تعتبر الفترة ( الكارثة )التي استلم فيها حزب البعث السلطة بعد انقلاب عام 1968م من اسوء الفترات التي حلت بالعراق من كافة النواحي , فقد شهد العراق سلسلة من التغيرات الاخلاقية في المجتمع من خلال الانتماء للحزب الاجرامي , اعلن البعثيون موقفهم العلني ضد كل من يتمسك بمذهب اهل البيت(ع) ,
هنا لا بد ان يكون الطرح موضوعيا وصادقا تماما لما جرى على المجالس الحسينية , وعموم المجتمع العراقي , لان حزب البعث عادل جدا في توزيع الظلم على الشعب العراقي كله ( عدى محافظات المنطقة الغربية) التي كانت تحمل تزكيه بالانتماء المناطقي ,وتحولت الدوائر الامنية والمنظمات الحزبية , ومجموعات التابعين لهم الى قوة ضد التوجه الديني , خاصة ( المجالس الحسينية) فكان الامتحان العسير بين التيار الحسيني , والبعثيين اعداء اهل البيت(ع) . فتحمل الحسينيون وزر السياسة الطائفية حتى اصبح الحضور الى المجالس الحسينية نوعا من الخيانة العظمى للوطن , والوقوف ضد الحزب والثورة, وامتلأت زنزانات البعث بالسجناء وافواج المعدومين.
ابتدأت خططهم الطائفية بمنع المجالس الحسينية في الشوارع والساحات ( حيث كانت الحسينيات قليلة فيقوم بعض اصحاب المهن بعقد مجالس حسينية في المقاهي والساحات والشوارع) مثل موكب البقالين , وسواق السيارات , والنجارين. والقصابين. الخ.
اقتصرت عام 1973 القراءة في الجوامع والحسينيات فقط, بسبب المنع, واستحدث موضوع ( اجازة القراءة الحسينية من امن المنطقة) صاحب هذا الاجراء حملة انتقامية من الخطباء واصحاب المواكب والحسينيات وغصت السجون بالموالين المخلصين, وتحرك الدم الطائفي في عروق البعثيين ضد الشعائر الحسينية, فتم اعدام عدد كبير من الخطباء والمعممين وتهجير عوائل تحت ذريعة التبعية لإيران , وتحول الجو العام في العراق الى ارهاب الدولة ضد الحسين(ع) والشعائر الدينية . وصلت الحال ان نعمل بالتقية المشددة خوفا على ارواحنا ,وصاحب الموجة البوليسية حملة اعتقالات طالت كبار الخطباء واعدام اخرين , ومن اشهرهم, اعتقال الشيخ عبد الزهراء الكعبي رحمه الله, ثم اغتياله بالسم من قبل مدير امن كربلاء , تم اعتقاله , ثم اطلاق سراحه بفعل المظاهرات التي جرت في العراق , ولكن هذا لا يمنع البعثيين ان يحاصروه ويضيقوا عليه الانفاس, في وقت كان الرجل يدافع عن عقيدته , وقد اثبت شرف عقيدته وانتماءه للمنبر الحسيني , فذهب ضحية ممارسات السلطة الظالمة التكريتية.
وهرب مجموعة كبيرة من الخطباء خارج العراق ,على راسهم الشيخ المرحوم احمد الوائلي والسيد جاسم الطويرجاوي واخرون, وظهرت جليا ادبيات حزب البعث وتبليغاته كأنها قوة تابعة لعبيد الله بن زياد, وكل من رضع الحقد ضد علي وابناءه (ع) فاكملوا الهجمة بالسهم, التي اطلقها عمر بن سعد يوم العاشر عام 61 هــ , وقال: اشهدوا لي اني اول من رمى ..انطلقت من جديد سموم الغدر والتقارير الحزبية الكارثية , واشتركت الماجدات المنتميات لحزب البعث يخترقن المجالس النسائية, وتم زرع عناصر من كل جهاز تابع الى الحزب في جميع المجالس الحسينية , واغلقت الحسينيات خلال خمس سنوات مع حملات دموية . ومنعت جميع المواكب منعا باتا, وصار من يضرب على صدره, كانه يقوم بانقلاب على الدولة ويعرض امنها للخطر , ويتحمل جميع التهم الطائفية الحاقدة على علي وابناءه(عليهم السلام) .
بل تم منع اشرطة الكاسية, وصار ازلام البعث المتلونين المنافقين يتصنتون على البيوت لعل في بيت ما صوت لراديو او مسجل يذكر مصيبة الحسين(ع) .. ووصلت الحال ان اقام عدي الكسيح احتفالات لدراويش الغربية ليلة العاشر ضرب الطبول والرمي في الهواء , ثم اقاموا بحفلة اعراس جماعي بين ابناء الرفاق ليلة العاشر من محرم ,لانهم يعلمون ان هذه التصرفات تحرق قلوب المكتوين بحب الحسين (ع) خاصة ليلة العاشر.
صلت الحال من يعلق راية حسينية على باب داره ,يتم اعتقاله بتهمة التجسس لدولة اجنبية , ويسجن ويتم اعدامه, واذا ابتسم له الحظ, فانه يسجن عشرين سنة ,ومن ممارسات حزب البعث( الوطني التقدمي) ان يمنع بناء الحسينيات في عموم العراق ,ومنع بناء جوامع للشيعة في العراق ,من فترة السبعينات الى سقوط النظام عام 2003 وزرع عيونهم في جميع الجوامع الشيعية القديمة, رغم الهجمة التي اثرت كثيرا على الجو العام, خاصة بعد منع المجالس في النجف وكربلاء والكاظمية , تم منع المجالس في جميع مدن العراق , من الكاظمية الى ديالى الى البصرة .
بالمقابل كانت المحاولات كثيرة ومتنوعة , من خلال مهنتي الخطابية علمت ان هناك رشاوى لبعض ضباط الامن , والاجهزة البعثية , يتم تقديم هدايا مغرية لهم ليسمحوا لحسينية معينة بقراءة العشرة الاولى من محرم (فقط) ,وغالبا ما تظهر الاجازة لتلك الحسينية بعد اليوم الرابع او الخامس من محرم, لم يبق الا خمسة ايام او اقل. لذر الرماد في العيون , واعطاء صورة للبعثيين الشيعة العار الذين يتمنون للبعث ان يقنعوا انفسهم ان حزب البعث ليس طائفي ولا عنصري مناطقي .
تكون الاجازة المخصصة للقراءة بشروط تعجيزية , منها ان يكون الخطيب من اهل المنطقة, ولا يسمح ان يتم الاتفاق مع خطيب من خارج المحافظة. وان لا يتعرض للحزب والثورة , وان يدعوا للسيد الرئيس , وان لا يذكر أي نقد لأي جهة, و , و .. ويتعهد صاحب المجلس بالتوقيع في دائرة الامن ان أي حدث امني يقع في المنطقة يتحمله صاحب الحسينية, ثم يستلم ضابط الامن او مسؤول المنظمة هديته ” الرشوة”.
في ظل هذه الشروط التعسفية, والاجواء المرعبة نشط البعثيون خاصة الشيعة للتصدي للتيار الحسيني , فكان التنظيم الحزبي يبلغ الناس في المقرات والدوائر والمعسكرات , يقرأ الرفيق المسؤول بتباهي الامر الصادر من قيادة الحزب , او قيادة الفرع نصا طائفيا ( يمنع منعا باتا على جميع الجهاز الحضور الى المجالس الحسينة , ومن يخالف يتعرض للمسائلة الحزبية ) التوقيع :صدام حسين امين سر القيادة القطرية.
اقسم بالله اني لا اتمكن ان انقل الاجواء المرعبة الانتقامية من ( ابناء الذوات الشيعة البعثيون)كيف ينصب غضبهم على اهل الحسينيات والمجالس, كانوا يخصصون لكل حسينية مفرزة تطوق المجلس الحسيني اكثر من عشرين مسلحا, يرتدون الزيتوني والجعب المملوءة عتادا, بعضهم يحمل رمانات يدوية , يقفون بباب الحسينية والشارع المؤدي لها, وكأنهم يقفون مع جيش ابن زياد للهجوم على انصار الحسين(ع) المعزين داخل الحسينية. اكتفي بهذا الجزء القصير من المسيرة الخالدة لحزب البعث موقف قياداته وموقف اعضاءه من الحسين (ع)