام المحتمل بين ابناء الشعب العراقي عربا وكردا ومهما كانت الحجج والمبررات فان الشعب العراقي يرفض الحرب ويدين مشعليها، وهل عجز عقلاء القوم من ايجاد الحل المناسب الذي يكفل سلامة الوطن والمواطن من وقوع حرب طاحنة  الكل فيها خاسرون ،ام غاب العقل والمنطق على حد سواء .
ومما يثير الحيرة والاستغراب والتساؤل كذلك هي الادوار التي وكأنها اعدت سلفا ووزعت على عناصر محددة تجيد فن اثارت الشقاق والفتنة بين اطراف العملية السياسية المأزومة اصلا، وهذه الشخصيات موجودة في الحكومة والبرلمان وقد سارعت فورا في الظهور على القنوات الفضائية وهي محملة بقوائم الاتهام والادانة بالعمالة وتضرب شمالا ويمينا وترعد وتزبد مما ادى كثرة وشدة تصريحاتها الى تأزم المواقف الى حد الاصطدام العسكري الذى اذا ما اندلع فمن الصعب السيطرة عليه واخماده ،وعلى الجانب الأخر لم نسمع او نلمس الا صيحات خجلة تنادي بالجلوس الى مائدة الحوار لاطفاء نار الفتنة والاحتكام الى صوت العقل وتفعيل الدستور ، وهنا كذلك مسألة محيرة فأنك تسمع جميع الفرقاء المتخاصمة ينادي بالاحتكام الى الدستور والالتزام ببنوده ويتهم الاخرين بخرقه ..ولكن وكما يبدو ان حقائق بدت تظهر وتطفوا على السطح ..فهناك ميل للهيمنة والسطوة والانفراد بالحكم .. يقابله ميل اخر نحو التعصب وتجاوز الحقوق وتجاهل المركز .. ومما يثير الانتباه والشك ان هناك عناصر من العهد المباد والتي عادت وتغلغلت في اجهزة الدولة وخاصة الجنرالات العسكرية التي تذكي نار الفتنة والشقاق وتظهر ولائها المشكوك فيه وتستغل مواقعها الحساسة في تأزيم الموقف بأتجاه تفجيره ..بينما يلعب العامل الخارجي دورا مخربا من خلال التدخل في الشؤون الداخلية للعراق واثارت الخلافات بين القوى والاحزاب بغية اثارة الفتنة الطائية وعودة الاحتراب وافشال جهود المخلصين الساعين بدفع عجلة العملية السياسية نحو التقدم واحراز المزيد من النجاح على طريق بناء الدولة الديمقراطية والاصلاحات السياسية .