23 ديسمبر، 2024 2:08 م
أخبرني وكيل الحصة التموينية، دام ظله، وأنا أتسلم منه مفردة من مفرداتها، التي تأتي في السنة حسنة، أنه رفض القطع للحصة المقبلة، بسبب رفع أسعارها الى عشرة أضعاف،  ويعني، بحسب حضرة الوكيل، أن سعر عبوة الزيت من سعة اللتر الواحد، ستكون بسعر السوق التجارية، أو أغلى، وإزاء هذا التصريح الناري، ثار اللغط بين المسجلين لدى هذا الوكيل، من المصطفين بالطابور بإنتظام وصبر وجلد، لنيل المادة الوحيدة التي تعطفت بها عليهم وزارة التجارة، من بين المفردات التي أخذت تتلاشى شيئاً فشيئاً، لكن الناس، مازالوا يقنعون أنفسهم بالمثل الشعبي ” شعرايه من ….”.
جرني أحدهم من يدي، وهمس في أذني هذه ” كلاوات مال وكيل”، كي يصادر منا الحصة، ويبيعها للتجار، وأردف قائلاً : “الفساد يابة واصل الكَوكَة الراس”.
قلت له : كل شيء جائز، لكن لاتنسى أن الحكومة سبق لها الغاء الحصة بعد سلسلة من التقليصات لمفرداتها، ثم تراجعت عن قرارها أمام الغضب الشعبي، واغتنمت الكتل السياسية في حينها، هذا الموضوع للترويج لها، وعدته خطاً أحمر، ولايعرف حتى الآن من وراء إصدار ذاك القرار، بعد أن تنصل الجميع منه .
ومن باب الفضول، حشر أحدهم نفسه بالحديث، ويبدو أنه يلتقط الكلمات وهي ” طايرة”، وعقّب على الموضوع، قائلاً : القرارات التي تضر بالمواطن، تنفذ بالحال، وأعتقد أن الحكومة لاتريد أن تلغي البطاقة التموينية بقرار مباشر منها، وانما ترفع أسعار ما تبقى من مفرداتها، ليقرر المواطن بنفسه مقاطعتها، وهو بهذا يؤيد كلام الوكيل.
أحد المتفائلين، حاول طرد الوساوس التي باتت تراوده، وهو يسمع لحوارنا الذي لم يعد همساً، وأصم صوته الجهوري مسامعنا، من داخل الطابور : لو كان هناك زيادة، كما يقول الوكيل، لأعلنته الحكومة، ممن تخاف، فرد عليه آخر، مع ضحكة ساخرة، من الإنتخابات؟!.
وبعيداً عن ردود الأفعال، والقيل والقال، القضية بحاجة الى رؤية متأنية، صحيح الحصة لم تف بالغرض، وتتأرجح منذ سنين، والفساد متفشِ فيها، لكن تبقى ضمانة لشرائح عريضة من المجتمع، ولاسيما في ظل البطالة المتفاقمة، وتصاعد مستويات الفقر، إضافة الى أنها تشكل ضابطاً لمنع إرتفاع أسعار السوق.
ومما تقدم، نطالب الحكومة بتوضيح يحسم هذا النقاش، لصالح أو ضد المواطن.