19 ديسمبر، 2024 12:09 م

على ماذا هنأ سليم الجبوري العراقيين بعد المصادقة على موازنة 2016 ؟!

على ماذا هنأ سليم الجبوري العراقيين بعد المصادقة على موازنة 2016 ؟!

في يوم ( الأربعاء الماضي ) ، عقد مجلس النواب جلسة حضرها 243 عضوا لغرض التصويت على الموازنة الاتحادية الفدرالية لعام 2016 ، وبفضل التوافقات والاتفاقات المسبقة ومنها لقاء رئيس مجلس الوزراء السيد حيدر العبادي مع اللجنة المالية النيابية ، فقد تمت المصادقة على الموازنة رغم ما شهدته الجلسة من انسحاب أعضاء من دولة القانون واعتراض على بعض المواد التي تم التغاضي عنها استنادا لسياقات التصويت الديمقراطية ، وبعد الانتهاء من الجلسة ظهر الدكتور سليم الجبوري رئيس مجلس النواب في مؤتمر صحفي ليعلن تهنئته للعراقيين على إصدار الموازنة بهذا الوقت القياسي ، ومن خلال مشاهدة الجبوري على شاشات الفضائيات فانه كان بموقف المنتصر باعتباره حقق انجازا كبيرا من حيث توقيت وتأريخ إقرار الموازنة الذي تم في 16 / 12/ 2015 أي قبل انتهاء السنة المالية ب15 يوما ، ويعني ذلك من ضمن ما يعنيه إن الموازنة ستعد نافذة من بداية السنة القادمة بعد أن تنشر في الجريدة الرسمية ومصادقة رئيس الجمهورية ( الروتينية ) عليها باعتبار إن من واجبات الرئيس هي المصادقة وليس النقض ، ووجه الانجاز هنا إن اغلب الموازنات للسنوات السابقة كانت تقر في آذار أو نيسان أو بعدهما ولكنها تنفذ من 1 / 1 أي إنها تضيع من عمرها ثلاثة أشهر على الأقل ، ولعل الأمر الذي لم يعلن عنه دولة رئيس المجلس هو محتويات الموازنة من الإيرادات والنفقات وما ستحققه من سعادة وتعويض للحرمان لأبناء شعبنا الكريم ، إذ يبدو انه يركز اهتمامه على المواعيد في وقت ينتظر فيه الشعب التفاصيل سيما وان العديد من المعنيين أكثروا من التشاؤم لما ستؤول إليه الأمور في 2016 ، بأكثر مما حصل في موازنة 2015( للعام الحالي ) التي شهدت شدا للأحزمة على البطون وهي بداية الشد كما يقولون .

ورغم إن المعنيين بدراسة محتويات الموازنة الاتحادية في مجلس النواب وهم رئيس وأعضاء اللجنة المالية ، قد قضوا أياما وساعات طويلة ومضنية في إعادة صياغة فقرات الموازنة داخل أروقة مجلس النواب أو خارجه لعدم التأثير عليهم ، إلا أنهم خضعوا إلى ضغوطات الوقت فبعد أن وردتهم النسخة الأولية من مجلس الوزراء وابدوا الملاحظات بشأنها فقد استقر الرأي على إعادتها إلى مجلس الوزراء لإجراء التعديلات عليها ، وبدلا من التعديل على الجداول الملحقة فقد تم إحداث المناقلة في المادة 50 وغيرها ، وكما هو معروف فان المناقلات يفترض أن تتم بضوء الصلاحيات بعد إقرار الموازنة وليس إثناء إعدادها لان ذلك يضعف وحدة الموازنة وهو من المبادئ المهمة في إعداد الموازنات ، والموازنة بالوضع الذي تمت المصادقة عليها تحوي العديد من الثغرات ولم تتضح تفاصيلها بموجب سياقات إعداد الموازنات المتعارف عليها ، مما سيشكل صعوبات في إعداد الحسابات الختامية باعتبار إن هذه الحسابات تقارن بين المخطط والمتحقق فعليا من الإيرادات والنفقات وهذه الحسابات هي صمام الأمان للحد من الفساد والكشف عنه ، وحسب علم الجميع فانه لم يتم الاهتمام بالحسابات الختامية للسنوات السابقة أو إنها قدمت بعد انتهاء السنة المالية بسنوات مما يضعف أدوارها الرقابية والتخطيطية وربطها بتقويم الأداء ، ومن وجهة النظر العملية والعلمية فان إعداد الموازنات من دون تحليل الحسابات الختامية ما هو إلا إضاعة للوقت ، كما إن ذلك يشجع الفساد بأنواعه لان الحسابات الختامية تمثل إبراء للذمة المالية ، ولم نشهد جلسة مجلس النواب مناقشة للحسابات الختامية وربطها بأي مؤشر آخر كالأهداف وتقويم الأداء أو نسب ومعدلات تحقق التنمية أو غيرها من المؤشرات التي تعد من المقدسات في الدولة التي تحترم أموالها وتحافظ عليها بالفعل .

لقد اقسم الدكتور سليم الجبوري ( الأستاذ الجامعي السابق في تخصص القانون ) على الالتزام بالدستور والمحافظة على مصالح الناس ، كما صرح في أكثر من مرة من خلال خطاباته وتصريحاته الصحفية وحضوره العديد من الفعاليات بان حماية حقوق الفقراء ومعيشة الناس خطا احمرا لا يمكن التجاوز عليه ، ولكن هذا الخط تم تجاوزه في أكثر من مرة بعلمه الكامل وفي الجلسات التي رأسها وتمت فيها صياغات مضرة بالفقراء تحت مظلة التقشف وانخفاض أسعار النفط ، فعند تغيير سلم رواتب الموظفين الملحق بالقانون 22 لسنة 2008 من قبل رئيس مجلس الوزراء نكث السيد الجبوري بعهوده عندما قال إن مجلس النواب سيطلب إحالة الموضوع عليه حيث تم تطبيقه ولم يتم اللجوء إلى المحكمة الاتحادية ، وفي موازنة 2016 لم يعترض الجبوري على استقطاع 3% من الفقراء سواء الموظفين اوالمتقاعدين ، وهي موازنة خاوية من الدرجات الوظيفية مما يعني تخريج أكثر من 150 ألف شاب من الجامعات والمدارس المهنية سنويا للالتحاق إلى طوابير البطالة ، كما إنها تتضمن التشدد في فرض الرسوم الكمركية التي ستخرج من جيوب الفقراء لتذهب إلى كروش الفاسدين ناهيك عن فرض ضريبة مبيعات بنسبة 20% على كارتات الموبايل ، والموازنة التي هنأت بها شعبك السيد الجبوري مليئة بالقروض وحوالات الخزينة وسندات الدين واملاءات صندوق النقد الدولي ، ولعل الحسنة الوحيدة فيها إنها صدرت قبل بداية العام الجديد ، الذي اعتبرته موازنتكم عاما شديدا على العراقيين وكأنهم عاشوا عاما خفيفا واحدا منذ عقود ، فلم تمر سنة دون جوع وقهر وحروب وتوديع للمقابر التي تزداد مساحاتها يوما بعد يوم بعكس المشاريع السكنية التي لم ترى النور طيلة عقود ، ويطيل الحديث هنا عن هموم الناس التي لم يهتم بها الكثير والتي لم تعالج إي منها موازنة 2016 ، وكنا نأمل ونتأمل أن يهنئنا الجبوري بانجاز يحققه مجلس النواب بشكل يرسم الفرحة في وجوه شعبنا الذي ينتظر إزالة الحزن والمآسي عنه منذ سنين وعقود ، بدلا من تذكيرنا بالمخاطر المالية وغير المالية التي تنطوي عنها موازنة العام القادم حسب تصريحات التنفيذيين .

أحدث المقالات

أحدث المقالات