23 ديسمبر، 2024 12:38 ص

على التفاطين وسياسات الخطوة خطوة و ظلمة ودليلها الله

على التفاطين وسياسات الخطوة خطوة و ظلمة ودليلها الله

ماهي ألآولويات السياسية, ﻣﺎ هي اﻷﺟﻨﺪة اﻟﺘﻰ كانت محط أهتمام السياسيون في المرحلة السابقة وما هو تصورهم للمرﺣﻠﺔ اﻟﻤﻘﺒﻠﺔ؟ أي من المسائل/المشاكل المصيرية التي تم التركيز عليها ومعالجتها قبل غيرها في عراق مابعد ألآحتلال؟ أي أهداف رسمت وتحققت خلال أكثر من عقد من الزمن؟ الجواب لاشيء! ومن البديهي أن يأتي الجواب هكذا “لاشيء”. رسم السياسة ألآستراتيجية يستوجب أولآ وجود سياسة أو منظور واضح للآهداف وكذلك لآليا ت تطبيقها. وثانيأ وجود سلطة مركزية قوية تستطيع أتخاذ قرارات كبرى وتنفيذها. وهذا أمر في غاية ألآهمية خاصة عند أفتقار ألآستقرار وعندما تعصف بألدولة ألآزمات المختلفة من كل حدب وصوب. ويستوجب ثالثأ وجود قيادة وطنية بكل ما للكلمة من معنى, لها مصداقية حقيقية, وهي محل ثقة الشعب بكل فئاته او على ألآقل الغالبية العظمى منه. ويستوجب رابعا حشد الموارد المالية والبشرية وتفعيلها بشكل كامل لتحقيق ألاهداف المرسومة ضمن ألآطار العام لسياسة الدولة الستراتيجية كما تم التنويه عنه أعلاه. أين نحن من كل ذلك؟ في ظل ألآوضاع الحالية التي يمر بها العراق أكاد أجزم بأن من الصعوبة بمكان تصور تبلور سياسات بأهداف واضحة بل سياسات عائد المنفعة و سياسات الخطوة خطوة “و على التفاطين” كما يقول أهلنا الكرام. ألسبب جلي وهو خلو الساحة العراقية من أحزاب ذات برامج سياسية واقعية ورصينة. ألآحزاب الطاغية كما هو معلوم هي أحزاب هيكلية دينية. بمعنى أنها تفتقد الى الفكر اليساسي الحديث و لاترتبط بروح العصر وتحدياته وليس لها  قواعد جماهيرية. أحزاب تقاد مزاجيأ لتحقيق مصالح شخصية او فئوية من قبل أشخاص ضحلون لايفقهون معنى البرامج السياسية  ولايعرفون بل ولايهمهم أن يعرفوا عن السياسات غير العناوين.

العراق بمشاكله الحالية الطﺎﺣﻨﺔ ﻻﯾﻤﻜﻦ له اﻟﺘﻘﺪم ﺧﻄﻮة واﺣﺪة الى أمام, بل حتى وجوده كوحدة سياسية أمر مشكوك فيه, بدون ايجاد حلول ناجعة لهذه المشاكل. نقول افتراضا حتى لو وجدت سياسات وأهداف واضحة عكس ما قلته أعلاه فأن حل المشاكل هذه يستوجب أولآ وقبل كل شيء تشخيصها ودراسة جذورها ومسبباتها بشكل دقيق وبدون ذلك قد تؤدي ألآجراءات العشوائية لحلها الى تفاقم هذه المشاكل وتبذير المال العام أو الى بروز مشاكل أخرى ليست اقل خطورة من المشاكل الآولى. دراسة المشاكل وتشخيص مسبباتها, وليس فقط أعراضها, بشكل علمي يعني أيضأ معرفة سبل حلها بألشكل الصحيح. ومع أن هذا ألآمر هو بديهة قديمة بيد أننا نفتقر تمامأ الى هذه الثقافة منهجأ وممارسة. الدول التي نالت نصيبها من التقدم والرقي جعلت من الجامعات ومراكز البحوث العلمية بوصلتها للوصول الى مكامن العلل وجذور المشاكل في مختلف المجالات وبالتالي أتخاذ الآجراءات والحلول المناسبة لتحقيق واقعأ أكثر تطورأ وأزدهارأ.  فالسياسات يسارية كانت أم يمينية لاترسم ألا من خلال المعلومة الدقيقة المحايدة. فالسياسي لايستطيع أقرار برنامجأ واقعيأ و مثمرأ لمساعدة المسنين مثلآ في مختلف أو بعض المجالات المتعلقة بهم أذا لم تتوفر لديه بحوثأ وأحصائيات رصينة للمشاكل وطبيعة هذه المشاكل نوعأ وكمأ لهذه الشريحة من المواطنين. والشيء نفسه ينطبق على جميع السياسات والبرامج التي تتولاها وزارات ومؤسسات الدولة المختلفة بما فيها السياسات ألآمنية. ذلك يعني بألضرورة وجوب اشراك أكاديميين متخصصين ومتمرسين في دراسة وتحليل المشكلات الاجتماعية وألآقتصادية. فطريق التقدم وألآستقرار لايمر ألاّ عبر هذه البوابه خاصة بعد أن حطم ألآحتلال الآمريكي وحكوماته العراقية المتعاقبة أﺳﺲ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻤﺪﻧﯿﺔ العراقية اﻟﺘﻰ أستغرق بنائها قرابة قرن من الزمن. فأين نحن من كل هذا؟ السياسيون وأشباههم في عراق اليوم يعتقدون أنهم بحور من العلم يعرفون كل شيء ولكنهم في الحقيقة مستنقعات للجهل متعجرفون يتخبطون في أجراءاتهم كالعميان في الليل البهيم. ولعلهم يفضلون العمل بهذا الشكل لآنه يوفر لهم غطائأ مثاليأ للسرقة والسمسرة وألآستحواذ على ممتلكات الشعب العراقي. ومستشارو هؤلاء السياسيون الذين فاق عددهم كل حدود المعقول والمنطق يفتقرون الى ابسط المؤهلات لتبوئ مثل هذه المناصب الحساسة أما لمذا أسندت لهم هذه المناصب بكل أمتيازاتها فهو من باب “ألآقرباء أولى بالمعروف” لاغير.

مجددأ لو جادلني أحدهم بألقول أن ما ورد أعلاه غير عادل, أقول هناك قاعدة في علم ألآدارة العامة تتعلق بأشكالية تطبيق السياسات العامة (هذا أن وجدت هذه حسب رأي صاحبنا) والتي تقول أن جميع هذه السياسات تقريبأ تستوجب تعاون وتنسيق عدد من الوزارات أو أجهزة الدولة, ذات العلاقة  بالهدف او المشروع, فيما بينها لكي تتم (لكي تتم!)عملية التنفيذ, والتنفيذ بالشكل المطلوب. ولهذا يستوجب تعيين لجان مشتركة من قبل الوزارات أو ألآجهزة المعنية ممن لديم معرفة و تأهيل بألمواضيع ذات العلاقة. لكن كيف يتم هذا التنسيق والتعاون في ظل الفوضى التنظيمية التي تتميز بها وزارات وأجهزت الدولة التي أصبحت املاكأ صرفأ وأقطاعيات لعوائل أو كتل معينة. كيف يتم ذلك وعملية صنع القرار مرتجلة لاتستند الى أرضية صلبة وتتم بصيغة صفقات تجارية مشبوهة.  على عكس نظرية القرار التقليدية التي تتبع سلسلة من العمليات المنظمة من تعريف المشكلة وتشخيصها و تحديد أليات حلها إلى أن تصل الى الحل النهائي, فأن طريقة أتخاذ قرارات مزاجية حسب المنفعة التي تعود لصانع القرار وحسب أسلوب الخطوة خطوة لاتعطي أي مجال للتنسيق بين ألآجهزة المعنية وبالتالي سوف تكون النتائج (أذا كانت هناك نتائج) كالرثية.