18 ديسمبر، 2024 7:15 م

علاقة الدين بالدولة . . اشكالية ثنائية

علاقة الدين بالدولة . . اشكالية ثنائية

المسألة التي اود طرحها هنا واعتقد انها على جانب كبير من الاهمية ، بسبب هيمنة الاحزاب الدينية على الساحة السياسية في منطقتنا نتيجة الفراغ العقائدي الحاصل بها . والحركات الجماهيرية التي سميت بالربيع العربي .

اننا لانريد اقصاء الدين بصورة نهائية عن السياسة ، او مفهوم الدولة عندنا . ولكننا نرغب في نقد الممارسات الدينيةالتي تبنتها الاحزاب الاسلامية للاستحواذ على السلطة والثروة . . وفي الوقت الذي تم حسم الموضوع في تونس الى حد ما ، وفي مصر ايضا بعد انقلاب الجنرال عبد الفتاح السيسي على حكم الاخوان المسلمين . . الا اننا نجد ان هذا الموضوع قد اخذ منحى دراميا في كل من سوريا والعراق وليبيا . حيث انقسم المجتمع بين مؤيد للاتجاهات الاسلامية نتيجة فشل الانظمة الديكتاتورية في المنطقة وبين الاتجاهات الليبرالية والعلمانية التي تدعو الى حكم مدني بعيد عن الاحزاب والتكتلات الاسلامية ، خصوصا وان هذه الاحزاب قد اخذت تتجه باتجاه الطائفية والمذهبية مثلما حصل في العراق وسوريا ، وتسبب ذلك في صراعات مسلحة دامية نتيجة الغلو في الدين ، وتبني المواقف الطائفية المتخلفة ، او تحت لافتة حماية المقدسات المذهبية ايضا . وقد صاحب كل ذلك دعايات ديماغوغية مكثفة لاستقطاب الناس بهذا الاتجاه او ذاك . كما تدخلت كل دول الجوار في هذه الصراعات الداخلية والطائفية
ونحن نتسائل عن كيفية وقف هذا الصراع الدامي المستمر ، ومن ثم النهوض بالامة من جديد . خصوصا بعدما انتشرت العقائد البالية ، والتي اخذت تترسب في النفوس . . وتروج على اساس انها من الدين وماهي منه . وكثير من المفاهيم الدينية المتداولة حاليا جاءت نتيجة الجهل والتخلف ، والخوف من الآخر . . وانظر الى المسلمين كيف اصبحوا نتيجة هذه العقائد والشعائر الطارئة ، فلم يعودوا ارهابيون فقط بل متخلفون في كل مناحي الحياة ، حتى اصبحوا اكثر جهلا من الجاهلية الاولى .وكيف تحول الدين الحنيف ، دين الرحمة والسلام الى اداة للقتل والتهجير مع التهديد والوعيد حتى اوشكنا ان يبيد بعضنا البعض
هل هي مؤامرة علينا ؟ نعم . ولكننا جميعا ننفذ ما تآمروا به علينا . . سواء كنا اميين او متعلمين ، وحتى المثقفين فينا . . ولم يعد الدين الاسلامي دينا واحدا ، فقد تحول الى اديان مختلفة . وكل حزب بما لديهم فرحون . . وهذه اشكالية جديدة ، تضاف الى اشكالية الدين والسياسة ، حيث نرى ان دول المنطقة المبنية على اسس دينية هي دول مذهبية ثيوقراطية معادية للقوميات والاديان والمذاهب الاخرى . ويتم اضطهاد الشعوب والاقليات باسم العقيدة او الحاكمية الالهية المستحدثة . . وحتى المثقفين اخذوا يخوضون مع الخائضين ، وما ان يطرح موضوع سياسي او ثقافي او اجتماعي للنقاش حتى يتحول الى خلاف طائفي متحيز ومتعصب على مبدأ انصر مذهبك ظالما او مظلوما ! ودبت العداوة والبغضاء بيننا نتيجة التحزب المذهبي الطائفي المتعصب . . كلنا نتحدث عن الديموقراطية والحرية ، ونحن اشد عداء لها . ولم يعد احدنا يطيق الاخر .بالاضافة الى عدم احترامنا للرأي المقابل ، وكلما نحاول ان نعيد بناء الوطن على اسس علمية حديثة مع تأكيدنا على بقاء التراث محترما . . نواجه من يصادر راينا ، ويتهمنا باننا ضد الدين او ناكرين لماضينا العتيد ، او نهدف لاحلال افكار ونظريات غربية على مجتمعنا المسلم . . وكأن النظريات العلمية الحديثة معادية للدين وللاسلام
اننا بحاجة الى مراجعة انفسنا لاعادة بناء مفاهيمنا ، والتخلي عن التعصب المذهبي وتوسيع ذهننا والانفتاح على العالم المتمدن . .
ان السياسة علم والدين عقيدة فلسفية فلا تخلطوا العلم بالعقيدة الفلسفية . . ان المزج بين الفقه الديني المذهبي والفقه السياسي لهو الخلط العشوائي بعينه . . حيث ان لكل منهما ادواته ومناهجه العلمية والفقهية الخاصة به . . وقديما قالوا ان الدين لله والوطن للجميع ، ولكننا نسينا ذلك . وانتكسنا عندما خلطنا المذهب بالسياسة . فاختلفنا . ثم تقاتلنا . . ومانزال كذلك حتى نفرق بين الدين والسياسة ، او بالاصح بين المذهب والسياسة . لنبني الدولة المدنية التي توفر فرص اكثر لاحتواء كل مكونات الشعب من قوميات واديان وطوائف . مع الاحتفاظ بتراثنا الثر ، الغني بالمعاني السامية ، المبنية على مبادئ الحق والعدل والانسانية
ادهم ابراهيم