18 ديسمبر، 2024 7:58 م

على أبواب قصر العدالة

على أبواب قصر العدالة

بعد ان عزم ابني الشاب على عقد قرانه في المحكمة ، ذهبنا معا الى اقرب قصر من قصور العدالة لاستلام الاستمارة الخاصة بذلك ، وما ان وصلنا حتى رأينا حاجزاً كونكريتياً )عالي المقام( حجب الرؤيا عن ذلك الصرح الذي لم يظهر منه سوى راية )الله اكبر( ، وكان هناك عدد من كتاب العرائض يفترشون الرصيف المحاذي للجدار بمكاتب بائسة ، وأصواتهم عالية كأننا في سوق شعبي ،  كل منهم يقدم عروضاً فنية لاستدراجنا وتقديم خدمات لإتمام مانصبو إليه بأساليب لا تليق بمكانة ذلك الصرح القانوني 0
 
توجهنا إلى احدهم وسألناه عن مكان استلام الاستمارة الخاصة بعقد القران أجاب هنا عندي ، قلت وهل هي رسمية ؟ قال نعم واخذ يستعرض خبراته ومؤهلاته وعلاقاته ليتولى الأمر مقابل ( … ) لم نبال له ودخلنا القصر بعد أن أرشدنا احد الحراس الى مكان التزويد بتلك الاستمارة ، وبكل سهولة استلمناها وقدم الموظف المسؤول المشورة المجانية عن كيفية إدراج البيانات والإجراءات القانونية لإكمال المعاملة ، ولا بد من الاشارة الى انه عند الدخول الى بوابة الصرح ( الاستعلامات) كانت هناك لافتات ( بوسترات ) كتب عليها تعليمات واجراءات خاصة بانواع المعاملات تم اعدادها من الجهات المعنية لغرض تسهيل مهمة المواطن .
 
     هنا بدأتُ أسال نفسي عن ماهية عمل هؤلاء الارضحالجية( كتاب العرائض) وهل الحاجة ملحة وضرورية لوجودهم أمام الدوائر الحكومية ؟، أليست هذه ظاهرة غير حضارية تجسد نوعاً من أنواع ( الاتاوات ) في زمن النظام الأمي في حقبة من زمن مضى ، ومتى يمكننا القضاء على ذلك الروتين القاتل في المعاملات التي توجب علينا تقديم التماسات وطلبات يكتبها كاتب العرائض كمرحلة أولى للبدء في إجراءات معاملة ما ؟ ، ولماذا تعود العراقيون على رؤية أصحاب هذه الحرفة واللجوء إليهم عند مراجعة الدوائر الرسمية ؟ ، هذه الأسئلة متروكة للجهات ذات العلاقة للإجابة …
 
زاد فضولي المهني كصحفية لمعرفة المزيد عن هؤلاء ، وما هي الأهمية القصوى لوجودهم بهذه الطريقة غير الحضارية ؟ سألت أحد الموظفين عن المسوغ القانوني لحرفة (العرضحالجي) .. قال لهذه الحرفة أصولها وقواعدها القانونية وتوجب على مزاوليها الحصول على رخصة من ( محكمة البداءة ) وللأسف إن بعضاً منهم قام  بسلوكيات تجاوزت حدود الحرفة ويبتزون المواطنين بحجة إنهم على صلة بالموظف ذي العلاقة بالموضوع في الدائرة التي يعملون أمامها ، او يقومون بتعقيب المعاملات أو يعمل كوسيط بين المواطن والموظف المختص الذي يقوم بدورٍ في توفير غطاء مؤمن لهم ولأعمالهم المشبوهة مقابل نسبة من الأرباح ، وهناك من تجاوز حدود الحرفة بتقديم ما يمتلكه من خبرة السنين في الاجراءات الخاصة بسير المعاملات واحياناً يعطي معلومات تشير الى اجراءات قانونية صحيحة في الغالب تمكن المواطن التحرك من خلالها دون التعرض للتأخير في انجاز المعاملة … هنا قد يخطر في ذهن القارئ سؤال : هل ان هذه المبالغ التي يتسلمها (العرضحالجي) تعود فائدتها له مقابل خدماته ام تذهب الى….؟! .
 
 اوجب علينا في هذه المرحلة تعميم مفهوم إدارة التغيير في العراق الجديد والتي ترتبط ببرامج رفع كفاءة الموظفين والعاملين وتأهيل مدربين لرسم خطة العمل والمنهاج التدريبي لإدارة ذلك التغيير ، والإسراع في تنفيذ مشروع الخدمة الالكترونية وتوفير شبكة خدمية عبر البيئة الالكترونية المتمثلة بشبكات حاسوبية وأخرى دولية للمعلومات والتي يطلق عليها الحكومة الالكترونية سعياً للتخفيف عن كاهل المواطن في إتمام المعاملات الرسمية والحد من ظواهر الفساد بكل أنواعه ومنها ما تمت الإشارة اليه