19 ديسمبر، 2024 12:57 ص

على حس الطبل خفّن يرجليّه

على حس الطبل خفّن يرجليّه

هذا المثل يقال للذي تقوده قدماه نحو كل زاعق وناعق، وفي ايام زمان، كان ابو الطبل يجوب الازقة والحارات، فينادي عليه من لديه مناسبة معينة، وعندها يقف في باب الدار ويصيح باعلى صوته: ( شوباش) فيتجمع الناس ويبدأ الطرق على الطبل، فيخف من يسمع بصوت الطبل من بعيد حتى وان لم يكن مدعوا للمناسبة، فيقولون له: ( ها…. على حس الطبل خفّن يرجليّهْ)، والطبول بوقتنا الحالي كثيرة وهي اكثر من عدد الفضائيات، ولذا الامر لايكلف شيئا، فبمجرد ان ينقر على الطبل، يخف الآخرون.

التظاهرات العفوية التي خرجت الاسبوع الماضي في ساحة التحرير، حققت جزءا كبيرا من اهدافها، وتحسنت الكهرباء بشكل ملحوظ، وهناك احتمالات كبيرة باقالة وزير الكهرباء، مع شبهات تحوم حول نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة بهاء الاعرجي، حتى الآن الوضع مريح ولم يكن دبر بليل كما ادعا البعض، لكن المخيف ان تكون للتظاهرات لجان تنسيقية، ويصبح لديها مسؤولون ومبرمجون، واجتماعات سرية وعلنية، وان تصبح التظاهرات اسبوعية وفي كل جمعة.

هنا سنعود الى مربع كريه، ونكون قد لدغنا من ذات الجحر مرتين، ولو لاحظنا من يدافع عن تنسيقيات التظاهرات نجده ذاته من دافع عن اعتصامات وساحات اعتصامات الانبار التي جاءت بالويل والدمار عليها وعلى المحافظات الاخرى التي شهدت ذات الاعتصامات ورددت نفس الشعارات، قليلا قليلا ، ستتضح الصورة، وسيظهر من يقف وراءها، اذا ماغادرت عفويتها وشعبيتها واسلمت قيادتها لعبيد الدول المجاورة من سماسرة واعلاميين.

التظاهر مكفول لكل الشعوب وحرية الرأي مكفولة للجميع، ولكن هناك من يهرف بمالايعرف ، ليكون اداة بيد فلان وفلان، مافيات ودول واعلاميون كبار، وهذا الذي يهرف بما لايعرف سيكون سلاحا ساذجا بيد من يهرف بما يعرف، داعش لاتبعد عن بغداد سوى بضعة كيلومترات، وهم اسعد منا بالتظاهرات، وهذه مراهنة خطيرة على تفكيك الجبهة الداخلية اكثر مما هي مفككة، وبالتالي يسهل اختراق الجبهة الحربية، ويكون تفكير الابطال الذين يرابطون في الانبار والفلوجة مشغولا بالتظاهرات، لانها ربما رفعت شعار اسقاط العملية السياسية برمتها، عندها سيختلط الحابل بالنابل.

نحن جميعا ضد الفساد، ونتمنى محاكمة الفاسدين، لكن الاخطر من الفساد هو الارهاب، هناك قطع الرؤوس والتمثيل بالجثث، والذين حجزوا تذكرة السفر كثيرون في حين هناك من يقود التظاهرات من منفاه ويفرح ويضحك بنجاح الخطة الاخيرة، التي رأت من التظاهر سلاحا ناجحا، خصوصا عندما يكون ممنهجا ومرتبطا باجندة معينة وبممولين، ربما اتت التظاهرات العفوية بنتائج طيبة، لكن التظاهرات الممنهجة ستأتي بنتائج عكسية على الجميع، انا لست بفرنسا واميركا وحدود وطني محفوظة ومصانة، انا اشكو من التسلل والموت اليومي والحرب والتهديد الدائمي، ولذا عليّ ان افكر الف مرة قبل ان اخطو اية خطوة باتجاه ربما اغراق الوطن بمزيد من المشاكل والويلات.

انا كشعب اعترض على فساد صالح المطلك بحق النازحين، وانا اعلم لو لم تكن ساحات الاعتصام، لما كان النازحون، ولما كان هناك فساد في صفقات الكرفانات وغيرها، التظاهر مكفول لمن يتظاهر بعفوية، اما من يروج لامر فيه اسقاط البلاد وتشريد العباد فهذا امر مرفوض، نعم للتظاهر العفوي ،لا للتنسيق والابواق الاعلامية، وعندما يكون الامر حقيقيا ومضمونا انه شعبي بامتياز، انا من ساخاطب قدميّ واقول: على حس الطبل خفّن يرجليّه.