يعيش كوكبنا المُلوث مناخيا،والمُحتبس حراريا، والمُدنس أخلاقيا، حالة غير مسبوقة من التضاد والغليان والترقب والتوجس مصحوبة بالركود والبطالة الخانقة والانكماش والتضخم الاقتصادي المرعب زيادة على الفوارق الطبقية المفزعة،والنزاعات الحدودية، والتعددية القطبية، والتحولات الجيو – سياسية المتسارعة وعلى نحو جد خطير ينذر بإندلاع حرب عالمية – قره قوزية – دموية ثالثة لا تبقي ولا تذر في أية لحظة متأثرة بحدث ما أو بمجموعة أحداث مفاجئة من شأنها أن تُخرِج الأمور عن نطاق السيطرة كليا على أيدي ثلة من مجانين السلطة، ومعاتيه الايديولوجيات،وأذناب المنظمات، وذيول الحركات، تماما كما حدث قبيل الحرب العالمية الاولى حين أقدم عضو معتوه في تنظيم “اليد السوداء ” الصربي المسلح ويدعى غافريلو برينسيب ، باطلاق الرصاص على ولي عهد النمسا وزوجته في سراييفو ليرديهما في الحال ما أسفر عن اندلاع الحرب العالمية الاولى بين عامي 1914 – 1918 ومقتل ما لايقل عن 16 مليون انسان علاوة على اضعافهم من المعاقين والجرحى والمفقودين والأسرى، كذلك الحرب الأهلية الإسبانية بين 1936 – 1939 والتي اندلعت شرارتها بعد محاولة انقلابية فاشلة قادها المعتوه الجنرال اميليو مولا، لتخرج الأمور عن السيطرة ولتنتهي الحرب بـسقوط ما يقرب من 2 مليون انسان ما بين قتيل وجريح ، كذلك الحال مع الحرب العالمية الثانية بين 1939 – 1945 بفعل النازية الالمانية ، والفاشيتين الايطالية واليابانية من جهة، وبفعل الرأسمالية والامبريالية الامريكية والاوربية من جهة أخرى لتنتهي الحرب بأكثر من 60 مليون قتيل اضافة الى دمار وخراب وإفلاس شامل ، كذلك الحال مع الحرب الأهلية اللبنانية بين 1975- 1990 والتي اندلعت عقب الهجوم الطائفي على باص لنقل الركاب في منطقة عين الرمانة ومقتل معظم ركابه،وذلك بعد مرور وقت قصير على محاولة فاشلة – مفترضة – لاغتيال قائد الميليشيات المارونية المتطرفة بيار الجميل ، لتخرج الأمور عن السيطرة كليا والنتيجة هي مصرع أكثر من 120 ألف لبناني، ونزوح أكثر من مليون داخل البلاد وخارجها، وعلى هذا المنوال إندلعت معظم الحروب العبثية الحديثة، حيث ميليشيات طائفية أو قومية مسلحة منفلتة تعمل خارج إطار السلطة ،تقابلها منظمات سياسية مؤدلجة مصحوبة باحتقان داخلي وتصريحات استفزازية وخطابات تحريضية متتالية يشجع على تأجيجها إعلام انفعالي غير مسؤول لتأتي حادثة واحدة فحسب قد تكون معدة سلفا عن سبق اصرار وترصد ، وقد تكون عفوية وليدة لحظتها وابنة ساعتها ، فتمثل القشة التي تقصم ظهر البعير أو بمثابة الشرارة التي تشعل برميل البارود الممتلىء والمحتقن والمعد للتفجير في أية لحظة، وهذا هو عين ما يعيشه العالم حاليا وبما لايخفى على كثير من المتابعين والقراء ، وقد تعالت الصيحات مؤخرا ولأول مرة منذ الحرب الباردة لاستخدام الاسلحة النووية وتحريك الاساطيل والقطعات البرية والبحرية والجوية استعدادا للمواجهة المرتقبة ،وسط انقسام حاد داخل أروقة الامم المتحدة ، ومجلس الأمن الدولي،مع تصاعد حدة الخطاب المرفق بالتهديد والوعيد بين المعسكرات الشمالية والجنوبية ، وبين الشرقية والغربية ، وفي خضم ذلك كله لا يسعني إلا أن أنصح بالمضي قدما نحو الاصلاح الداخلي الجاد والفعلي في كل الدول العربية ، واطلاق سراح الأبرياء وكل من لم تثبت ادانته مع السعي الجاد لتفعيل قوانين العفو العام بحق كل معارضي الرأي، إن لم يكن للتصالح المجتمعي، فعلى الأقل للتعايش السلمي والالتقاء عند نقطة وسط من شأنها لجم كل محاولات اثارة النعرات القومية والطائفية ومنع التدخلات الخارجية ، الشرقية منها والغربية ووأدها في مكانها قبل أن تستفحل على أيدي بعض الذيول من مزدوجي التبعية والجواز والجنسية زيادة على أذرع الكومبرادورية والاوليغارشية والبلوتوقراطية والحركات الظلامية فضلا على الدولة العميقة والقوى -الهائمة العائمة – المسماة جزافا بـ القوى الناعمة، وذلك في خطوتين جريئتين وحتميتين من شأنهما أن تصونا دولنا العربية وتجنب شعوبنا الويلات والدخول طرفا في أية حروب كونية عظمى محتملة لا ناقة لنا فيها ولاجمل هي أقرب للوقوع حاليا ومن أي وقت مضى، إذ ما يزال عالمنا العربي يعيش أزمات فكرية وسياسية ومجتمعية واقتصادية حادة متمثلة بالحاكم المحلي – المتعلق بالسلطة – من جهة ، والمعارض – الثورجي – الحالم بالسلطة من جهة أخرى، ما ألقى بظلاله القاتمة على دول وشعوب المنطقة برمتها وجعلها تعيش حالة من الارتباك والتذبذب اللا محمود واللامحدود من المحيط الى الخليج ، فبينما يبذل الحاكم من خلال عيونه ومخبريه السريين قصارى جهده لجمع المعلومات عن الوطنيين الشرفاء في الداخل والخارج تمهيدا لتكميم أفواههم وقمعهم والتضييق عليهم ، مع بذل الوسع وتضييع الوقت بملاحقة ومراقبة ومتابعة كل من يرفع صوته مطالبا بمناهضة الفساد ، وكبح جماح الإفساد ، وتحسين الأوضاع ، وإرساء الأمن ، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتعزيز الوحدة الوطنية بين المكونات المجتمعية ولو بأدنى مستوياتها ، تراه ذاهلا عن قصد أو من دون قصد عن أساطين الفساد وتجار المخدرات ومافيات الجريمة المنظمة وتجار الاعضاء والبشر والسلاح المنفلت وعن عصابات التزوير والاختلاس والتسول والقمار والخمور وبيوت الدعارة وتهريب الثروات والآثار ونهب الأموال وسرقة الأراضي ونحوها من الفواحش والموبقات ، لأن أعداء الوطن من وجهة نظره القاصرة إنما تتجسد بكل من يرفع صوته للمطالبة بإصلاح النظام السياسي والحفاظ على اللحمة الوطنية وتجنب اثارة النعرات الطائفية والحرص على التوزيع العادل للثروات اضافة الى تقويم المجتمع، وتحسين الخدمات ورفع المظالم وما الى ذلك من مطالب مشروعة كفلتها الشرائع والدساتير ، وليس العدو ذاك الذي يسهم وبكل ما أوتي من قوة بإفساد المجتمع وتدمير القيم ومحو الفضائل ونشر الرذائل واستنزاف الموارد لطالما أنه لم يرفع شعارا واحدا ضد النظام، ولطالما أنه لم يعل صوتا ولو خافتا ضد المنظومة، والنتيجة هي أن تجار المخدرات والكحاشينيستات والكوادة لبيات والجوجو دعاريات مضافا لهم ” أمهات السحورة” والمنجمين والمنجمات ، والمهربين والمهربات ، والراقصين والراقصات، ومطربي الملاهي والمطربات ،والمقامرين والمقامرات ،والمتحولين والمتحولات، وحاملي السلاح المؤدلج والمنفلت والموازي والحاملات ، وكلهم لا شأن لهم البتة بإصلاح النظام بل على العكس من ذلك تماما فإن مصالحهم العليا تقتضي المضي قدما بافساد المنظومة الاخلاقية وتفتيت الوشائج المجتمعية برمتها وليس بإصلاحها، الأمر الذي أفرز لنا عملية تخادم منظورة وإن لم تكن معلنة قائمة على قدم وساق بين الطرفين، حيث صنف يتولى مهمة إلهاء الشعب وتخديره والذهاب به بعيدا عن قضاياه الكبرى ومشاكله المتفاقمة والعمل على فصله عن واقعه بالترفيه والتسطيح والتمييع وبإثارة القلاقل والفتن ماظهر منها وما بطن في مسلسل مقيت لا يتوقف أبدا مهما كان حجم المخاطر المحدقة وعظم التحديات المحيقة،يقابله صنف يستعلي على الشعب المخدر كليا ليتوارث المكاسب ويتبادل المغانم وينعم بثروات البلاد ويحتكر الثراء والجاه والسلطة ويورثها بزعم تمثيل الطوائف والدفاع عن المكونات – من دبش – كل ذلك في وقت يواصل فيه الطرف الثاني من المعادلة = المعارض المتغطرس ألاعيبه المعتادة في بث الأراجيف، ونشر الشائعات، وتضخيم الصغائر،وغض الطرف عن الكبائر، وكتابة التقارير ورفع المقترحات تلو الأخرى الى أسياده الأجانب حيث يقيم ويمرح ويتجنس ويتنجس في ملاهيها وحاناتها ونواديها، حاثا إياهم بين الفينة والأخرى على إحتلال بلاده وحصارها بغية التخلص من النظام بزعمه مع إيهام الشعب الفقير المظلوم بأن الخلاص قادم لا محالة في القريب العاجل على يديه وبمساعدة قوى عظمى ستأتي لنصرة – جنابه الكسيف – قادمة من “كوكب اكس” تساندها قوى جرارة أخرى قادمة من “كوكب زحل “عبر الاطباق والصحون الطائرة لانقاذ الشعب مما يعانيه على مدار عقود، مشفوعا بتصوير هذا المعارض الغر نفسه وقد كان وإلى وقت قريب يعد جزءا لا يتجزأ من منظومة الفساد والافساد المحلية التي ينتقدها ببعض حركاته البهلوانية ودعابته السمجة ،بأنه جيفارا الثائر، أو باتريس لومومبا،أو مالكوم أكس،أو مارتن لوثر كينغ ، أو نيلسون مانديلا ، أو غاندي ، أو حتى الجنرال جياب أو هوشي منه ، وهو وفي حقيقة الأمر مجرد سياسي أو كاتب أو إعلامي أو مفكر أو شيخ سابق فاشل لطالما تذبذب بين اليمين واليسار، بين الليبرالية والراديكالية، بين الديمقراطية والديكتاتورية، ولم يسعفه الحظ في أي منها لتحقيق مراده والحصول على بعض ما كان يصبو إليه من أحلام مجهضة فقرر أن يصير معارضا لمنظومة هو وأمثاله من أرسوا دعائمها، وأقاموا ركائزها،وصاغوا أحقادها ،وزرعوا ألغامها، وأججوا فتنها ، وضخموا أرصدتها ، وحللوا فسادها بعد أن عبثوا كليا بماضي البلاد وحاضرها ومستقبلها بهذه الذريعة أو بتلك وبما لن يعفيهم من المسؤولية ولن يطهرهم من دنسها أبدا ، وإلا قلي بربك هل أن تحول شيخ معمم هكذا فجأة الى” قره قوز” مسموم ومُسَمَمُُ ، يقابله تحول علماني مخضرم الى شيخ معمم ومن دون مقدمات وكلاهما يعيش في الخارج سيغير من المعادلة أو من ماضيهما وحاضرهما المعلوم للجميع في شيء قط ؟!
المطلوب اليوم وبالحاح من السياسي والكاتب والصحفي والمفكر العربي أن يتحلى بالوطنية والموضوعية وبلغة خطاب مسؤولة ورصينة، وبوجدانية عالية، وبشفافية متناهية لا يجامل فيها أحدا قط بخلاف ما يفعل كثير من نظرائهم وبعضهم قد جامل وما يزال يجامل معارضة الخارج مع علمه بتورط كثير من رموزها وقادتها بالتشجيع على حصار الدول العربية وتهميشها وتجويعها وإفقارها، ولن يشفع لبعض هؤلاء المعارضين وبعد أن تقع الفأس بالرأس وبعد أن تدمر بلاده عن بكرة أبيها بحروب أهلية لا أول لها ولا آخر، اعتذاراته أو مبادرته بالقول عبر الفضائيات بأنه لم يكن يعلم بمجريات الأمور وحقيقتها، وبأنه لم يكن على دراية كافية بمآلات الأمور، وبأنه لم يكن على اطلاع بحقيقة ما تضمره وتخطط له القوى العظمى لشعبه وبلاده واقعا وهذا عذر أقبح من ذنب لأنهم لو قرأوا عن خارطة برنارد لويس الانشطارية للوطن العربي ، وعن خطة تقسيم المقسم الى كيانات هزيلة بعضها لا يرى بالعين المجردة على انقاض سايكس بيكو، ولو أنهم قد اطلعوا على مقترحات هنري كينسجر ، و” منظمة بلدربيرغ ” التي كان يقودها و” منظمة أيباك” اضافة الى مخططات “الهندوتفا ” الصاعدة والتي تسعى لابتلاع دول الخليج من خلال العمالة الهندية المتزايدة وعبر المعابد السيخية والبوذية والهندوسية في أرض العرب ، ولو انهم اطلعوا على خطط التطبيع والتركيع والتخنيع، اضافة الى خطط الديانة الوهمية المسماة بـ الابراهيمية ، ولو اطلعوا على مرامي خطة “طريق الحرير” الحقيقية ” حيث ظاهرها ملاك طيب ، وباطنها شيطان شرير” ولو أنهم فعلوا ذلك ماضيا بكل ما يتعلق بالعراق على سبيل المثال وليس الحصر وقرأوا عن أرض “بابل” ويقصد بها ارض ميزوبوتاميا كما وردت في التلمود بنسختيه الاورشليمية والبابلية، وبقسميه “المشناه والجمارا ” وكيف أن الحاخامات والتلمود وكتاب الزوهار وطائفة الكبالا تدعو وتحرض وعلى مر التاريخ على ابادة وتجويع وحصار وتدمير أهل العراق كبارا وصغارا ثأرا للسبي البابلي واسقاط مملكة “اسرائيل الشمالية وعاصمتها السامرة “على يد أجداد العراقيين ، وكذلك اسقاط مملكة ” يهوذا الجنوبية وعاصمتها اورشليم “على يد أجداد العراقيين ايضا ، فيما تحرر بيت المقدس من أيدي الصليبيين وبعد أكثر من 90 عاما على يد صلاح الدين العراقي ، أقول لو أنهم قرأوا ولو قليلا عن أحقاد كل هؤلاء السرية منها والعلنية ، والتي تجسدت كليا في الادارة الامريكية التي قادها بوش الصغير آنذاك وهو عضو بارز تماما كأبيه بوش الكبير في منظمة “الجمجمة والعظام ” ومقرها ولاية كونتيكيت الامريكية، وكل الصف الثاني في ادارة بوش يومئذ كانوا من اليهود المتعصبين، اضافة الى ايمان بوش المطلق بأن معركة “هرمجدون” لن تقع إلا بإزالة أرض بابل ويعني بها العراق من الوجود كليا ونهائيا ، لكان لمعارضة الامس آنذاك رأي وعذر آخر تماما غير الذي تقوله وتدعيه اليوم !
فيما جامل آخرون وما زالوا يجاملون ما يحلو لي تسميتهم بـ ” المخبرين البلهاء ” ممن كانوا أيام الحصار الجائر يركضون خلف الابرياء والوطنيين الشرفاء، هذا بتهمة إلقاء نكتة عن – السيد الرخيص – وذاك بتهمة الضحك على استحياء على نكتة قيلت عرضا في مقهى شعبي بحق ما يسمى بـ” أبوالثلج ” وآخر بتهمة اعادة نكتة قيلت بحق ما يسمى بـ “القائد المؤسس” كل ذلك للحصول على مكرمات -ورقية – تضاف الى ملفاتهم، وأوسمة – تنكية – تعلق على صدورهم ، ذاهلين كليا عن ملاحقة ومراقبة ومطاردة عتاة الجواسيس وعصابات الجريمة المنظمة التي كانت تسرح وتمرح في طول العراق وعرضه، ولطالما سخرت السينما العالمية من شخصية ” المخبر الأبله” الذي يجلس وسط المقهى ليقرأ الصحيفة بالمقلوب وهو يراقب ويتنصت ويتابع عن طريق ثقب وسط الصحيفة – أحد المثقفين المسالمين – وهو في قمة الوطنية وفي غاية الوداعة والبراءة والولاء للوطن، وعلى بعد أمتار قليلة من “المخبر الغافل المغفل ” يجلس عتاة المافيات والجواسيس الدوليين من دون أن ينتبه اليهم قط لأنهم خبراء بكيفية الضحك على ذقون وخداع أمثاله، وأذكر وعلى سبيل المثال بأنه ويوم كان المخبرون المغفلون يطاردون الوطنيين الشرفاء ، ويلاحقون المشايخ الصلحاء، ويضيقون الخناق على التجار الاسخياء ، ويهرولون خلف الشباب الاتقياء ، ويضغطون على المدرسين والمعلمين الانقياء ، وكل واحد من هؤلاء متهم بتهمة سخيفة من نسج أوهام ومن بنات أفكار الرفيق الحزبي الجاهل في المنطقة ، وفي عام 2002 تحديدا أذاع لي بعض أصحاب حقول الدواجن جنوبي بغداد سرا مفاده بأن فريقا من فرق التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل قد زار حقولهم على حين غرة، بعيدا عن أعين المخبرين المغفلين المشغولين بملاحقة الوطنيين والمواطنين بدلا من مراقبة الجواسيس الأجانب المخضرمين ، وكانت رئيسة الفريق حينئذ تحمل حقيبة سوداء تتدلى منها نجمة داود ثم طرح الفريق عددا من الاسئلة بشأن عدد العمال، وحجم الانتاج، ونوعية الاعلاف، وطبيعة اللقاحات، ومراكز التسويق، ليذهب الفريق غير المرحب به الى غير رجعة بعد أن جمع المعلومات المطلوبة وسط ذهول الجميع من الاسئلة التي طرحت عليهم ولا علاقة لها بأسلحة الدمار الشامل المفترضة البتة ، ولم تكد تمضي سوى أسابيع قليلة على هذه الزيارة -التجسسية- المشؤومة حتى ظهر مرض غريب تسبب في هلاك الدجاج بخطوطه الانتاجية الثلاثة (دجاج الامهات – الدجاج البياض – دجاج اللحم) ولم يتمكن الاطباء البيطريون من التعرف على طبيعة المرض غير المألوف محليا، كأمراض الكومبورو ، والنيو كاسل وغيرها بل ولم تسعفهم المراجع الطبية المعتمدة في ذلك الى أن تمكن أحدهم من التعرف على المرض النادر عبر الشبكة العنكبوتية فظهر له بأنه فايروس مطور جينيا في مختبرات وزارة الدفاع الصهيونية كواحد من أسلحتها البايولوجية والغاية هو تشديد الحصار على العراق والإمعان في تجويع شعبه ليرحب بعد التجويع بالمحتل ويرفع بوجه قواته الزهور تماما كما زعم صقور الادارة الامريكية آنذاك ممن يعلمون يقينا حجم التجويع ، ومدى الحصار الخانق الذي فرضوه على العراقيين 13 عاما متتالية ” وهذا عين ما تكرر مع بساتين النخيل التي ابيدت بأوبئة كانت تنشرها فرق التفتيش بين مزارع النخيل تباعا عن طريق علب السجائر أو المشروبات الغازية الفارغة” وكذلك فعلوا حين نشروا ” بذور الشنبلان وزهرة النيل التي أغلقت وبخرت مجاري الجداول والانهار وكذلك فعلوا من خلال المشاعل الحرارية التي كانت تلتهم مزارع الحنطة والشعير تباعا، وكذلك فعلوا حين نشروا الجمرة الخبيثة في حقول تربية المواشي في العراق وكل ذلك هو عين ما حدث سابقا ايام الاستدمار ولا اقول الاستعمار البريطاني وقد حدثني بهذه الواقعة أحد كبار السن من سكنة حديثة مؤكدا قيام الانكليز في ثلاثينات واربعينات القرن الماضي بزراعة اشجار -السبحبح- على ضفاف نهر الفرات، والسبحبح لمن لا يعرفه أشجار باسقة بنفسجية الاوراق ثمارها تشبه شجرة السدر ونواتها سامة يستخدمها الصيادون بعد طحنها لصيد الاسماك مما يعرف محليا بـ(الزهر) الذي يتسبب في موت الأسماك وطوفانها، وكان الانكليز يهدفون الى تدمير الثروة السمكية وقد كان لهم ذلك حتى جاء النظام الجمهوري وأمر باقتلاع جميع الاشجار اثر الشكاوى التي تلقاها من الأهالي المنطقة ، حتى ترنم بعضهم تهكما بالقول ” لقد اصبح وطن السبحبح ..بح !”.
وختاما فعلى الجميع التصالح والتفاهم وصياغة عقد اجتماعي عربي، وكتابة وثيقة شرف تجنب دول وشعوب المنطقة الانزلاق الى حروب أهلية داخلية أو المشاركة بحروب عبثية دولية خارجية ليتفرغ الجميع للقضية المركزية الأم التي لا تتجزأ وأعني بها اجهاض المشروع الصهيوني والتفرغ التام لنهضة بلداننا وازدهار شعوبنا واستثمار ثرواتنا والعمل مجتمعين على تحرير فلسطين كاملة من النهر الى البحر، بعد اجهاض مشروع ” اسرائيل من النيل الى الفرات ” .اودعناكم اغاتي