18 ديسمبر، 2024 10:44 م

على اعتاب أمة تقرأ

على اعتاب أمة تقرأ

رئيس تحرير صحيفة صباح كربلاء

قيل لأرسطو: (كيف تحكم على إنسان؟ فأجاب أسأله كم كتاباً يقرأ؟ وماذا يقرأ؟) وقد يتبادر إلى الذّهن مباشرة بعد هذه المقدمة، أنّني سوف أخوض بهجرة القراءة والكتاب في العصر الحديث، وكيف أنّ شباب اليوم هو جاهل وعازف، والحقيقة أنا اسبح عكس هذا التّيار تماما، بل عكس تيار القائمين على الثّقافة من مسؤولين ومتنفذين، فمن يظن أنّهم لا يقرأون واهم، ولكن مرت قبل أيام ذكرى يوم الكتاب المصادف الثّالث والعشرين من نيسان وأخذتني الأفكار إلى ما اكتب، فعلى مر الأعوام الأخيرة وأنا بمقربة من جيل اليوم، من خلال اختلاطي بهم في الجامعات والمعاهد والتّجمعات الخاصة بهم، طلب مني عدد كبير منهم كتابا ليقرأ، وعلى ذكر التّجمعات فهم أكثر نشاطا منا في التّجمع لمناقشة كتاب والحثّ على القراءة، وهم يحضرون فيما اسميناه نوادي الكتاب، لكنّهم يشعرون بالغربة، لأسباب عدة؛ هو أنّهم يشعرون أنّ هذه المنتديات لا تجتمع من أجل الكتاب فقط، وهذا الأمر يقلقهم ويجعلهم منزويين وغير فاعلين في هذه الجلسات، فذهبوا لنواديهم الخاصة التي لطالما هي مفعمة بالحيوية والاتقاد الفكري، نعم؛ العراق يقرأ؛ هكذا كان يقال، وجاءت حقبة مظلمة، ولكنّي أجزم أنّها انتهت، والدليل أنظروا إلى صفحات الكتاب والكاتبات للقصص اليومية على مواقع التّواصل؛ كم عدد القراء؟ وكم هم المشتركون في تلك الصفحات؟ وادخلوا على مجموعاتهم في (الواتسب والتلغرام) وشاهدوا الاعداد والتّفاعل، بل وشاهدوا الاقبال على معارض الكتب التي أصبحت طقسا سنويا، ودور النشر التي تتسابق عليها من جميع دول العالم العربي، لتعرض كتبها في العراق، لأنّهم وجدوا سوقا جيدة لها، نحن على اعتاب أمة تقرأ بامتياز، لذا كانت مساهمتنا في صحيفة (صباح كربلاء) مواكبة لهذا الحراك، وبدأنا بتوزيع الصّحيفة في أماكن تواجدهم في الجامعات، والمنتديات، ونوزعها على جميع الدّوائر الحكومية لإعادة الحياة للقراءة، بل نؤشر لهم على النّتاجات الأدبية والثّقافية والعلمية والتّجارب النّاجحة، لأننا الصّحيفة الوحيدة التي تطبع في كربلاء الحبيبة، ووصلتنا طلبات كثيرة لإيصال الصّحيفة لهم كونهم وجدوا فيها ضالتهم في عودة الحياة للقراءة، أما المسؤولون (ونقولها للأسف)، فلم نجد تحركا باتجاه تشجيع الشّباب، أو إشاعة ثقافة القراءة، فلا تبني من الحكومة بعد طباعة الكتب لتوزيعها على الطّلبة، بل ولم يزر مسؤول واحد مقر صحيفة حكومية أو أهلية، ويحاول أن يشجع من يعمل بها ويدعمهم في رفد السّاحة بصحيفة تهتم بشؤون أهلها، وهي لا تكلفهم لا رواتب ولا أجور؛ سوى للإشارة إلى أنّهم يهتمون بالقراءة والثّقافة، نحن نوزع الصّحيفة مجانا على الطّلبة وفي المقاهي ايمانا منا بأنّ البلد لا يبنى فقط بالعمران بل بالفكر أيضا، ختاما يقول الأديب طه حسين: “وما نعرف شيئاً يحقق للإنسان تفكيره وتعبيره ومدنيته كالقراءة، فهي تصور التّفكير على أنّه أصل لكلّ ما يقرأ”، ويقول عالم النّفس جورج كرين: “الفكر المنغلق مقدمة للفشل تأكد من أنّك منفتح دائماً على الأفكار الجديدة”.