23 ديسمبر، 2024 4:46 ص

يحتفي العالم يوم الحادي عشر من تشرين الثاني، بيوم الطفلة! وملايين الاطفال بلا مأوى.
الالآف من الاطفال فقدوا حياتهم بسبب الكراهية والعنف والتطرف والحروب التي اجتاحت مدننا وبلداننا العربية والاسلامية…يموتون لاتفه الاسباب وبأقسى الطرق وبأبشع صور الصمت واللامبالاة من قبل العالم.
الالآف من الفتيات الصغيرات، فقدن فرص التعليم، فرص اللعب والمرح، فرصة الحلم، ان يكون لهن أحلام. ومئات منهن تباع اجسادهن ويتاجر بهن لملأ جيوب اصحاب النفوذ والسلطة في العالم.
أطفال اليمن يموتون بالجملة، صغيرات سوريا يتشردن بالجملة، فتيات العراق يبعن بالجملة، والعالم ينظر، يصمت، يتفرج، يشتري.. جراحنا واجسادنا وأحلامنا.
في يوم الطفلة العالمي، سأقف وقفة حداد لا احتفاء.. على صغيرات العالم العربي المثقلات بقيود الاسر والخوف والضياع والجوع.
سواء من تعرضن للاعتداء والسبي والنزوح وكن ضحايا الحروب والاقتتال، أو غيرهن.
فكلهن سبايا وان اختلفت أنواع السبي.
لذلك أرى من الضرورة ان أسلط الضوء على نوع من السبي قد لا يشار اليه في احصائيات الامم المتحدة، ولا تتحدث عنه وكالات الانباء، ولا يسترعي اهتمام نشطاء حقوق الانسان او حقوق الطفل. سبي لا يقوم به العدو او داعش او عصابات الاتجار بالبشر.
سبي يقوم به الاهل والمجتمع.
ومن ذلك، تزويج الطفلات ذوات الاعمار الصغيرة (10 – 13)، تحت أي عنوان وأي مبرر، منها تزويج الطفلة ذات الثانية عشر لاحدى العوائل النازحة في بابل، لعائلة اخرى من باب (كصة بكصة)، وهو نوع من الزواج يتمثل بتنزويج الفتاة من أبن عائلة اخرى مقابل اخت ذلك الزوج لابنهم.. وتمارس على هذه الفتاة ما يمارس على الفتاة الاخرى، فان تطلقت هذه الفتاة، تطلق الاخرى وهكذا.
الصغيرة (م.س)، نازحة من الموصل، تم تزويجها بهذه الطريقة، وعندما اعترضنا على الأب: لماذا فعلت ذلك؟ قال: مصيرها الزواج اولا واخرا.. ماذا تفعل في هذه الغرفة الصغيرة وسط هذا الزحام.. لتذهب الى بيت لعله يكون افضل لها.
ولكن عندما استفسرنا أكثر، وجدنا انه جاء بفتاة صغيرة اخرى الى هذه الغرفة الصغيرة وسط الزحام!!
إذن هناك سبي لفتاتين صغيرتين، تم تبديل اسرهن، وتبديل دورهن أيضا.
فبعد ان كانت طفلة صغيرة تمرح وتلعب رغم قساوة الحياة من حولها، أصبحت الان زوجة مطالبة بواجبات زوج، في وسط عائلة غريبة عنها، وعالم غريب لا تكاد تجيد فك رموزه فكيف بمعايشته.
بأيّ يوم للطفلة نحتفي.. عذرا ايها العالم.
صغيراتنا ما بين احلام مبعثرة، واجسادا منتهكة، وجوع وخوف وحرمان من فرص الحياة.
في زمن الكثير يتحدث عن حقوق الانسان، وعن أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر التي ترمي الى تحسين فرص العيش للسكان جميعهم وللنساء والفتيات بشكل أخص باعتبارهن الاضعف والاكثر عرضة للخطر في اوقات النزاعات.. وكأني بها في أوقات السلم أفضل حالا!
الفتيات الصغيرات في بلداننا العربية، وتحديدا في العراق، هن أزمة.. وجودهن أزمة سواء في وقت السلم أم الحرب.
لأنهن ينتمين الى مجتمعات ذكورية قبلية عشائرية، تحكم قبضتها على مصيرهن وتبعثر جهود المدافعين عن حقوقهن.
فأعقد ما يواجهه المدافعون عن حقوق الفتيات الصغيرات، أنهم يتحركون على أرضية رخوة لا تملك اطارا قانونيا ولا اجتماعيا يحميهم ويساعدهم في حراكهم المدني، بل في غالبية الاحيان يتعرضون هم لانتهاكات تحول دون القيام بمهامهم في الدفاع عن تلك الحقوق.
العالم امامه مسيرة طويلة من الحراك والعمل والتشريع والمدافعة لكي يتسنى للعالم نفسه أن يفهم معنى أن تكون (فتاة) في مجتمعات عربية.. وكيف يمكن ان تحمي الفتاة نفسها أو يتمكن المدافعون عن حقوقها من تأمين حمايتها في ظلّ سبي مقنن من قبل عصابات دولية او مجتمعات لا تحمي الحقوق أو أسر لا تستشعر بمكانة الانثى فيها.
يوم الحادي عشر من تشرين الثاني، يومٌ على قارعة الطريق، رفضت سلطات النفوذ أن يجد له مقعدا على مسرح الوجود.