بر موحش قريب من الباب، بدأ بالزحف نحو بيت النبوة، ومعدن الرسالة، وسقيفة تعيش أجواء الشورى المزعومة، متناسية حديث الغدير والثقلين، فأمست القضية لا في وجود الشيطان، بل هي فيمَنْ سمح للطواغيت، بالوقوف خلف الباب، وإرتكاب جريمتهم، بحق السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام)، فالباب النازف، والجنين المتوشح بتراب البيت الطاهر، والضلع المكسور، أبطال مسلسل المصائب، وما يتعجب لهذا البيت، أن الحب في الله يجعلهم، ينهضون بقوة وصمود، بوجه التآمر والخيانة، فلم يهنوا ويحزنوا وهم الأعلون! حرية كلام باتت عرضة للخطر، وسط دفعة خبيثة للباب، فإحتضان التراب، كان سبباً مؤقتاً لعدم الحديث، لكن التهديدات الفارغة، لمَنْ وراء الباب كانت هباءً منثوراً، والصمود الفاطمي العلوي، كان بحق تسديداً ربانياً، لحفظ خط الإسلام والمجتمع الإسلامي آنذاك، فكل الأشياء كانت تتحرك، غضباً لدماء بضعة الرسول وأم أبيها، ورغم أن المنافقين، أرادوا سرقة مشهد ظلامة بنت رسول الأمة، لكنهم لم يلتفتوا الى الباب الخلفي للجحيم، ففتح مصراعيه لمن تلخطت أيديهم، بجريمة يندى لها جبين الإنسانية! نياح الباب باقٍ، ولن ينام أو يموت، لأن الحرية الموعودة عنده، باتت طريقاً ثورياً مفعماً بالتضحيات، وأسراره الملتهبة، مثلت عذابات أهل البيت (عليهم السلام)، وصبرهم على الشدائد، وشاهداً على خيبات المارقين، على الدين والنبوة، ونفوسهم المرهقة بالخلافة الزائفة، فهم ضاجون بالإحتجاج على كل شيء، رغم أنهم لا يفقهون شيئاً، لكن الرابح الأخروي ينال كل شيء، فكرامة الشهادة، لا ينالها إلا ذو حظ عظيم، فصوت الباب قصيدة كونية، ألهمت أتباع علي، للنهوض بالأمة ضد الخط المنحرف! هوس التفرد بالسلطة، وحكم مجتمع ملغوم بالإنحرافات، وجمع الأموال، وحب الدنيا كان يعني لهم، الوقوف بوجه سيدة النساء، بضعة المصطفى (صلواته تعالى عليه وعلى أله)، لأنها تمثل الخط المتصل بولي المسلمين، وولايته المفروضة في غدير خم، لذا أقدموا على إرتكاب الفاجعة بحقها، رغم أنهم يعرفون منزلتها، لكن الحقد الأعمى، والشيطان الأدهى، دفعهم لهذه الفعلة النكراء، فوراء الباب برزت رائحة الحقد، وسموم الحرب، فألتهبت النيران، وعلمت الأرض ما احضر هؤلاء القوم من فعال، فاطبقت السماء لفعلهم! ظلام أسطوري ساد الباب، الذي تجاوزت ثلة منافقة خطوطه الحمراء، ليصنع مسماره ما صنع، بالصديقة الطاهرة وجنينها المحسن (عليهما السلام)، فالحقيقة واضحة، وهي أن السيدة الزهراء، ستسافر في ليل أعزل، بناء على طلبها، تاركة الأمة، بغضب أرضي، وسخط سماوي، ودفنت سراً، فالغياب والموت بصياغة جديدة، هو قصة لحياة أسطورية، بدأت معها قصة الإمامة لأهل البيت، وطريقهم المليء بالخلود والتسامح، والسير بالأمة لمواجهة التردي، نحو الصلاح والإصلاح، فهم أناس مهمتهم تصحيح الإنحرافات، وميثاقهم العدل، والعدالة، والإعتدال.