23 ديسمبر، 2024 3:23 ص

على مائدة الغداء ..لايوجد الصمون على مائدة الغداء ..لايوجد الصمون

على مائدة الغداء ..لايوجد الصمون على مائدة الغداء ..لايوجد الصمون

على مائدة الغداء كنا جالسين أنا وزوجتي وبناتي ,كان ينقصنا الصمون تعذر علي جلبه بحكم زحمة العمل والنسيان ,فقلت لأبنتي فاطمة : حبيبتي الغالية من لطفك أذهبي لفرن الصمون وأتي لنا ب(8) صمونات بمبلغ قدره الف دينار,فذهبت للفرن ووقفت في الطابور المخصصة للنساء ,ثم رجعت مسرعة خائفة وجهها يلفه الخوف والفزع .
قلت لها :أبنتي العزيزة مابك !هل حدث أمرٌ ما دفعك للمجيء بهذه السرعة ؟
قالت لي : بابا أنا خائفة جداً لأني شاهدت البارحة على شاشة التلفاز في أحدى القنوات الفضائية ,أن طفلة ذهبت لتأتي بالصمون لأهلها ,فكانت عبوة ناسفة موضوعة في طابور النساء وانفجرت العبوة ورأيت الناس البسطاء تناثرت اشلائهم ,ودمائهم على جدران الحائط, أما البنت الصغيرة فلم يجدوها فمصيرها مجهول فقط الذي وجدوه منها دميتها (لعابة ) كانت تحملها معها أينما ذهبت تحاكيها وتشكي لها همومها ,وتحدثها عن مستقبلها وأحلامها وأمنياتها ,وماذا تريد أن تصبح في المستقبل ؟ولهذا جئت مسرعة يملؤني الفزع والرعب يخط خطواتي التي أردت أن أصوغها بتاريخ سيتحدث للاجيال القادمة عن أي مأساة نعيشها !
أحلام فاطمة كانت تريد أن تصبح دكتورة أطفال وتعالجهم دون مقابل,ولاتريد كشفية من عوائلهم .
تقول :أريد فتح صيدلية في داخل العيادة أقدم الدواء فيها مجاناً لمن لايستطيعون شراؤه ,بدأت تتلاشى أحلامها وتذهب في أدراج الريح ولم تعد تفكر في مستقبل زاهر وحياة مطمنة ,ما يشغل بالها وتفكيرها هو الأمان من مصير مجهول الهوية بسبب أقوام ممسوخة ,لا أعرف من أي كوكب نزلوا للأرض ! ومن أي قاذورة صرف صحي خرجوا ألينا بمعاولهم الهدامة حطموا البراءة وقتلوا الطموح في
نفوس الاطفال ,الكارثة الكبرى البعض منهم غرس الأرهاب بفعل منهج الارهابيين المنحرف الضال في فكرهم ثقافة الموت الوحشي حولوهم لقتلة ,وآخرين خضعوا لمحاضرات عن الحقد الطائفي الأعمى ,بحكم سيطرتهم على المناطق المغتصبة بدلاً من أن يعلمونهم ثقافة المحبة والتسامح والأخاء,لقد ألقت علي الحجة فاطمة بكلامها المنطقي رغم صغر سنها ,والتزمت الصمت بحثاً عن جواب مقنع لها فلم أجد رداً منطقياً ,فأجبتها : لانريد الصمون على مائدة الغداء .