بغداد .. و .. أربيل
سُئل الدكتور الوردي رحمه الله .. لماذا تضع الحق كلهُ بجانب علي (ع) , وتضع الباطل كله في جانب معاوية , بالرغم من رايك في التنازع بين الخصوم : بأن َ أياً من الفريقين المُتنازعين ْ – في أيَّ تنازع كان – فيه وجهين باطل وحق في آن واحد .. حيث كل منهم ينظر الى وجه واحد من ذلك الشيء- محل النزاع – ويهمل الوجه الآخر , وان الحقيقة تشبه الهرم ذي الاوجه المتعددة ؟ .. فأجاب : إنه إعتراض وجيه حقا , ويكفي هنا أن اقول , ان هذا الذي ذكرته ينطبق على التنازع التقليدي الذي تتحكم في امره العقائد والافكار الموروثة .. حيث ينظر كل فريق الى الحقيقة من خلال إطاره الفكري ( الاطار المحيط بعقله من حيث لايشعر ) .. اما النزاع بين علي (ع) ومعاوية , فهو من طراز آخر .. انه أشبه بنزاع ينشب بين القافلة وقطاّع الطريق , فلا مجال لنا ان نقول , بأن قطاع الطريق كانوا مجتهدين في تصديهم للقافلة , وكان لهم وجه حق في عملهم هذا ( تسليب القافلة ) !
من هذه المقدمة ندخل في موضوع النزاع النفطي بين بغداد واربيل .. ونبدأ من فلسفة الديمقراطية الحديثة , والتي لاتؤمن بوجود حقيقة مطلقة .. يمكن معرفتها والوصول اليها بشكل فردي .. بل تؤمن بدلا عنها .. بتلك الحقيقة النسبية التي ترتئيها اكثرية الناس .. الاكثرية التي نكتشفها من خلال صناديق الاقتراع .. واذا تسالمنا بحقيقة .. ان الديمقراطية تحفظ حق الاقلية الديموغرافية في البلد الذي تطبّق فيه من خلال استحداث الفيدرالية .. في البلدان ذات التنوع الاثني والديني والمذهبي .. فان ذلك يكون ضمن تعميق مفهوم المواطنة ووحدة الوطن , وتحت خيمة الدستور الذي تصالح عليه ابناء المجتمع بالتصويت عليه والقبول به , وهو الذي يضبط العلاقة بين المركز والاقاليم والمحافظات الغير منتظمة باقليم .. والرجوع في أي نزاع في تفسيره الى المحكمة الدستورية ! وليس كما هو حال الاخوة في الاقليم .. حين يفسرون الدستور على هواهم ويقومون باستثمار ثروة ابناء العراق بما تشتهي انفسهم هم , وبطريقة قاطع طريق !؟ لك الله ياعراق الخير .