لا يختلف اثنان ان علاوي كان وما زال رقما صعبا في المعادلة العراقية والإقليمية بل وحتى الحضور المميز في العلاقات الدولية .. حين تهافت الجميع للبوابة الايرانية وقف وطنيا متحديا.. معلنا ان العراق وتاريخه لا يختزل برؤيا متبلدة تخرج من دهاليز الغرف الليلية.
في وقت يحاصر مكتبه ووجوده السياسي بواسطة العسكر في بغداد … تجد حضوره المميز في الوسط الإقليمي والعربي وعلى سبيل المثال استقباله وتباحث الشأن العراقي معه من قبل قادة دولتين إقليميتين فاعلتين هما السعودية ومصر والكثير بذات المستوى .. لقد جسد بل جذر الانتماء العربي بامتياز .. رسم أملا وضاءا لشيعة العراق العرب ..ان انتمائهم الوطني للعراق وعمقه العربي وإسقاط النظرية التي طبل لها الجميع بحشر شيعة العراق العرب قصرا في البودقة الايرانية.
لقد كان روح الإصرار والتعاطي مع الثوابت الوطنية بعقلائية حين يخاطب طهران محذرا من التمادي على سيادة العراق .. ولكن لا يختلف بوجود علاقات إقليمية متوازنة مبنية على ثوابت المصالح الوطنية والتعاون بين شعوب المنطقة.
يذكرنا بثوابت طروحاته بالملا مصطفى البارزاني عندما استشعر الخطر القادم من اتفاقية الجزائر عام ١٩٧٥ ارسل لخصمه صدام حسين رسالة واضحة المعالم لا تفرط بحقوق العراق الوطنية وأني مستعد لإلقاء السلاح والاحتكام للأدوات الدستورية في خيمة العراق والأكراد جزءا من النسيج الوطني العراقي والصراع هو عدم تعاطي بغداد مع الحقوق الكردية .. وقد كتبت في ذلك الموضوع مقال بعنوان: ” دولة الرئيس بارزاني كن كأبيك عراقيا اولا” كما في الرابط أدناه ..
فان إصرار علاوي على الثوابت في ادارة الصراع الإقليمي ينم عن روح وطنية واثبة تعي متطلبات المرحلة والوقوف بوجه التحدي وما يترتب عليه من مخاطر فكان اشتراطه للاشتراك بالحكومة لمعالجة الخلل الذي لحق باللحمة الوطنية هو السبيل الوحيد لقيادة العراق لشاطيء الأمان.
ولكن الأحلام والرؤى لا تنفذ الا بأدوات الواقع .. العمل السياسي الجاد ان لم تصاحبه خطوات اقتصادية فاعلة ترسي دعائمه لن يكتب له النجاح ومن خلال دراسة تجارب العالم ان توافد الاستثمار بحاجة الى حكمة سياسية ورؤيا علمية ثاقبة وثقة متبادلة .. والعراق بحاجة لدخول المال العربي والخليجي تحديدا في مجال الاستثمار والنهوض .. فان يتردد علاوي من طرح ذلك المشروع تخوفا من الحملات المضادة لخصومه السياسيين .. علينا ان نطرح المشروع للرأي العام .. حيث ان ملف المصالحة والاستثمار ملف واحد له التأثير الفاعل في إرساء دعائم الاستقرار والسيد علاوي قادرا على التوفيق فيما بينهما ومصدر ثقة للمستثمر العربي للدخول للبوابة العراقية… وان التخصيصات الحكومية التي سوف تخصص لمشروع المصالحة سواء من درجات وظيفية او إعانة اجتماعية غير قادرة على تلبية المتطلبات التي ترتقي بتعويضات الحد الأدنى للضرر الذي لحق الكثير من أبناء الشعب العراقي نتيجة السياسات الحكومية الخاطئة لعقد من الزمن.. إذن علينا ان نفكر بالبديل العاجل لتوفير فرص العمل وتهدئة النفوس لان المصالحة بلا توفير لقمة العيش مشروع لا يكتب له النجاح.