23 ديسمبر، 2024 2:32 ص

علاج الجرحى أولى من عمليات التجميل؟!

علاج الجرحى أولى من عمليات التجميل؟!

يُطلّق أي بطل عراقي الدنيا؛ منذ الّحظة الأولى التي يفكر في الذهاب الى المعركة، ويُسطر أمثلة في التضحية لا شبيه لها في العالم، ويسير بطريق لا عودة فيه؛ إلاّ بالنصر أو الشهادة وكقول الشاعر” ما سرت قطاً للقتال … وكان من أملي الرجوعُ”
الحرب ليست نزهة، ولا مزاح مع عدو تجاوز القيم الإنسانية، وصراع بين الإنحطاط والسمو، والخراب والإنتحار وبين النصر والشهادة.
فرضت طبيعة المعركة تقديم قوافل الشهداء، وجرحى بأبشع وسائل إستهداف الإنسانية، ولم يُفرق بين طفل صغير وشيخ كبير، ورجل وإمرأة، وليس هنالك وسائل كافية، يمكن أن تكون دروع وقاية؛ من عدو يفخخ المنازل والشوارع، وحدائق الأطفال وكتاب القرآن؟!
تَدافع على المعركة، وسباق على الشهادة، رغم قباحة العدو، وبالنتيجة تَزف قوافل الشهداء بفخر، ولكن يترك أطفال أيتام وأرملة وأم مفجوعة بلا رعاية، وجريح عالج جزء من آلامه، ويبقى جليس شهور أو يُعاق بفقد أحد أعضاءه، وفي الحالتين يحتاج أدوية باهضة الثمن، ورعاية وطعام خاص وعلاج نفسي وجسدي، او حاجة الى العلاج خارج البلاد.
يمكننا توجيه سؤال للمشرعين والمنفذين في الدولة، اللذين إختاروا لأنفسهم رواتب ومخصصات عالية، فليست الخضراء أخطر من حدود النار؟! وماذا قدمتهم كي تأخذوا تقاعد 80% كضمان لمستقبلكم؟! فلستم أنتم واجهات المجتمع؛ إذا كان هناك من يضحي بجسده من أجل محاربة الإرهاب والفساد، فما ضمانة عائلة شهيد، وماذا خصص لجريح ذهب مضحياً، وأعيق ثم تُرك وحده يصارع الحياة؟! وهل أن عمليات تجميلكم، أهم من علاج جرحى؛ لولاهم لما جلستم على الكراسي؟!
إن الدولة العراقية تلاشت لولا وجود المتطوعين حشداً وقوى أمنية، وخلفهم مجتمع غيور قدم الأب أبنه، والولد أبيه من أجل سيادة السلام، وقدموا صورة ناصعة تُعيد ماء وجه الوطن التي أضاعها الفساد والإرهاب السياسي، وإستعادوا هيبة بددها ساسة أعطوا مثلاً سيئً لإدارة الدولة.
للحرب نتائج وآلام يتحمل جزء منها المجتمع، وتنهض الدولة بجزئها الأكبر، وشعور المسؤولية، أن لا تدع أحد من رعاياك يتألم، وأنت نائم في النعيم.
الإهتمام بعلاج الجرحى ورعايتهم بعد الشفاء أو الإعاقة؛ أولى من إنفاق ملايين الدولارات على عمليات زرع الشعر وتعديل الأنوف والشفاه ووو، والعناية بالمواطنين وتجميل الأفعال؛ أفضل من وضع عدة مكياج؛ على وجوه كشف الشعب النقاب عن قباحتها، ومنازل الخضراء حق لأبناء الشهداء وراحة الجرحى، ومن بتر أحد أطرافه؛ أكثر شرفاً من الذي قطع أوصال تاريخ حافل بالتضحيات.