23 ديسمبر، 2024 8:58 ص

على ابواب الانتخابات – طيبون جداً.. لكن ليس لمن يخدعنا !!

على ابواب الانتخابات – طيبون جداً.. لكن ليس لمن يخدعنا !!

ما إن تقترب مواسم الانتخابات في العراق حتى تبدأ الأحزاب السياسية في التحرك باتجاه الشارع بشكل مكثف، عن طريق نشاطات اجتماعية وإنسانية، بمساندة إعلامية من قنوات وإذاعات ومواقع تواصل اجتماعي، من أجل كسب ود العراقيين والتأثير على قرارهم الانتخابي. وتسعى هذه الجهات السياسية إلى طرح أسماء مرشحين لها، تقوم باختيارهم بعناية؛ بشرط أن يكونوا مؤثرين وأصحاب علاقات واسعة في المجتمع، وتدعمهم للقيام بنشاطات مؤثرة تستقطب اهتمام الناس وتثير انتباههم.- ويستخدم هؤلاء الساسة وسائل مختلفة من أجل تحقيق الكسب الجماهيري للوصول إلى مقاعد البرلمان أو مجالس المحافظات، وعادة ما يوظف المال في هذه الأنشطة بسخاء، في محاولة لتكوين رأي عام مساند للمرشحين المرتقبين.- ورغم أن التجارب السياسية السابقة أثبتت أن معظم الوعود التي تطلق في سياق هذه الحملات هي وهمية ولا ترى النور لاحقًا، إلا أن كثيرًا من السياسيين يعملون بنفس الطريقة كل مرة، ويجدون من ينتخبهم ويحملهم بأصواته إلى مواقع سيادية متقدمة، وعادة ما تكون المناطق الفقيرة هي المستهدفة بالدرجة الأولى من هذه الحملات، حيث تقوم هذه الجهات السياسية بمحاولة استغلال حالة الفاقة والحاجة التي يعانونها من أجل التسويق لأنفسهم – وتسعى كثير من أحزاب السلطة لاستدرار عطف عوام الناس، عن طريق استخدام خطاب طائفي تخويفي من الآخر، وتهديدات برجوع “البعثيين” و”الصداميين” و”التكفيريين”، الذين سيمنعون الزيارة و”سينبشون” قبر الحسين – وبسبب حجم تأثير الخطاب المذهبي الذي تستخدمه الأحزاب الحاكمة، عن طريق وسائل إعلامهم وسياساتهم المختلفة، فقد أصبح لهذا الخطاب جمهور يقتنع به، ولا يهمه مدى صدقه من كذبه؛ لأن المهم هو “حماية المذهب”، وفق ما يرون !!!
. ورغم أن معظم من يحضرون هذه اللقاءات يدركون أن هذه الوعود ليست صادقة، لكن بعضهم يعتقد أن بقاء الحكم بيد سياسيين من طائفته أفضل من ذهابه إلى خصومهم، الذين يريدون “الانتقام” منهم،- لعل “موضة” الانتخابات القادمة ستكون المتاجرة ب الحشد ، واستغلال علاقة بعض السياسيين بالفصائل المسلحة–بدأ بعضهم بنشر صور ولافتات كبيرة تجمعهم بقيادات الحشد الا ان كثيرًا من المواطنين يعتبرون هذه الممارسات مجرد متاجرة بـ”نصر” لم يحققه هؤلاء السياسيون، ويرون أن معظم هؤلاء الساسة يتخذون من قضية الحشد سُلَّمًا للوصول إلى مجلس النواب والمناصب العليا،مشيرين الى وجود آلاف من عوائل قتلى الحشد التي لم يصلها أحد أو يقدم لها مساعدة، فأين غيرتهم المزعومة هذه، !!!
هنا نؤكد ان عاطفتنا رفيعة المستوى، وحكايات الاستعطاف المحلية تتحدث عن رفعة هذه العاطفة، وتفصح عن مجتمعات طيبة جداً، ولا حرج أن كنا طيبين بالفطرة، لكن طيبتنا تمضي أحياناً بلا وعي، وفينا المتحمسون من دون تثبت، الرامون بالتهم على عجل، وقد نكون في لحظات كثيرة في حالة انصياع عاطفي كامل، فما نراه في دقائق العرض والطلب وجمل التنظير كافٍ لنزيل ملامح الشك، ونؤمن بأن مشاهدات ومعاينات اللحظة لصيقة بالحقيقة، وممتلئة بأورام التفاصيل، ومنزوعة من الكذب والتضليل، ونتجاهل أن هناك مخادعين يرون في المحاولات الاستعطافية حلاً مناسباً وعلاجاً لإنجاح الخطط الهابطة، فإن لم تنفع فلن تضر، ولو أن نفعها كان هائلاً ومؤكداً في أن العاطفة ذهبت بنا – عن غير قصد – للمجهول!!!
لا يجب أن نقذف بعواطفنا سريعاً ونندفع معها بلا وجهة ولا اتجاه، وللدرجة التي نتحول فيها إلى فريقٍ ترويجي، فنحن نرتدي ملابس العاطفة، وننسى معها أزرار الصدق، على رغم الأسئلة البريئة عن سر ولادة هذه الحالات في هذا الوقت تحديداً، في ظل أن عمرها كحالات ليس قصيراً؟ أخشى أن نستغل كمجتمعات بالغة الطيبة لمشروع شحاذة مستنزف، ويختلط في هذا المشروع الصدق والحاجة مع عكسها الذي لا يخفى على كل قارئ نبيه، وتسرق جيوبنا جبراً لصالح مخططات من التخوين وترويج التضليل والطعن في أرواحنا.
لنترك عواطفنا ونعي المرحلة القادمة لمستقبلنا – ومستقبل اجيالنا ولنعي حقيقة نهوض الشباب المخلصين الاكفاء الذين لم يتلطخوا بدماء الابرياء –ولم يرتدوا ثوب الفساد والمال الحرام – وبصدق نحن في حاجة إلى الحذر والانتباه تماماً لمن يتاجر بعواطفنا ويحيلنا إلى مجتمعات تهب لمن يسأل من دون تدقيق في السائل، ولا حصوله على الإذن الرسمي في زمن بات من السهل فيه أن نبحث حقيقة هذين الشيئين، لا بد أن ننزع من رؤوسنا جملة أن «وراء كل عنوان إنساني فعل إنساني حقيقي»، لأنها لم تعد صالحة لهذا الزمن المخيف والمتقلب، ولا أكتب هنا لتثبيط المتفاعلين والمتحمسين والراغبين في فعل الخير، وإنما أرفض أن نتحول إلى مساحة استجداء وتعاطف واستثمار لما يعود علينا من بوابة أخرى بالضرر والشرور والمآسي—- جنبكم الله ايها الطيبون شرور الحياة ومأسيها