23 ديسمبر، 2024 2:33 م

علم نفس الفتوى: فتاوى ابن تيمية انموذجاً – ٢

علم نفس الفتوى: فتاوى ابن تيمية انموذجاً – ٢

تعريف بأبن تيمية:

هو: تقي الدين أبو العباس أحمد ابن الشيخ شهاب الدين أبي المحاسن عبد الحليم ابن الشيخ مجد الدين أبي البركات عبد السلام بن أبي محمد عبدالله ابن أبي القاسم الخضر ابن محمد ابن الخضر بن علي ابن عبدالله ابن تيمية الحرّاني. ولد في منطقة حرّان يوم الأثنين العاشر وقيل الثاني عشر من شهر ربيع الأول سنة 661 هجري.
وقالوا فيه اتباع ومحبوه: “ومن أبرز ما أشتهر به رحمه الله تعرضُّه لأصحاب البدع والفرق الضالة المنحرفة واشتهر رحمه الله بكثرة مناظراته لهم، ولم يسلم من وجود أعداء له حتى اليوم رحمه الله تعالى، وأشتهر أيضاً بأنه كان عالماً ربانياً يعمل بما يعلم، وكان مجاهداً في سبيل الله وظهر ذلك في قتاله للمغول والتتار”.
ويقصدون بعبارة ” تعرضُّه لأصحاب البدع والفرق الضالة المنحرفة” انه كانت متطرفا، ولا يقبل الا رأيه، فهو مصرا عليه، ويكفر كل من شذ عن رأيه ومعتقده، فكان المؤسس الاول للتطرف والإرهاب في الاسلام.
*اوصاف لا تنطبق على ابن تيمية:
ثم انهم وصفوه بأوصاف لا تنطبق حقيقة على شخص يحترم نفسه، وعالم يحترم علمه، ويجل الاسلام الذي هو دين السماح والمحبة والتواضع، وحب لأخيك ما تحب لنفسك، والدعوة الى حفظ بيضة الاسلام، وعدم الخوض في مسائل من شأنها أن تهدم اركان الاسلام بدل من أن تحافظ على وحدة المسلمين.
فقالوا: “بدأ ابن تيمية بطلب العلم أولاً على أبيه وعلماء دمشق، فحفظ القرآن وهو صغير، ودرس الحديث والفقه والأصول والتّفسير، وعُرف بالذّكاء وقوّة الحفظ والنّجابة منذ صغره، وبعد ذلك توسَّع في دراسة العلوم وتبحّر فيها، واجتمعت فيه صفات المجتهد وشروط الاجتهاد منذ شبابه، فلم يلبث أن صار إمامًا يعترف له الجهابذة بالعلم والفضل والإمامة، قبل بلوغ الثّلاثين من عمره. لم يترك الشّيخ مجالاً من مجالات العلم والمعرفة الّتي تنفع الأمّة، وتخدم الإسلام إلّا وكتب فيه، وتلك خصلة قلَّما نجدها إلّا عند العباقرة النّوادر في التّاريخ، شهد له أقرانه وأساتذته وتلاميذه وخصومه بسعة الاطّلاع، وغزارة العلم؛ فإذا تكلّم في علمٍ من العلوم أو فنٍّ من الفنون ظنَّ السّامع أنّه لا يتقن غيره؛ وذلك لإحكامه له وتبحّره فيه. وإنّ المطّلع على مؤلّفاته وإنتاجه، والعارف بما كان يعمله في حياته من الجهاد باليد واللسان، والذبِّ عن الدين، والعبادة والذّكر، ليعجب كلّ العجب من بركة”.
فلو كان هذا كما يدعون لما صدرت منه هذه التصرفات التي هي بعيدة كل البعد عن العلم والعلماء، من فتاوى ما انزل الله بها من سلطان، ومن تكفير للمذاهب الاخرى، ومن سلاطة اللسان مع علماء الشيعة وغيرهم( وهذا الموضوع سنسلط عليه الضوء في مباحث مقبلة). ونتيجة ذلك زرع التفرقة ما بين الفرق والمذاهب، وهو ما فت من عضد المسلمين بدل جمعهم ولم شملهم تحت راية الاسلام، والتي يدعي اتباع ابن تيمية انه دعا اليها، وهو زورا وبهتانا.
*ابن تيمية منحرفاً
مما لا شك فيه، أن من يدرس سيرة حياة هذا الرجل، دراسة موضوعية شاملة، الهدف منها الوصول الى جوهر الحقيقة، والحقيقة لا غير، فسيرى، بأم عينه، انحراف هذا الرجل، فكريا وذهنيا وعقائديا، وابتعاده عن روح الاسلام المحمدي، وما سار عليه اصحابه الخلص واهل بيته الكرام، والعلماء الاعلام، من التابعين ومن جاء من بعدهم.
يقول الكاتب هاني ضوَّه (نائب مستشار مفتي الجمهورية بمصر) وهو يتحدث عن ابن تيمية وانحرافاته: ” ومع مرور الوقت بدأت انحرافات ابن تيمية في الكثير من المسائل، وبدأ يواجه الكثير من اعتراضات علماء الإسلام المعاصرين له الذين وجهوا سهام نقدهم لأفكار ابن تيمية ونهجه التكفيري، ومنهم الإمام الحافظ تقي الدين علي ابن عبد الكافي السبكي الذي قال عن ابن تيمية في كتابه “الدرة المضية” ما نصه: “أما بعد، فإنه لما أحدث ابن تيمية ما أحدث في أصول العقائد، ونقض من دعائم الإسلام والأركان والمعاقد، بعد أن كان مستترا بتبعية الكتاب والسنة، مظهرا أنه داع إلى الحق هاد إلى الجنة، فخرج عن الاتباع إلى الابتداع، وشذ عن جماعة المسلمين بمخالفة الإجماع، وقال بما يقتضي الجسمية والتركيب في الذات المقدس، وأن الافتقار إلى الجزء- أي افتقار الله إلى الجزء- ليس بمحال، وقال بحلول الحوادث بذات الله تعالى، وأن القرءان محدث تكلم الله به بعد أن لم يكن، وأنه يتكلم ويسكت ويحدث في ذاته الإرادات بحسب المخلوقات، وتعدى في ذلك إلى استلزام قدم العالم، والتزامه بالقول بأنه لا أول للمخلوقات فقال بحوادث لا أول لها، فأثبت الصفة القديمة حادثة والمخلوق الحادث قديما، ولم يجمع أحد هذين القولين في ملة من الملل ولا نحلة من النحل، فلم يدخل في فرقة من الفرق الثلاث والسبعين التي افترقت عليها الأمة، ولا وقفت به مع أمة من الأمم همة، وكل ذلك وإن كان كفرا شنيعا مما تقل جملته بالنسبة لما احدث في الفروع “.
ويضيف الكاتب: ” وقد استُتيب ابن تيمية مرات عديدة لكي يرجع عن آرائه الشاذة والمتطرفة، وكان يسجن ويستتاب، فيرجع عن رأيه حتى يخرج من السجن، فإذا خرج عاد مرة أخرى إلى شذوذه الفكري، حتى حبس بفتوى من القضاة الأربعة الذين أحدهم شافعي والآخر مالكي، والآخر حنفي والآخر حنبلي، وحكموا عليه بأنه ضال يجب التحذير منه كما قال ابن شاكر الكتبي في عيون التواريخ وهو من تلامذة ابن تيمية، كما أصدر الملك محمد بن قلاوون منشورًا ليُقرأ على المنابر في مصر وفي الشام للتحذير من ابن تيمية ومن أتباعه”. راجع الرابط التالي:
http://www.masrawy.com/Islameyat/Makalat-ther/details/
ويضيف كاتب آخر وهو الدكتور محمد حبش في مقال نشره موقه الرسمي: “ابن تيمية ترك تراثاً كبيراً، كان متفرقاً في الكتب الصفراء حتى قامت السعودية ومؤسساتها الدينية الرسمية بنشر فكره وكتبه، وبإمكانك أن تجد فيها هذه الفتاوى. هذه سلسلة فتاوى لا يحق لدولة محترمة أن تأذن بروايتها على لسان عاقل، ويتعين محاكمة من يفتي بذلك وزجه في السجون لدرء شره عن الناس، وبالمناسبة فهذا ما فعله الوعي الإسلامي بابن تيمية أيام الناصر بن قلاوون 726 هجرية، وهذا ما اقترحه الفقهاء الكبار المعاصرون لابن تيمية كابن حجر الهيثمي المكي صاحب كتاب الصواعق المحرقة وأبي الحسن السبكي وولده التاج والشيخ الإمام العز بن جماعة وأهل عصرهم وغيرهم من الشافعية والمالكية والحنفية الذين عاصروه. ومع أن المؤسف أن الروايات التي أشارت إلى فتاوى العلماء في سجنه لم تتحدث عن هذه الفتاوى التكفيرية وإنما تناولت فتوى تحريم زيارة قبر الرسول وفتوى إيقاع طلاق الثلاث بواحدة، ولكن فيما يبدو ان الأسباب الحقيقية لسجنه لم يذكرها من ترجم لحياته، وعلى كل حال وبغض النظر عن تاريخ الرجل، الذي أظهر ثباتاً عجيباً على مواقفه الفقهية، فإن هذه الفتاوى تطبع اليوم وتوزع لوجه الله، وتدرس بالتالي في حلقات مختلفة على أنها الفقه الذي يكرهه حكام المسلمين، ويكفي هذا حتى تصبح محل ثقة وتقدير من التيار المظلوم في العالم الإسلامي. ادخل الرابط التالي: https://newsyrian.net/ar/content.
*وفــــــــــاته:
وكما ذكرنا من أن ابن تيمية تعرض عدة مرات الى الاعتقال ودخول السجن، بسبب مواقفه المتطرفة، وفتاواه النارية التي فرقت المسلمين وخلت بأمن الدولة. وقد وافته المنية وهو مسجون بسجن القلعة بدمشق ليلة الاثنين 20 من شهر ذي القعدة سنة (728) هـ.
وبموته لم يتخلص الناس من شره وشر فتاواه، بل جاء من يعيد سيرته الاولى، ويعمل بفتاواه الى اليوم، ويحاول بثها بين صفوف المسلمين، ونحن في عصر العلم والنور، وهذه بحد ذاتها طامة كبرى حلت بالمسلمين، وحرقت نارها كذلك غير المسلمين حيث وصلت للبدان الآمنة، وذلك بفضل اتباعه من الدواعش والسلفيين الذين اتخذوا فتاواه نهجا ومعتقدا.